الرياض (پاکستان پوائنٹ نیوز 19 اكتوبر 2025ء) أصدرت دارة الملك عبدالعزيز حديثًا كتابًا علميًّا جديدًا بعنوان "الإمام محمد بن سعود: مؤسس الدولة السعودية الأولى"، ضمن سعيها الدؤوب لتوثيق المراحل التأسيسية للدولة السعودية ورجالاتها الأوائل الذين صنعوا ملامحها، ووضعوا أسسها الراسخة، في عملٍ بحثي يجمع الدقة الأكاديمية والبعد الثقافي.
ويقدّم الكتاب قراءة معمّقة في سيرة الإمام المؤسس الذي مثَّل نقطة التحوّل الكبرى في تاريخ الجزيرة العربية، حين أرسى من الدرعية معالم الدولة السعودية الأولى على مبادئ الوحدة والاستقرار والإصلاح.
ويضم الإصدار 242 صفحة تضيف إلى المكتبة التاريخية السعودية مرجعًا علميًّا ثريًّا من الدراسات التي أعدّها نخبة من الباحثين المتخصصين، تناولوا فيها شخصية الإمام محمد بن سعود من جوانبها السياسية والفكرية والاجتماعية، مستعرضين ملامح قيادته الحكيمة، ورؤيته في بناء الدولة، وإدارته لشؤون الحكم، والعوامل التي أسهمت في ترسيخ كيانٍ استمر أثره حتى يومنا هذا.
وتبدأ الدراسات البحثية المتخصّصة في الكتاب ببحث موسّع بعنوان "شخصية الإمام محمد بن سعود" للدكتورة مها بنت علي آل خشيل، عرضت فيه الأطر الزمانية والمكانية، والعوامل المُشكِّلة لشخصية الإمام، وأثر هذه الشخصية في إدارته للحكم وتثبيت الاستقرار، وهو فصل تحليلي متدرّج البنية يقوم على منهجٍ تاريخي وتحليلي واضح المعالم.
يلي ذلك بحث بعنوان "الإمام محمد بن سعود وجهوده في تأسيس الدولة السعودية (1139–1159هـ/1727–1746م)" من إعداد الدكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود، تناول فيه الدرعية نقطة تحوّل سياسية وتاريخية، متتبعًا عمل الإمام على تحويلها إلى عاصمة للدولة الناشئة، وتوحيد جهاتها.
ثم يأتي العمل المشترك الموسوم بـ "قيام الدولة السعودية الأولى: نظرية جديدة في تحقيب تاريخ نجد الحديث والجزيرة العربية" بقلم الدكتور صالح بن مخضور السلمي، والدكتور علي بن حسن النجعي، وهو طرحٌ تحقيبي يراجع خرائط الزمن السياسي والفكري لبدايات الدولة الأولى.
وتعقب ذلك دراسة للدكتور عبدالله بن سعد بن محمد أباحسين تحت عنوان "ولادة الإمام محمد بن سعود وإمامته وصفحات لم تُكتب في تاريخه"، وفيها عودة نقدية إلى الروايات المبكّرة عن قدوم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية ولقائه بالإمام، مع تفحّص منهجي لبعض تفاصيل الأخبار كما عند ابن بشر وابن غنام.
أما الدكتور يوسف بن عثمان بن محمد بن حُزيم فيقدّم بحثًا بعنوان "الإمام محمد بن سعود: الفكرة، والقوة، والنخبة"، وهو قراءة في نصوص المؤرخين ورحّالة العصر لتتبّع فكرة الدولة عند الإمام المؤسس، وكيف تفاعلت الفكرة مع القوة، ومع النخبة الفاعلة في الاجتماع السياسي الوليد.
ويضمّ الكتاب دراسة اجتماعية عمرانية بعنوان "جودة الحياة في الدولة السعودية الأولى (الدرعية العاصمة نموذجًا)" للدكتور بدران بن عبدالرحمن الحنيحن، ترسم ملامح انتقال الدرعية من حاضرة محلية إلى مركز حضاري نابض بالعمران والتنظيم، والأسواق، والأنشطة العلمية، وتقارب مفهوم "جودة الحياة" بمعايير زمنها.
وتأتي بعد ذلك دراسة بعنوان "رؤية الإمام محمد بن سعود" للدكتور محمد بن علي العبداللطيف، تُظهِر براهين الرؤية التخطيطية لدى الإمام، من تخطيط الأحياء، وتوسيع العاصمة إلى سياسة إبقاء الأمراء المحليين في مواقعهم؛ لترسيخ الوحدة، وتقرأ هذا كله في سياق تأسيس دولة راسخة الأركان.
ثم يُستأنف المحور السياسي بدراسة "دور الإمام محمد بن سعود في تأسيس الدولة السعودية (1139–1179هـ/1727–1765م)" للدكتور عبدالرحمن بن سعد العرابي، تناول فيها تحوّل الدرعية من "دولة مدينة" إلى نواة دولة واسعة النفوذ، مع مقارنات تفسيرية بتاريخ "المدن الدول" في أوروبا ومآلاتها.
ويتناول الدكتور حمد بن عبدالله العنقري في بحثه "إرث الإمام محمد بن سعود" أثر التجربة التأسيسية وامتداداتها المؤسسية والفكرية في الأجيال اللاحقة، مبرزًا عناصر الحكم الرشيد والمصلحة العامة في بناء شرعية الدولة واستمراريتها.
ويُختَم المتن العلمي ببحث الدكتور نايف بن علي السنيد الشراري الموسوم بـ "جوانب من شخصية الإمام محمد بن سعود وتأسيسه للدولة (1090–1179هـ/1679–1765م)"، وهو مسعى لتركيب الصورة الشخصية والسياسية للإمام عبر تتبّع الصفات القيادية، وكيفية انعكاسها على ترسيخ الحكم، وبناء الدولة الأولى.
ويضم الكتاب في نهايته "كشّافًا عامًّا" يُيسّر على القارئ والباحث ارتياد موضوعاته، وأعلامه وأمكنته، لتتكامل بهذه البحوث لوحةٌ تُعيد قراءة الإمام المؤسس ليس سيرة فردٍ فذّ فحسب، بل بوصفه عقل دولةٍ قيد التشكل، ورؤيةً سياسيةً واجتماعيةً صاغت بداية المملكة الحديثة.