القاهرة تسعى لتكوين تحالف اقتصادي وعسكري مع دولتي السودان وجنوب السودان – خبيران

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 01 ديسمبر 2020ء) محمد الفاتح. زار الرئيس عبد الفتاح السيسي دولة جنوب السودان السبت الماضي، وبحث مع الرئيس سلفا كير ميارديت في العاصمة جوبا ملفات سد النهضة واتفاق السلام وجملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، فيما تمثل الزيارة الأولى من نوعها لرئيس مصر إلى جنوب السودان​​​.

وقال الخبير في شؤون جنوب السودان، المثنى عبد القادر، لوكالة سبوتنيك، "تشير زيارة الرئيس السيسي إلى جنوب السودان والاتفاق على ملفي التعاون العسكري، ومياه النيل وتأهيل وتدريب كوادر دولة جنوب السودان، إلى أن تحالفا جديدا ينشأ في المنطقة ليس بمعزل عن حكومة الخرطوم التي أجرت مناورات جوية مع مصر خلال الشهر الماضي".

واعتبر عبد القادر أن هذا التحالف "العسكري"، الذي يحمل معه ملف نهر النيل أو قضية المياه، يشير عن قرب إلى قيام منظومة إقليمية جديدة تحمل قضايا المنطقة أيضا، ومصر كانت شاهدا على اتفاق جوبا للسلام بين حكومة الخرطوم والجبهة الثورية وفي نفس الوقت أصبحت داعما لاتفاق السلام المنشط في جنوب السودان".

وتابع موضحا "ظهر ذلك خلال لقاء الرئيس السيسي في جوبا مع النائب الأول لرئيس جنوب السودان زعيم المعارضة المسلحة الدكتور رياك مشار، بالتالي يوضح ذلك مدى الدور المصري في محاولة تقريب وجهات النظر بين أطراف الاتفاقية التي تعاني هذه الفترة من جمود جراء عدم تنفيذ الترتيبات الأمنية".

وتوقّع عبد القادر إجراء مناورات بين مصر وجنوب السودان على غرار المناورات التي أجرتها مصر والسودان، وقال "ربما ستكون هناك مناورات مشتركة مستقبلية تجمع الدول الثلاث، ما يشير إلى أن الزيارة وضعت لبنات البناء الأساسي للتحالف المصري مع دولتي السودان وجنوب السودان".

وحول ملف المياه عبر عبد القادر عن قناعته بأن التكامل بين الجانبين السوداني والمصري والذي تعزز بضم جنوب السودان سوف يمنح الدول الثلاث وضعا جديدا موازيا للتحالف الذي كان قبل سنوات عندما كان السودان يدعم إثيوبيا في مقابل مصر إبان النظامين السابقين (نظام الرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين) حيث كانت أديس أبابا والخرطوم تدعمان بناء سد النهضة ضد رغبة القاهرة، وأيضا تدعمان المعارضة المسلحة بجنوب السودان ضد الرئيس سلفاكير، ما يعني أيضا أنه هذا كان بمثابة حلف ضد مصر أيضا".

واعتبر عبد القادر أن التطور الراهن بزيارة الرئيس المصري إلى جنوب السودان، يشير إلى أن القاهرة تمكنت من ضم دولتي السودان وجنوب السودان، ويفسح المجال أيضا إلى ضم مزيد من الدول في شرق إفريقيا ما يساعد القاهرة تلقائيًا على المساهمة في إحلال السلام والأمن والاستقرار في الدولتين بالإضافة للدول التي ستنضم أيضا للتحالف الجديد".

واستطرد عبد القادر، قائلا "المنطقة بعد ما شهدته من تغييرات في الأنظمة تتجه لبناء تحالفات تساعدها على الاستقرار الإقليمي، ويتضح ذلك التوتر الجاري بين الصومال وكينيا، بالإضافة لما ستسفر عنه الانتخابات الأوغندية في (كانون الثاني) يناير المقبل، والانتخابات في جيبوتي المرتقبة في (نيسان) أبريل القادم".

