تقرير / الجزيرة الحمراء .. ماضِ عريق يروى تراث الأجداد في الغوص على اللؤلؤ والملاحة البحرية

تقرير / الجزيرة الحمراء .. ماضِ عريق يروى تراث الأجداد في الغوص على اللؤلؤ والملاحة البحرية

راس الخيمة (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 13 أغسطس 2020ء) تتميز الجزيرة الحمراء برأس الخيمة بتاريخ حافل، حيث تعد من آخر مواقع خروج السفن للغوص على اللؤلؤ وأنشطة الملاحة البحرية في هذا الجانب من الخليج العربي.

فقد هجر الجزيرة سكانها في ستينيات القرن الماضي وبقيت على حالها لسنوات عديدة، حتى بدأت فيها أعمال الترميم وأصبحت فيما بعد أحد المواقع الجاذبة لتصوير عدد من أفلام هوليوود خلال السنوات الأخيرة، حيث صُوّرَت فيها أفلام من بطولة ممثلين عالميين مثل براد بيت وريان رينولدز.

وكانت الجزيرة الحمراء جزيرة مد وجزر حتى سبعينيات القرن الماضي، ولقد تم ضمها ضمن مشروع كبير لاستصلاح الأراضي لتصبح جزءاً من البر الرئيسي، وأصبحت المنازل والمسارات المهجورة في الجزيرة الحمراء مقصداً يثير فضول سكان المناطق المجاورة. وتشهد المنطقة حالياً نقلة نوعية من خلال مشروع إعادة ترميم وتأهيل المنطقة لتصبح مزاراً سياحياً وثقافياً بالإضافة إلى استضافتها مهرجان رأس الخيمة للفنون البصرية في نسختيه السادسة والسابعة داخل أحد حصونها الذي تم ترميمه.

وقد سلط اعتماد الجزيرة الحمراء موقعاً لتصوير فيلمي "آلة الحرب" لبراد بيت و"6 أندرغراوند" لريان رينولدز، الأضواء عليها كمركز واعد لتصوير الأفلام السينمائية العالمية.

وقال مايكل باي مخرج 6 أندرغراوند": "لقد قمنا بالتصوير في الجزيرة الحمراء. إن هذا التنوع الذي تشهده المنطقة مذهل للغاية، حيث تجد مكاناً يقع على بعد خمس دقائق، يبدو وكأنه بلداً آخر كلياً".

ويعتبر كريستيان فلده، باحث الآثار الرئيسي في دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة، قرية "الجزيرة الحمراء" مكاناً فريداً من نوعه، وأن أعمال الترميم الجارية ستحافظ عليها لأجيال قادمة.

وأضاف فلده: "تمثل الجزيرة الحمراء البلدة الأخيرة والوحيدة للغوص بحثاً عن اللؤلؤ وتجارة اللؤلؤ والملاحة البحرية في هذا الجانب من الخليج فجميع القرى والبلدات الأخرى الواقعة على طول سواحل الخليج قد اختفت في طيات الزمن بسبب التطور والحداثة، لكن قرية الجزيرة الحمراء هي المكان الوحيد الذي حافظ على نمط الحياة التقليدي وطريقة البناء التقليدية في عصر ما قبل النفط والحداثة.".

وأضاف: " لقد استقرت الجزيرة الكبيرة في وقت ما في القرن السابع عشر لتصبح موقعاً مهماً وغنياً بالموارد البحرية. وإن وقوعها ضمن بحيرة، عاد عليها بفائدة إضافية تتمثل بسهولة الدفاع عنها ، ليس هناك معلومات واضحة عن أوائل سكان الجزيرة الحمراء ، ولكن المرجح أنها قد استوطنت من قبل قبيلة الزعاب في الفترة الواقعة من القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادي، حيث كانت قبيلة الزعاب أحد القبائل العربية التي تعمل في الملاحة البحرية والغوص على اللؤلؤ، وقد استوطن الزعاب الجزيرة الحمراء حتى أواخر ستينيات القرن الماضي، عندما انتقل عدد كبير من سكان القبيلة إلى أبوظبي تاركين غالبية المساكن على وضعها الحالي والذي ساهم في بقائها والمحافظة عليها من التدمير ".

وأشار كريستيان فلده: "ركزت عملية الترميم على القلعة والعديد من المساجد والمباني ذات الأهمية، مثل منزل بن دلم، وبيت عمران، ومنزل عبد الكريم، بالإضافة إلى منطقة قريبة من السوق. ويستمر المشروع وفق جدول زمني محدد لعمليات الترميم الدقيقة الجارية".

