أصوات حقوقية واقتصادية مصرية تدعم فكرة تجميد حقوق الملكية الفكرية حول لقاحات مضادة لكورونا

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 11 مايو 2021ء) مصطفى بسيوني. أثارت دعوات تعليق حقوق الملكية الفكرية لابتكار لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد لإتاحة إنتاجه على نطاق أوسع ردود أفعال متباينة، بين مؤيد وداعم لتلك الدعوات التي سيكون من شأنها تمكين الدول النامية من إنتاج اللقاحات والتوسع في تطعيم المواطنين، وبين أصوات معارضة لتلك الدعوات معتبرة إيها مضرة بمصالح الشركات الكبرى ومشككة في جدواها​​​.

مسؤول ملف الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، علاء غنام، يرى أن هذا الإجراء لا مفر منه اليوم في مواجهة الوباء، خاصة أنه إجراء يتفق مع قواعد منظمة التجارة العالمية، حيث أكد في تصريحات خاصة لوكالة سبوتنيك "إسقاط حقوق الملكية الفكرية عن لقاحات كورونا حل إنساني وعادل وضروري في هذه المرحلة، كما أنه يعبر عن التضامن البشري، لا يوجد أمام البشرية سوى أن تنتج ما يطعم 70 بالمئة من السكان لتحقيق المناعة الجماعية، وهو أمر في غاية الصعوبة لو طبقنا قاعدة العرض والطلب".

وأضاف غنام "إزاء ما حدث في الهند. الدول المتوسطة والفقيرة ستواجه صعوبة شديدة في الحصول على اللقاحات إلا إذا تعاونت الدول الكبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة مع الدول المتوسطة مثل مصر وأصبح هناك إنتاج محلي هذا هو الحل الوحيد".

وأوضح غنام "المشكلة في الشركات الكبرى العابرة للقومية، المشكلة ليست في روسيا والصين، لأن طبيعة الشركات هناك أنها تابعة للدولة وستلتزم بسياسات دولها، على الأقل في التعاون في التصنيع، وحتى استرازينيكا في أكسفورد، المشكلة في الشركات الكبرى، مثل فايزر وموديرنا يمكن ألا تلتزم بالقرارات السياسية التي تتخذ على مستوى الدولة أو على المستوى الأممي، بعض هذه الشركات أقوى من الدول".

وأكد غنام "من جانب آخر بنود اتفاقية التجارة تعتبر حالات الأوبئة استثنائية وتعطل فيها حقوق الملكية الفكرية، هذه الشركات قد تخالف ما هو منصوص عليه صراحة في قوانين موجودة بالفعل وهو يستدعي التصدي لها يجب أن يقف العالم أمامها ويرفع عليها دعاوي قضائية لإلزامها بالقانون، أداة الإلزام المتوفرة هي المسار القانوني ورفع دعاوى على تلك الشركات وحرمانهم من الأرباح الطائلة التي تجنيها الشركات".

وتابع غنام "من الجيد اتفاق مصر مع روسيا والصين لتصنيع لقاحي "سبوتنيك. في" وسينوفاك في مصر هذا الحل الوحيد لتطعيم المصريين بنسبة جيدة تحقق مناعة جماعية بنهاية العام الجاري".

من جانبها أشارت أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، عالية المهدي، في تصريح لوكالة سبوتنيك، إلى تجربة سابقة في العام الماضي تدعم التوجه لتعليق حقوق الملكية الفكرية، وهي إتاحة تصميمات أجهزة التنفس الصناعي مجانا وأكد في تصريحات خاصة لوكالة سبوتنيك "مساعي إسقاط حقوق الملكية الفكرية عن لقاحات [مضادة] لكورونا أمر ضروري جدا في ظل الجائحة التي تواجهها البشرية لتحقيق المزيد من إنتاج اللقاحات وتوفير التطعيم لقطاعات واسعة البشرية لمواجهة الوباء، من الضروري تكاتف الدول جميعا لتوفير اللقاح لكل السكان في العالم".

ونبهت المهدي إلى أن "التمسك بحقوق الملكية الفكرية في تلك اللحظة لن يساعد ولكن إسقاط حقوق الملكية الفكرية هو ما سيساعد في التوسع في الإنتاج والتطعيم حماية للبشر، أعتقد أن تلك المساعي لها فرصة كبيرة في النجاح لأن المصلحة المشتركة للبشرية في تلك اللحظة تقتضي ذلك".

وتابعت المهدي "هناك تجربة جيدة قريبة، الشركات المنتجة لأجهزة التنفس الصناعي أتاحت العام الماضي تصميمات وطريقة إنتاج الأجهزة على الإنترنت ليستخدمها من يستطيع دون حقوق ملكية فكرية، وفي ظل الانتشار الكبير للفيروس وتوحشه في دول فقيرة مثل الهند ودول أميركا الجنوبية لا سبيل للمواجهة إلا بالتخلي عن حقوق الملكية الفكرية".

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام دعمه لتعليق حقوق الملكية الفكرية للقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد لإتاحة إنتاجها على أوسع نطاق.

ومن جانبه أعللن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) فكرة تستحق الدراسة وإنه منفتح على الفكرة، وهو ما رحبت به منظمة الصحة العالمية، وهو ما يعد دعما كبيرا لدعوة تزعمتها كلا من الهند وجنوب إفريقيا ضمن حوالي 60 دولة أخرى لتعليق حقوق الملكية الفكرية مؤقتا لمواجهة الوباء، فيما يتوقع مراقبون مناقشة القضية في منظمة التجارة العالمية الشهر المقبل، وسط آمال عريضة بتغليب حياة البشر على أرباح الشركات الكبرى.

ولكن الدعوة التي جذبت تأييد وتعاطف الكثير من الأطراف لم تحظ بنفس التأييد لدى منتجي اللقاح الذي استعدوا لجني أرباح طائلة، ومع ظهور دعوات تعليق حقوق الملكية الفكرية للقاح فقدت شركة بيونتيك الألمانية المصنعة للقاح 12 بالمئة من قيمتها في بورصة فرانكفورت، كما فقدت شركة كيورفاك الألمانية 10 بالمئة من قيمتها السوقية. وهو ما دفع ألمانيا لإعلان تحفظها على اقتراح التعليق، فيما يعد الاتحاد الدولي لصناعات وجمعيات الأدوية، أشد معارضي الاقتراح.

وفيما تبدو الأرباح التي توقعتها شركات الأدوية المنتجة للقاح هي السبب الأكثر وضوحا لرفض اقتراح تعليق حقوق الملكية الفكرية، يعتبر المعارضون لتلك الدعوات، أن تعليق حقوق الملكية الفكرية، سيضعف الحافز لدى الشركات لتطوير منتجاتها، كما أن تعليق حقوق الملكية الفكرية لن يؤثر على المدى المتوسط في إنتاج اللقاح، لأن الأمر لا يتعلق بحقوق الملكية الفكرية بقدر ما يتعلق بالقدرات الإنتاجية.