بروكسل في27 أغسطس/وام/ أكدت منصة "بروكسل تايمز" الإخبارية أن الشراكة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبلجيكا باتت ضرورة استراتيجية تقتضيها مصلحة الاستقرار العالمي وتتجاوز الرمزية على صعيد الأمن والاقتصاد والابتكار.
وذكرت “بروكسل تايمز” في مقال على منصتها الإخبارية حول أهمية العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبلجيكا أنه وفي عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة، لم تعد الصراعات محلية أو محدودة الأثر، بل باتت تمتد بتداعياتها عبر القارات، تعطل التجارة العالمية، وتخلخل سلاسل الإمداد، وتلقي بأعباء إنسانية واجتماعية على دول تبعد آلاف الكيلومترات عن بؤرة التوتر.
وقالت إن الهجمات الأخيرة على خطوط الملاحة في البحر الأحمر عطلت التجارة الدولية وما تعرضت له صادرات الحبوب من معوقات في البحر الأسود عام 2022 فجّر أزمة غذاء عالمية، بينما أشعلت الحروب في غزة وسوريا وغيرها موجات نزوح تضغط على مجتمعات بعيدة وفي هذا السياق، يتضح أن أي دولة، مهما ابتعدت جغرافياً، ليست محصنة من "الموجات الارتدادية" لعدم الاستقرار ومن هنا تبدت أهمية العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبلجيكا وحيويتها.
وأوضحت أن الحرب في غزة سلّطت الضوء على هذا الواقع بعدما شهدت بروكسل في يونيو الماضي واحدة من أكبر المظاهرات المطالبة بوقف إطلاق النار وحل الدولتين ورغم استمرار الجدل السياسي داخل الائتلاف الحاكم في البلاد فإن بلجيكا اختارت أن تعبر عن التزامها عملياً عبر إجراءات إنسانية ملموسة.
وأشارت إلى أن وزارة الدفاع البلجيكية نفذت منذ بداية أغسطس الجاري سلسلة عمليات إسقاط جوي للمساعدات في غزة، شملت 190 طناً من الغذاء والماء والإمدادات الطبية، لتصبح بلجيكا ثاني أكبر مساهم في هذه الجهود الدولية، بعد الإمارات العربية المتحدة التي من جانبها كانت قد بادرت منذ أواخر 2023 بعمليات إسقاط جوي للمساعدات ما أبرز نهجها العملي السريع والفاعل في مواجهة الأزمات وهنا التقت رؤيتا الإمارات وبلجيكا واللتان تمثلتا في التحرك الميداني المباشر بدلاً من الانتظار أو الاكتفاء بالشعارات.
ونوهت إلى أن هذا التعاون لم يقتصر على الميدان، بل تجسّد مؤسسياً في بروكسل نفسها ففي مايو 2025، وعلى هامش المنتدى الأوروبي الإنساني، وقّعت "دبي الإنسانية "إحدى كبريات المؤسسات اللوجستية الإنسانية في العالم – اتفاقاً مع المفوضية الأوروبية
بحضور مسؤولين بلجيك وأوروبيين، لتعزيز التنسيق في سلاسل الإمداد والاستجابة للأزمات في خطوة جعلت من بلجيكا جسراً أساسياً لإبراز الدور الإماراتي الإنساني في أوروبا.
وأكدت “ بروكسل تايمز” أن السياسة الخارجية البلجيكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تكشف عن نقاط تشابه عميقة مع النهج الإماراتي فكلتاهما تدركان أن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الوحيد المستدام في منطقة تعصف بها الأزمات.
وأوضحت أنه على الصعيد الاقتصادي يقف التعاون بين البلدين على قاعدة صلبة بعدما بلغ حجم التبادل التجاري بين بلجيكا والإمارات 7 مليارات يورو عام 2023 غير أن تجارة السلع ليست سوى جزء من الصورة فهناك شركات بلجيكية كبرى مثل BESIX تركت بصماتها في الإمارات من خلال مشاريع كبرج خليفة وجامع الشيخ زايد الكبير.. فيما تواصل شركات بلجيكية أخرى مثل Jan De Nul وDEME تنفيذ مشاريع ضخمة بمجالات عدة تعكس كيف تتلاقى الرؤية الإماراتية الطموحة مع الخبرة البلجيكية المتخصصة.
ونوهت إلى أن الفرص المستقبلية تمتد إلى الطاقة المتجددة، الهيدروجين، التكنولوجيا المستدامة، الأمن السيبراني، والخدمات المالية المبتكرة موضحة أن انطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والإمارات فرصة تاريخية، شريطة ألا تكتفي بلجيكا بالنظر من زاوية الاتحاد الأوروبي، بل عليها أن تبادر بمبادرات وطنية مستقلة لتعزيز موقعها جسرا بين أوروبا والمنطقة.
وأكدت المنصة أنه في وقت يزداد فيه الانقسام العالمي تبرز بلجيكا والإمارات كدولتين فاعلتين تسعيان إلى الاستقرار والتعددية والدبلوماسية.
وقالت إنه سواء عبر العمل الإنساني في غزة، أو المساهمة في استقرار أسواق الطاقة، أو إطلاق مشاريع تنموية كبرى، فإن الشراكة بين البلدين لم تعد ترفاً، بل ضرورة استراتيجية.. مشددة على أن تعزيز العلاقات البلجيكية – الإماراتية ليس فقط في مصلحة الطرفين بل في مصلحة الاستقرار العالمي ككل.