مبادرة "صناع الأمل" .. قصص ملهمة من الأردن و السعودية

مبادرة "صناع الأمل" .. قصص ملهمة من الأردن و السعودية

دبي (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 09 أبريل 2019ء) نجحت مبادرة " صناع الأمل" في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي ممن يتطلعون للإسهام في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي.

و تلقت المبادرة حتى اليوم آلاف قصص الأمل من أفراد ومجموعات لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو الاسهام في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

وتسعى مبادرة صناع الأمل إلى نشر قصص ملهمة من العالم العربي لأشخاص كانوا مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل.. نستعرض بعض القصص التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي.

القصة الأولى.. العمل المخلص الدؤوب والتعاون مع الخيرين والمتطوعين..

الأب شوقي بطريان جعل "سيدة السلام" سندا لأصحاب الهمم.

خمسة عشر عاما مرت على انطلاقة مشروع "مركز سيدة السلام" الأثير إلى قلبه.. كان ينظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة في الأردن، فلا يرى سوى هممهم العالية وقدراتهم الكامنة وأحلامهم الملهمة التي تتخطى الحواجز والعقبات فقرر مبكرا أن يكون أخا لهم في الإنسانية يقف إلى جانبهم ويساندهم، ويعرف محيطه بمتطلباتهم وإمكاناتهم وطموحاتهم، ليصنع مع آخرين مثله أملا وحافزا لهم بقيت جذوته متقدة منذ عام 2004 وحتى اليوم.

درج على تسمية العاملين والمتطوعين والمتعاملين مع مركز سيدة السلام لذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة الأردنية الهاشمية عائلة واحدة، لأنهم يهتمون بكل قضايا أصحاب الهمم في الأردن من الجنسيات والخلفيات الدينية والعرقية كافة دون تمييز كأسرة كبيرة، ويخدمونهم دون مقابل، ويبذلون من وقتهم وجهدهم ومالهم لتمكينهم وتأهيلهم ورعايتهم.

ولا يوفر الأب شوقي من موقعه كمدير عام للمركز الذي يقدم خدماته لأكثر من 2000 شخص سنويا عبر فروعه المنتشرة في الأردن مناسبة اجتماعية أو عامة إلا ويغتنمها للتعريف بالطاقات والقدرات الاستثنائية لأصحاب الهمم سفيرا لأحلامهم وطموحاتهم ومواهبهم وحقوقهم على المجتمع، منطلقا في عمله وعمل المركز من ركيزتين أساسيتين هما المحبة والتعليم.

أعوام طواها وهو يبني الجسور مع مؤسسات المجتمع الفاعلة ويعقد الشراكات مع هيئات عامة ومنظمات دولية وأهلية لتوفير مختلف احتياجات أصحاب الهمم، فإذا بالمركز يصبح سندا فعليا للأطفال من أصحاب الهمم في كل المراحل حتى سن 14 عاما.

وها هو المركز اليوم يقدم مجانا خدماته المتنوعة لأصحاب الهمم في كل من قسم تربية وتعليم الأطفال من عمر 6 إلى 14 عاما، وقسم التدخل المبكر لتدريب وتأهيل الأطفال ممن يواجهون تحديات في التعلم، وقسم النطق واللغة للطلاب الذين يعانون من صعوبات في التعبير عن أنفسهم، وقسم العلاج الطبيعي والوظيفي لتدريب الأطفال الذين يعانون صعوبات حركية، وقسم الأطراف والجبائر الاصطناعية، إضافة إلى عيادة الطب العام التي تقدم خدمات الرعاية الصحية للأطفال من أصحاب الهمم بالتعاون مع منظمات طبية دولية.

و من أكثر مبادرات المركز التي يفخر بها الأب شوقي وحدات العلاج الطبيعي الذي يوفره المركز لأصحاب الهمم مجانا رغم ارتفاع تكاليف هذا النوع من العلاجات التي تتطلب عادة الكثير من الجلسات وذلك بفضل التبرعات من مختلف شرائح المجتمع، بأفراده ومؤسساته، وبجهود مجموعة من المتطوعين.

وقد نجح المركز بفضل هذه الجهود في توفير هذه الخدمات في فروع تابعة له في مناطق مختلفة من المملكة الأردنية الهاشمية مثل الفحيص والزرقاء والمفرق وعنجرة.

