إثيوبيا تلملم جراح حرب 2021 وتواجه تحديات سياسية واقتصادية في عام 2022

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 08 كانون الثاني 2022ء) سلمى خطاب. تدخل إثيوبيا عام 2022 وهي تئن من حرب أهلية دامية خاضتها القوات الحكومية الإثيوبية ضد متمردي جبهة تحرير تيغراي والقوات المتحالفة معهم، استمرت لأكثر من عام، وانتهت قبل نهاية عام 2021 بأيام قليلة، لتبدأ البلاد مرحلة جديدة في محاولة لملمة آثار الحرب، ومواجهة تحديات سياسية واقتصادية واسعة​​​.

2021 عام الحرب والأزمات

مر عام 2021 على إثيوبيا تحت وطأة حرب دامية، أسفرت عن مقتل وإصابة ونزوح آلاف الأشخاص، إذ اشتدت الحرب بين قوات الحكومة الإثيوبية من جانب وقوات جبهة تحرير تيغراي التي تحالفت هذا العام مع جبهة تحرير الأورومو، ما كثف الضغط على الحكومة الإثيوبية، ودفع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى تسليم مهام منصبه مؤقتا لنائبه، والخروج بنفسه إلى الجبهة لمقاتلة المتمردين، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

بدأ عام 2021 والقوات الحكومية الإثيوبية تسيطر بالكامل على عاصمة إقليم تيغراي ميكلي، لكن الأوضاع انقلبت عقب إعلان جبهة تحرير تيغراي استعادة السيطرة على مدينة ميكيلي عاصمة الإقليم في نهاية حزيران/يونيو الماضي، بعد نحو 7 أشهر من سيطرة القوات الحكومية عليها، ثم أعلنت الحكومة الإثيوبية وقفا آحاديا لإطلاق النار، خاصة مع تزايد الانتقادات الدولية لحكومة آبي أحمد حول انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في إقليم تيغراي وتدهو الوضع الإنساني.

استؤنفت المعارك من جديد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث اتهمت الحكومة الإثيوبية قوات جبهة تحرير تيغراي بتنفيذ هجمات، وقصفت عاصمة الإقليم عدة مرات، قبل أن تبدأ جبهة تحرير تيغراي في الزحف خارج الإقليم والسيطرة على عدد من المدن والبلدات، حتى سيطرت على مدينة شوا روبيت التي تبعد نحو 200 كيلومتر فقط عن العاصمة أديس أبابا.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي تكليف نائبه، وزير الخارجية ديمكي ميكونين، بتولي مهام رئاسة الوزراء، وتوجهه إلى قيادة المعارك من الجبهة الأمامية.

لكن لم يمر أسبوعين على هذا القرار حتى أعلنت جبهة تحرير تيغراي أنها أصدرت أوامر لقواتها بالانسحاب من الأقاليم والمناطق المجاورة والعودة إلى حدود إقليم تيغراي، داعية لإحلال السلام مع الحكومة الإثيوبية.

وكان مسؤولون عن الجبهة قد أكدوا في تصريحات في عدة مناسبات أن هدفهم ليس السيطرة على العاصمة أو الحكم، ولكنها قادرة على ذلك إن أرادت، وقال زعيم جبهة تحرير تيغراي، دبرتسيون غبرميكائيل، في خطاب موجه للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في كانون الأول/ديسمبر الماضي أن أوامر القوات بالانسحاب تأكيدا لدعوة الجبهة لإحلال السلام ولا تعني هزيمتها.

في المقابل، أعلنت الحكومة الإثيوبية بعد نحو 3 أيام من إعلان جبهة تحرير تيغراي الانسحاب، أنها أنهت عملياتها العسكرية ضد الجبهة، مؤكدة أن العملية العسكرية حققت أهدافها الرئيسية، وفي مطلع العام الجاري 2022 قالت الحكومة الإثيوبية أنها لن تدخل قواتها إلى داخل إقليم تيغراي، كما أعلنت عن الإفراج عن عدد من السجناء السياسيين بينهم قادة لجبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير الأورومو.