وتحظى المساجد بأهمية خاصة في المنطقة، حيث يتواجد عدد كبير من المساجد تم بناؤها خلال فترات مختلفة، وقد عُثر في إحدى هذه الحفريات على موقع تم فيه بناء مسجد /الجامع الكبير/ بشكل متكرر على نفس الأرض بمعدل سبعة مساجد على مدار أكثر من قرنين، حيث تم ذكر أحد مراحله في الوثائق البريطانية في القرن الثامن عشر، في حين تم تغيير موقع مسجد آخر خلال عدة عمليات من إعادة البناء.

وتقع المدينة الجديدة خلف متاجر الجزيرة التي تصطف اليوم على الطريق الرئيسي "E11" نحو مدينة رأس الخيمة. وقد شمل مشروع استصلاح الأراضي نطاقاً واسعاً من المنطقة حيث تم استغلال مساحة أخرى لبناء عدد من المشاريع المختلفة، بما في ذلك قرية الحمراء الحديثة والتي تشمل فنادق ومنتجعات ومساكن عصرية ومركزاً تجارياً، وتعتبر منطقة شهيرة للسياح ولسكان دولة الإمارات العربية المتحدة.

حتى يومنا هذا، لا يزال جزء كبير من قرية صيد اللؤلؤ الأصلية على حالها مما يجعلها مكاناً مثيراً للفضول للتجول، حيث يستحضر العابرون بها مشاعر العودة بالزمن الى حقبة الخمسينيات والستينيات. ومن الواضح أن هذه العوامل جعلتها موقعاً جذاباً لمخرجي الأفلام من جميع أنحاء العالم، ولا شك أن الشوارع الخلفية الترابية للجزيرة الحمراء ستكون بمثابة مواقع تصوير للعديد من الأفلام خلال المرحلة القادمة.

ومن جهته قال سعادة أحمد عبيد الطنيجي مدير عام دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة: "أصبحت الجزيرة الحمراء منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لمجتمع رأس الخيمة والمهتمين بها، والتي ستروي حكاية القرية وتحافظ على وجودها من أجل أجيال المستقبل. إن ترميم منطقة ذات أهمية تاريخية كبيرة ليس فقط بالنسبة لإمارة رأس الخيمة، بل لمنطقة الخليج العربي ككل، هي شهادة على الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، والذي يتابع باهتمام كبير تطور وتقدم الأعمال في المشروع، ويعد الداعم الرئيسي للأعمال التي نقوم بها".

وأضاف سعادته: "بدأت دائرة الآثار والمتاحف، ضمن مبادرة وتوجيهات صاحب السمو حاكم رأس الخيمة وبالتعاون مع هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة وشركة المرجان، أعمالاً واسعة النطاق لإعادة تأهيل مناطق الجزيرة الحمراء وإعادة أمجادها الماضية، انطلاقاً من الحصن الذي يستضيف مهرجان رأس الخيمة للفنون البصرية".

يسعى المشروع الجاري إلى فتح القرية أمام السياح، وتزويدها بلوحات معلوماتية باللغتين العربية والإنجليزية، وقد تم بالفعل وضع العديد منها في منطقة القلعة المفتوحة للجمهور والتي تقدم تفاصيل عن التاريخ، والبناء، والمواد المستخدمة في المباني.

بالإضافة إلى ذلك، تعتزم هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، الاستفادة من المنطقة وتعزيزها في المستقبل، وتضع ضمن جدول أعمالها الفعاليات الحية والمتاحف ومنافذ البيع بالتجزئة وورش الحرف اليدوية.

وقال راكي فيليبس، الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة: "تشكل الجزيرة الحمراء جزءاً لا يتجزأ من النسيج الثقافي في رأس الخيمة نظراً لأنها تكتسب مكانة بارزة من منظور تاريخي، ومن منظور ترميم الآثار أيضاً. تتميز هذه الجوهرة الحية بعبق الأصالة والتاريخ وتمزجهما في مزيج مبتكر يمثل إضافة كبيرة لوجهاتنا السياحية الفريدة. نحن نتطلع إلى الترحيب بالمسافرين من جميع أنحاء العالم لخوض تجربة التعرف على جزء صغير من ماضي رأس الخيمة، ونود كذلك أن نتطلع إلى ما سوف يحمله المستقبل لواحدة من أكثر رموزنا التاريخية والثقافية الثمينة".

تتميز الجزيرة الحمراء بالعديد من المعالم الجذابة، انطلاقاً من تاريخها العريق، وما تحتضنه من مجموعة واسعة من الفنون والثقافة وسحرها الأخاذ. لقد كانت الجزيرة جوهرة مخبأة في طيات الزمن، ولكنها ستعود ليسطع بريقها في عيون محبي التاريخ والثقافة والتراث من جديد،.