ويأمل أن تتواصل المساهمات المجتمعية والمؤسسية لدعم وتمكين أصحاب الهمم صحيا وتعليميا وحلمه أن يتوسع نشاط المركز بمختلف فروعه ليصبح قادرا على فتح أبوابه مستقبلا أمام اليافعين من سن 14 إلى سن 18 عاما لتأهيلهم مهنيا وحرفيا وصقل طاقاتهم ومهاراتهم المتميزة ليصبح بمقدورهم الاعتماد على أنفسهم وإيجاد فرص عمل مناسبة تضمن لهم الحياة الكريمة، وتبني لهم مستقبلا مشرقا.

القصة الثانية: بالأنشطة المشتركة والألعاب الجماعية والحركية.. "شاركني المرح" تعيد الآباء إلى الأبناء.

كان يلاحظ على بعض طلابه في المدرسة الابتدائية التي يعمل فيه الشرود الطويل أو الانشغال عن الدرس أو ضعف التركيز.. يدقق في أنشطتهم اللاصفية قبل بدء الحصص أو في فترات الاستراحة في الباحة الخارجية للمدرسة أو في حصص النشاط الرياضي والفني فيجد أكثرهم ينزوي إلى أركان بعيدة.

لا يتحدثون مع زملائهم ولا يلعبون مع أصدقائهم ولا يمارسون الرياضات أو الهوايات.. بدأ يسأل أقرانه من الأساتذة في مدرسته فأفادوا بتكرار حالات مشابهة في فصولهم الدراسية، حينها قرر أن ساعة العمل قد دقت.

فما كان من الأستاذ السعودي عبد الرحيم المالكي إلا أن دعا بعض أولياء أمور الطلبة إلى لقاءات ودية بالتنسيق مع إدارة المدرسة، طرح عليهم المسألة فامتد بينهم حوار ذو شجون ورأى أن للمشكلة جذورا وفروعا لكن عنوانها واحد إنها الشاشات الذكية والإلكترونية التي سرقت أوقات الآباء والأمهات قبل أن تأسر اهتمام الأبناء والبنات.

و بعد أن سمع من الناس وطالع في الصحف وشاهد في نشرات الأخبار قصصا مقلقة عن ألعاب إلكترونية تسيطر على عقول الأطفال والمراهقين، وتسلب تركيزهم، وتؤثر على صحتهم النفسية، وتضر تحصيلهم المدرسي، وتغير سلوكهم الاجتماعي، قرر مع مجموعة من زملائه المدرسين وعدد من الطلبة المتطوعين تشكيل فريق تطوعي لتنفيذ مبادرة أطلقوا عليها اسم "شاركني المرح".

هدفهم من المبادرة كان واضحا منذ البداية وهو جعلها بسيطة وقابلة للتطبيق في كل البيوت بأبسط الوسائل، لمساعدة أولياء الأمور على قضاء مزيد من الوقت النوعي والمفيد والممتع مع أبنائهم، وتعزيز العلاقة بينهم من خلال أنشطة تفاعلية وألعاب تخرجهم جميعا من مستطيلات الشاشات الرقمية للهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية أو أجهزة الكمبيوتر إلى فسحة وقت عائلي يشكل متنفسا للأسرة، ويعزز تلاحمها، ويمنح الأطفال شعورا بالانتماء والأمان والحب والرعاية والاهتمام.

و تشجع المبادرة الأسر على ممارسة الألعاب الجماعية التي تعزز الألفة و التواصل بين الطفل والأهل و تنمي قدراته على التواصل والتفاعل مع محيطه بثقة.

كما تقدم "شاركني المرح" قائمة من الألعاب الحركية التي تطور المهارات الرياضية للأطفال وتعزز تنسيقهم الحركي وتساعدهم على استكشاف هواياتهم الرياضية واهتماماتهم الشخصية.

و يفخر الأستاذ عبد الرحمن بأن الطلاب أنفسهم أصبحوا اليوم عماد المبادرة، فهم يتطوعون لنشر بهجة اللعب الجماعي من منزل لآخر تحت إشراف مدرس متطوع وبالتنسيق مع إدارة المدرسة وأولياء الأمور.. ويشعر بفخر أكبر وهو يرى ثمار المبادرة تتجسد تغييرات إيجابية في سلوكيات بعض التلاميذ، وارتفاعا في منسوب تفاعلهم الاجتماعي، وتحسنا في أدائهم داخل الصفوف الدراسية وخارجها، ونموا في تحصيلهم العلمي.

وأمله أن يستمر نجاح المبادرة بتوسيع نطاقها و نشر نموذجها في مدارس آخرى وفي كل مكان اتسعت فيه الفجوة بين الآباء والأبناء لسبب أو لآخر لتغرس الطاقة الإيجابية من جديد و تعيد التواصل الاجتماعي إلى ميادينه الحقيقية وهي دفء الأسرة وصحبة المدرسة وحلقات الأصدقاء.