هجمات الحوثيين الصاروخية على الإمارات قد تشكل فرصة لأبوظبي لاختبار قدراتها الدفاعية - خبير

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 25 كانون الثاني 2022ء) جميل الماس. اعتبر الخبير اليمني في الشؤون العسكرية والأمنية، علي الذهب، أن هجوم الحوثيين (جماعة أنصار الله)، مؤخرا، على الإمارات، قد يشكل فرصة سانحة لأبوظبي لاختبار قدراتها الدفاعية؛ تحسبا لأي حرب تلوح في الأفق​​​.

وقال الذهب، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، "لدى الإماراتيين القدرة على التصدي لهذه الهجمات أو لبعض منها، وهذه فرصة للإمارات لاختبار قدراتها الدفاعية في أي معركة قادمة.

هذه مسألة مهمة في البعد الاستراتيجي للجيوش. الإمارات لم تخض حربا على أراضيها منذ أن نشأت؛ وهذه فرصة لتختبر قدراتها الدفاعية الاستراتيجية في حماية البلاد".

وأضاف، "هذا التصعيد والهجمات من قبل الحوثيين تلتقي في نقطة واحدة، وهي وقف التصعيد الميداني في شبوة والجنوب وفي محافظة مأرب؛ خاصة وأن الإمارات هي من تقف وراء القوات (الحكومية اليمنية) على الأرض.

القوات التي تخوض المعارك أمام الحوثيين، تتلقى دعما إماراتيا، وهي بالأساس تأتمر بأمر القيادات الإماراتية. أعني بذلك، ألوية العمالقة، التي جلبت من الساحل الغربي للبلاد".

ويرى الخبير الأمني، أن جماعة أنصار الله لديها إمكانية للاستمرار؛ وقال، "هذه الإمكانية مدعومة إيرانيا ومرتبطة بالمفاوضات الإيرانية النووية مع دول 5+1 (مجموعة الدول العالمية الكبرى إضافة إلى ألمانيا).

الحوثيون يحاولون التأثير في السياسية الإماراتية، لحملها على وقف الدعم لهذه القوات؛ بحيث أنها لا تتجاوز حدود ما قبل 1990، وهي الحدود الشطرية (الحدود بين الشطرين الشمالي والجنوبي لليمن، قبل إعلان الوحدة)".

وفي المقابل، يرى الخبير، أن لدى الإمارات إمكانية لوقف تقدم "قوات العمالقة" في هذا الاتجاه؛ وفي نفس الوقت لديها حليفا يمنيا آخرا يتمثل في ألوية المقاومة الوطنية أو "حراس الجمهورية".

وهذا يعني، بحسب الخبير اليمني، أنه "لن يكون هناك وقف نهائي للتدخل الإماراتي الداعم للقوى المنخرطة ضمن قوات الحكومة المعترف فيها دوليا، وقفا دائما".

وتابع قائلا، "حتى وإن وقف هذا التصعيد في المرحلة الراهنة، فإنه سيبرز مرة أخرى، متى ما تحركت هذه القوات في أي منطقة.

لذلك، الإمارات تنظر من خلال بعد استراتيجي لهذه المسألة، ولا تنظر ببعد تكتيكي للعمليات الراهنة فقط".

وحول علاقة التصعيد العسكري في المنطقة بالمفاوضات النووية في فيينا؛ قال الذهب، "الإيرانيون من جانبهم يريدون حليفا قويا، ولا يمكن أن يخسرون الحوثيين؛ لأنهم يستخدمونهم الحوثيين، والعنف الصادر عنهم، لمصلحة هذه المفاوضات ومصلحة البرنامج النووي الإيراني".

وبخصوص تحديد سقف التصعيد بين الجانبين، وقدرة وإمكانيات كل طرف؛ قال، "هناك محددين لسقف التصعيد. المحدد الأول، وقف دعم الإمارات للقوات الموجودة في شبوة، بحيث لا تتجاوز حدود ما قبل 1990.

المسألة الثانية التوقيع على الاتفاق النووي، في إطار ما تطلبه إيران، أو على الأقل في المستويات المقبولة التي تنادي بها؛ خاصة فيما يتعلق بمشروعها الصاروخي والطائرات المسيرة. وهو برنامج موازي للبرنامج النووي".