واندلعت الحرب شمال إثيوبيا، في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بين القوات الاتحادية وقوات جبهة تحرير تيغراي التي تسيطر على إقليم تيغراي الواقع شمالي إثيوبيا، بعد إعلان الحكومة الإثيوبية تأجيل انتخابات أيلول/سبتمبر 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو ما رفضته سلطات الإقليم، التي صممت على إجراء الانتخابات داخل الإقليم.

ورغم أن إثيوبيا أجرت انتخاباتها التشريعية التي فاز فيها حزب الازدهار الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء آبي أحمد في حزيران/ يونيو الماضي، إلا أن الانتخابات لم تجرى في إقليم تيغراي أيضا بسبب الحرب والأوضاع الأمنية في المنطقة.

الوساطة والأطراف الخارجية

منذ اندلاع الصراع في عام 2020 أكدت الحكومة الإثيوبية في أكثر من مناسبة أنها لن تتفاوض مع جبهة تحرير تيغراي بوصفهم "إرهابيين" وأن هدفها ليس "التفاوض مع الإرهابيين وإنما إخضاعهم للقانون".

ومع اشتداد الصراع، اتهمت الحكومة الإثيوبية جبهة تحرير تيغراي بتلقي دعم خارجي من دول لم تسمها بشكل مباشر، كما اتهم المتمردون حكومة أديس أبابا بالاستعانة بالجيش الإريتري في القتال.

ورغم نفي أديس أبابا إدخال قوات من الجيش الإريتري إلى الإقليم، أظهرت فيديوهات وصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي جنود الجيش الإريتري يحاربون جنبا إلى جنب مع القوات الإثيوبية.

وخلال أكثر من عام من الحرب رفضت أديس أبابا وساطات من السودان وأوغندا وكينيا وجنوب السودان وغيرها من الدول التي عرضت الوساطة.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وبعد تهديد المتمردين بالزحف إلى العاصمة، بدأ مبعوثون أفارقة في لعب دور الوساطة يقودها الاتحاد الإفريقي من أجل الوصول إلى حل سلمي.

كما دعم المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان هذه الجهود، وأجري زيارة إلى أديس أبابا في الشهر ذاته حيث التقى مع مسؤولين من الحكومة والمتمردين، وأكد عقب عودته أن هناك فرصة لإحراز تقدم عبر الوساطة التي يقودها الاتحاد الإفريقي، وهي الجهود التي أعلن عن العمليات العسكرية من من الجانبين بعد بدأها بنحو شهرين.

بحسب تقرير للأمم المتحدة، فإن الحرب في إقليم تيغراي جعلت من 9.4 مليون شخص "يعيشون أسوأ كوابيسهم"، حيث يعيش نحو 7.8 مليون شخص خلف خطوط القتال بين القوات الحكومية والمتمردين، بينهم 3.7 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات العاجلة.

وفي تقرير لبرنامج الغذاء العالمي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أشار إلى نحو 350 ألف شخص في إثيوبيا معرضون لخطر المجاعة، كما أشار التقرير إلى أن 50 بالمئة من النساء الحوامل والمرضعات في إقليمي أمهر وتيغراي يعانون من سوء التغذية.

وبحسب التقرير، فإن شمال إثيوبيا يحتاج إلى نحو 316 مليون دولار لرفع الخطر في شمال إثيوبيا، إضافة إلى 579 مليون دولار لتغيير حياة 12 مليون شخص حول البلاد خلال الستة أشهر المقبلة.

كما أدت هذه الحرب إلى نزوح 2.1 مليون شخص داخليا وخارجيا، بسبب الهرب من القتال، بحسب تقارير المفوضية الأممية السامية للاجئين.

أما من حيث عدد الضحايا، فلا يوجد عدد موثق حتى الآن للقتلى، لكن إحصاء غير رسمي لنشطاء من إقليم تيغراي وثق مقتل3080 شخصا منذ اندلاع الحرب وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

ورغم أن الحكومة الإثيوبية أعلنت الأسبوع الماضي عن إطلاق حوار سياسي شامل بهدف إنهاء هذه الحرب، كما أطلقت سراح عدد من السجناء بينهم قادة في جبهة تحرير تيغراي وجبهة الاورومو، إلا أن تقارير إعلامية اليوم السبت قالت إن الحكومة الإثيوبية شنت ضربة جوية على مخيم للنازحين المحليين في الإقليم أسفرت عن مقتل 56 شخصا وإصابة 30 آخرين على الأقل.