اليمن.. الغلاء يعمق آلام الحرب ويعقد محاولات استحضار بهجة العيد

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 18 يوليو 2021ء) على الرغم من الحرب المستمرة في اليمن منذ نحو سبع سنوات، يأبى اليمنيون الاستسلام للظروف التي خلفها الصراع على السلطة، من خلال الاستعداد لإحياء طقوس عيد الأضحى في ظل أزمات معقدة بدءاً بغلاء الأسعار وتدهور العملة وتوقف دفع رواتب الموظفين الحكوميين، وانتهاء بانقسام المؤسسات المالية والاقتصادية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، والمحافظات الخاضعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بما فيها العاصمة صنعاء.

أسواق تعج بالمتسوقين في صنعاء لشراء مستلزمات العيد من ملابس وأضاحي وحلوى، علها تضفي البهجة وتنسي اليمنيين آلام الحرب التي حولت بلدهم إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وجعلت أكثر من 80 بالمئة من سكانه البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات.

وبدت أسواق الملابس في شوارع جمال عبد الناصر والقصر الجمهوري وهايل وسط صنعاء، عامرة بالمتسوقين رغم غلاء الأسعار، إلا أن دفع حكومة "الإنقاذ الوطني" المشكلة من جماعة "أنصار الله" نصف راتب للموظفين الحكوميين كان سبباً في حركة تلك الأسواق.

يؤكد فواز حميد وهو موظف في إحدى شركات القطاع الخاص، لوكالة سبوتنيك، أن الحرب أفقدت العيد بهجته وجعلته ضيفاً ثقيلاً بسبب الاعباء المالية اللازمة للوفاء بالتزاماته.

ويقول حميد: "شراء ملابس لأطفالي وإسعادهم هو كل ما أسعى إليه.. لم نعد نشعر بسعادة العيد ونريد أن نراها في عيون أطفالنا، ولكن أسعار الملابس هذا العام مرتفعة جداً".

ويضيف أنه تسلم راتبه الذي لا يتجاوز 60 ألف ريال يمني (نحو 100 دولار أمريكي = الدولار في صنعاء يساوي 600 ريال)، وأصبح في حيرة من أمره كيف له أن يتمكن من شراء ملابس لأطفاله الأربعة وأضحية وتخصيص جزء منه لحلوى العيد الخاصة بالضيوف الزائرين.

صالح الذماري مهندس في حديقة بصنعاء، تحدث، لوكالة سبوتنيك، أثناء بحثه عن فستان لطفلته ابنة العامين، عما لحق بمصدر رزقه من ضرر بالغ جراء عزوف الزوار عن زيارة الحدائق بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19".

يحكي الذماري كيف اضطرت إدارة عمله، بسبب تراجع الايرادات، إلى تخفيض راتبه إلى 50 ألف ريال يمني يدفع أكثر من نصفها ايجار لمنزل يقطنه.

ويضيف: زادت الأوضاع سوءاً.. فقدنا مدخراتنا وبعنا ما نملكه لنعيش، نتمنى أن تتوقف الحرب وتستعيد البلاد انفاسها.

إلهام محمد - ربة منزل، تقول ان زوجها العامل في العاصمة المؤقتة عدن أرسل لها وأطفالها الثلاثة مبلغ 150 ألف ريال يمني لتغطية مصاريف العيد، إلا أن شركة الصرافة خصمت عمولة تحويل قدرها 40 بالمئة، ليبلغ صافي ما تسلمته 90 ألف ريال، وهو عبء جديد تحمله اليمنيون نتيجة انقسام المؤسسات المالية في صنعاء وعدن.

ويرجع اقتصاديون سبب الازدواج المالي إلى منع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) الجديدة من الأوراق النقدية الجديدة التي طبعتها الحكومة في الخارج لمواجهة أزمة السيولة، إذ أصبح للريال اليمني سعران أمام العملات الأجنبية في صنعاء وعدن، حيث يبلغ سعر صرف الدولار الأميركي في صنعاء 597 ريالاً، في حين تجاوز في عدن حاجز 1000 ريال.

أسواق المواشي شهدت هي الأخرى ارتفاعاً في الأسعار، حيث بلغ متوسط سعر الخروف المحلي في صنعاء بين 50 ألف و70 ألف ريال يمني، ووصلت أسعار الماشية المستوردة من الصومال إلى 120 ألف ريال.

ويرجع تاجر المواشي صالح العوامي ارتفاع الأسعار إلى قرار اتخذته جماعة "أنصار الله" بمنع ذبح صغار وإناث المواشي، مضيفاً أن تراجع سعر صرف العملة أمام الدولار الأميركي ضاعف تكلفة استيرادها، علاوة على دفع المستوردين رسوماً مزدوجة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية والمناطق التابعة لحكومة "أنصار الله".

أحمد المسوري أحد منتسبي شرطة المرور وقف حائراً في سوق للمواشي شرق صنعاء، كونه لم يجد أضحية للعيد تناسب المبلغ الذي يملكه، ما دفعه إلى الاشتراك مع أخيه لشراء خروف بمبلغ 60 ألف ريال.

في العاصمة المؤقتة عدن كان لتدهور الريال تأثير كبير على حركة الأسواق، حيث كان الإقبال ضعيفاً بسبب تراجع القوة الشرائية.

كما يؤكد المواطن مروان غانم، لوكالة سبوتنيك، صعوبة الظروف التي يحل فيها العيد على عدن، مشيراً إلى ارتفاع "جنوني" في أسعار الملابس عدم قدرة كثير من المواطنين على شرائها، فيما وصلت أسعار أضاحي العيد إلى أكثر من 100 ألف ريال، في ظل انقطاعات متكررة للكهرباء.

ويجمع اليمنيون على أن إيقاف الحرب وإيجاد حل سلمي للصراع هو السبيل لوضع حد للمآسي والمعاناة المتصاعدة يوماً بعد آخر، ليتفرغ أبناء اليمن لإعادة إعمار ما خلفته الحرب، ويستعيدوا التسمية التي عرف بها البلد العربي منذ القدم .. "اليمن السعيد".