الاقتصاد المصري عام 2021.. تعاف هش يواجه تحديات

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 29 ديسمبر 2021ء) مصطفى بسيوني. أخبار الاقتصاد المصري في 2021 كانت جيدة بشكل عام، ولكنها لم تكن كافية للقضاء على القلق، فعلى الرغم من الزيادة الملحوظة في النمو واستقرار في سعر الصرف، كان الدين الخارجي ينمو بدوره بوتيرة سريعة، فيما يبقى المستقبل القريب مرهون بتقلبات الاقتصاد العالمي جراء وباء (كوفيد 19) ومتحوراته، بما يحمله من تأثيرات محتملة على الاقتصاد المصري.

تمكن الاقتصاد المصري من مقاومة آثار (كوفيد 19) في عام 2020، ورغم تأثره بسياسات الإغلاق، والانكماش الذي شهدته أغلب اقتصاديات العالم، إلا أنه تفادى الانكماش ولم يحقق معدل نمو سلبي، وتمكن من كبح تراجع النمو، والذي سجل 3.3 في العام المالي 2020/ 2021، منضما بذلك إلى مجموعة محدودة من الدول التي حققت نموا إيجابيا في عام الوباء.

المقاومة التي نجح فيها الاقتصاد المصري في مواجهة الوباء مكنته من تعاف سلس خلال عام 2021، فارتفعت معدلات النمو على نحو ملحوظ، إذ حقق النمو في الربع الثالث من عام 2021 أعلى معدل نمو منذ عقدين 9.8 بالمئة، مرتفعا من 7.2 بالمئة في الربع السابق، فيما كان 2.9 بالمئة في الربع الأخير من عام 2020، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي في مصر في العام المالي 2021/ 2022 5.4 بالمئة، مقابل 3.3 بالمئة في العام المالي 2020/ 2021، فيما تتوقع الحكومة المصرية أن يتراوح معدل النمو بين 5.5 و5.7 بالمئة.

معدلات النمو الجيدة في عام 2021 صاحبها استقرار واضح في سعر الصرف طوال العام، فلم يشهد الجنيه أي تقلبات ذات شأن طوال العام، ورغم توقف البنك المركزي المصري عن سياسة خفض سعر الفائدة طوال العام، إلا أن الجانب الإيجابي للأمر أنه لم يضطر إلى رفع سعر الفائدة أيضا طوال العام، رغم تحولات السياسة النقدية في العالم، وإن كان مراقبون يتوقعون رفع سعر الفائدة العام المقبل تحت ضغط التضخم، وأيضا للحفاظ على تنافسية الفائدة في مصر في مواجهة أسعار الفائدة في العالم التي تتجه للارتفاع.

وعلى ذكر التضخم، لم تشهد مصر تقلبات عنيفة في معدلات التضخم، ولكن لم يخل العام من ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم، بلغ في النصف الثاني من 2021 6.6 بالمئة، مسجلا أعلى ارتفاع في 20 شهر، ورغم ذلك من المتوقع ألا يتجاوز التضخم 5.5 بالمئة خلال عام 2021، محافظا بذلك على مستهدفات البنك المركزي المصري.

وعلى صعيد احتياطات النقد الأجنبي لم يتغير الأمر كثيرا، ففيما بدأ عام 2021 باحتياطي بلغ 4.046 مليار دولار، يوشك أن ينتهي وحجم الاحتياطي 40.909 بالمئة، دون أن يتمكن من بلوغ النقط التي وصل إليها قبل وباء (كوفيد 19)، وهي حوالي 45 مليار دولار، ولكن تمكن على الأقل من كبح التراجع وتسجيل زيادة طفيفة شهريا.

الديون لازالت كعب آخيل في الاقتصاد المصري، حيث بلغ حجم الدين الخارجي في مصر في 2021 137.9 مليار دولار في الربع الثالث من 2021، فيما كان 129 في الربع الأول من العام، مضيفا أعباء جديدة إلى الموازنة العامة، حيث بلغت تكلفة خدمة الدين حوالي 30 بالمئة من الإنفاق.

أظهر الاقتصاد المصري تماسكا في عام 2020، ساعده على التحرك للأمام في عام 2021، ولكن لازال هناك ما يبعث على القلق في مسار الاقتصاد المصري والذي يؤدي اعتماده على الاستيراد والسياحة الوافدة إلى حساسية شديدة تجاه أي تغيرات في الاقتصاد العالمي.

كبير اقتصادي منظمة التجارة والتنمية بالأمم المتحدة، محمود الخفيف يوضح وضع الاقتصاد المصري في نهاية 2021 قائلا في تصريحات حصرية لـ"سبوتنيك" "بشكل عام الاقتصاد المصري كان من الاقتصاديات المعدودة في العالم التي لم تسجل نموا سلبيا جراء كورونا، وهو ما جعل تعافيه سهلا في عام 2021".

وأوضح الخفيف، أن "النمو الذي شهده الاقتصاد المصري في 2021 راجع بالأساس لقطاع الإنشاءات، رغم تضرر قطاعات أخرى مثل السياحة والتجارة الخارجية، ولكن النمو رغم أنه أمر هام، إلا أنه يكون إيجابيا في حالة استمراره لخمس أو عشر سنوات متتالية، ولكن تراجع النمو كل سنتين أو ثلاث سنوات لا يسمح بحدوث تراكم ورفع معدلات التوظيف، التقلبات في النمو بشكل عام تأثيرها سلبي على الاقتصاد".

وأشار  الخبير الاقتصادي، إلى الأثر السلبي لارتفاع الدين قائلا "مستوى الدين سواء المحلي أو الخارجي وصل لمعدلات عالية، تتجاوز قيمة الناتج المحلي، تقريبا 110 بالمئة من الناتج المحلي، كما أن فائدة الدين أصبحت عبئ على الموازنة، إذ بلغت حوالي ثلث الإنفاق، كما أن الدين الخارجي المقوم بالدولار ارتفع على نحو قد يمثل خطورة في حالة ارتفاع قيم الدولار أمام الجنيه، وبالمناسبة قد نضطر مرة أخرى لتعويم الجنيه، وبالتالي هناك ضرورة للسيطرة على الدين، وفهم العائد من الإقراض سواء الاقتصادي أو الاجتماعي".

الأرقام الجيدة التي نجح الاقتصاد المصري في تحقيقها لم يصاحبها بعد تحسن في المؤشرات الاجتماعية، وتحسن تلك المؤشرات تحتاج بشدة إلى استمرار تلك الأرقام على نحو مستقر من دون تقلبات، وهو ما سيختبره الاقتصاد المصري في العام المقبل.