أما فيما يتعلق بإمكانية كل طرف؛ قال الدهب، "الحوثيون لديهم الأسلحة التي تمنحهم إيران؛ ولكن هذه الأسلحة هي أسلحة تعطى لهم بالقطارة ( بوتيرة متقطعة).

لو كان لدى الحوثيين فعلا القدر الكافي من الأسلحة الاستراتيجية، التي تجعل الإماراتيين يذعنون لمطالبها بوقف العمليات العسكرية على الأرض؛ لأمطروا الإمارات والسعودية بعشرات الصواريخ، يوميا".

وأضاف في هذا الصدد، "الحوثيون لديهم إرادة تلتقي مع الإيرانيين؛ ولكن تضل المصالح الإيرانية هي الحاكمة للهجمات الصاروخية.

إيران تستخدم الحوثيين لمصلحتها، فهي من تمنحهم هذه الصواريخ وتطلقها وتشرف عليها إشرافا كاملا، وتتحكم فيها تحكما تاما".

ورجح الذهب، أن تلجأ الإمارات إلى "إعلان مراوغ"، حسب وصفه، للخروج من هذا الوضع؛ مثل أن تدعوا إلى أن يقوم اليمنيين بالدفاع عن أنفسهم أمام جماعة الحوثي؛ وفي هذه الحالة لن يكون لها مشاركة فاعلة.

وفي ذات الوقت، يعتبر الذهب، أن الإمارات لن تنسحب من المحافظات اليمنية الجنوبية، ومن مناطق بلحاف وميون وعبد الكوري؛ لافتا إلى ذلك يعني التخلي عن المكاسب التي حققتها، ومن بينها مكاسب جيواستراتيجية، "كانت أساسا ضمن أولوياتها في المشاركة في هذه الحرب".

ومجيبا على سؤال للوكالة، عما إذا كانت هناك معادلة جديدة ترسم للمنطقة أم أنه تصعيد عابر؛ قال الخبير اليمني، "الأمر وارد، لأن هناك صعودا إيرانيا، يقابله صعودا لدى دولة الكيان الصهيوني (يقصد إسرائيل).

هناك ضعف عربي، فالمنطقة ستكون محل تجاذبين قطبيين؛ ودون وجود إمكانية لصعود قطب ثالث، وإن كانت الإمارات تطمح لأن تحتل موقعها في رأس هذا المثلث، لكنها تواجه منافسة سعودية".

وختم الدهب حديثه إلى الوكالة، قائلا، "الخطر الحقيقي في هذه المعادلة، هو ما قد يقود اليمن إلى التمزق والانفصال.

قد تكون هناك تسوية بحيث تضمن بقاء الحوثيين في مناطق ما قبل 1990، على أن يكون هناك تسوية بين القوى الشمالية وبين الحوثيين؛ ويكون هناك يمن جنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطي السابقة)، على غرار ما كان قبل في هذه الفترة.

إلا أن الخطر الأكبر في أن يمزق الجنوب (اليمني)، لا سيما أن هناك محاولة حثيثة، لعزل شرقي المحافظات الجنوبية عن غربها".

وكانت جماعة أنصار الله (الحوثيين) أعلنت، الأسبوع الماضي، تبنيها قصف مواقع في منطقة مصفح الصناعية، ومطار أبو ظبي، ومواقع أخرى في السعودية؛ الأمر الذي قوبل بتنديد إقليمي وعربي ودولي كبير.

وتشهد الساحة اليمنية، منذ أواخر 2014، معارك عنيفة بين جماعة أنصار الله وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش الحكومي اليمني، مدعوماً بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وتشارك فيه الإمارات بقوة، من جهة أخرى.

وتهدف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، إلى استعادة السيطرة على مناطق واسعة وقعت في أيدي مقاتلي الجماعة، بينها العاصمة صنعاء، أواخر 2014.

وتنفذ جماعة "أنصار الله"، هجمات بطائرات مُسيرة، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة، تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، ومناطق مدنية وحيوية في السعودية والإمارات.

وتسبب النزاع الدموي في اليمن بمقتل وإصابة مئات الآلاف؛ فضلاً عن نزوح السكان، وانتشار الأوبئة والأمراض، وتدمير هائل في البنية التحتية للبلاد.