كما أوضح الخبير السوداني أنه "في الإطار الدولي، نجد أن بعض التحالفات الجديدة تستبق تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جوزيف (جو) بايدن، بسبب التأثيرات الدولية التي يمكن أن تطرأ على المنطقة بعد تجاذبات الدخول التركي والروسي والصيني العميق لدول شرق أفريقيا".

ومن جهته قال مدير معهد الدراسات الاستراتيجية بجامعة "أمدرمان الإسلامية"، صلاح الدومة لوكالة سبوتنيك، إن "زيارة رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي إلى حاضرة جنوب السودان (جوبا)، لا تنفصل عن الأهداف الاستراتيجية التي تود القاهرة تحقيقها منذ انفصال جنوب السودان واستقلاله عن السودان".

ورأى الدومة أن مصر "تعتقد أنها الأكثر استفادة من ذلك حتى من الولايات المتحدة، وإسرائيل وأي دولة أخرى ساهمت في استقلال جنوب السودان".

وأضاف "جوبا بالنسبة للقاهرة مدخل لأفريقيا بدون عبور الخرطوم فضلاً عن أنها يمكن أن تستغلها في نزاعها مع أثيوبيا فيما يتعلق بأزمة سد النهضة".

وقطع الدومة بأن الهدف الأساسي من زيارة السيسي إلى جوبا "هو الاستفادة منها في تعزيز الصراع في إثيوبيا بين الحكومة وبين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي المتمردة عليها، لأن "إنهاك أثيوبيا يضعف موقفها التفاوضي في مفاوضات سد النهضة".

كانت الخارجية الإثيوبية قد نفت صحة تقارير متداولة حول طرد سفير جنوب السودان لدى أديس أبابا. وقال الناطق باسم الخارجية السفير دينا مفتي، حسب وسائل إعلام، إن "ما يشاع في وسائل الإعلام حول طرد إثيوبيا لسفير جنوب السودان بأديس أبابا، غير دقيق ولا أساس له من الصحة".

وأكد دينا مفتي متانة العلاقات الإثيوبية مع جنوب السودان، مشيرا إلى أنهما ترتبطان بعلاقات قوية في مختلف المجالات، ونتطلع إلى تعزيزها ورفع المستويات لصالح الشعبين.

ودعا الناطق باسم الخارجية الإثيوبية إلى عدم الاكتراث بمثل هذه الشائعات "التي تهدف إلى إرباك علاقات شعبي البلدين".

كان الناطق باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي قال، في بيان صحافي، إن الرئيس السيسي عقد جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بالقصر الجمهوري في العاصمة جوبا، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين.

وأدلى الرئيس السيسي أدلى  بتصريحات صحفية مشتركه مع نظيره الجنوب سوداني في ختام الزيارة إلى جوبا، جاء فيها "لقد أجرينا مباحثات ثنائية معمقة ومثمرة، عكست توافر الإرادة السياسية المشتركة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية المتكاملة بين البلدين في مختلف المجالات، بما يسمح بالاستغلال الأمثل لقدراتنا لخدمة مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، مضيفا و بحثنا سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف المستويات، وعلى رأسها التنسيق السياسي والعسكري والأمني خلال هذه المرحلة المهمة التي تمر بها المنطقة.

كما تم بحث المجالات الاقتصادية والتجارية، والسعي للارتقاء بمعدلات التبادل التجاري بين البلدين، وتشجيع الاستثمارات المصرية في دولة جنوب السودان، بما يحقق المنفعة المشتركة للبلدين إلى جانب تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مجال الموارد المائية والري والجهود المشتركة لتعظيم الاستفادة من موارد نهر النيل.

وفيما يتعلق بالأوضاع في جنوب السودان، بحث الجانبان تطورات تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان، وكذلك اتفاق السلام الذي احتضنته جوبا الشهر الماضي بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية.

وتداولت وسائل إعلام، الأحد الماضي، أنباء عن طرد أديس أبابا سفير جنوب السودان على خلفية تقارير تحدثت عن هروب زعيم جبهة تحرير تيجراي، دبرا صيون جبراميكائيل، إلى جنوب السودان.