الرئيس اللبناني يدعو المجتمع الدولي إلى المساعدة في إعادة إعمار بيروت

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 24 سبتمبر 2020ء) دعا الرئيس اللبناني ميشال عون، المجتمع الدولي إلى مساعدة بلاده في إعادة إعمار بيروت بعد الانفجار الذي ضرب مرفأها، مقترحاً تقسيم المناطق المتضررة في العاصمة اللبنانية إلى بقع بما يسهّل قيام عدة دول بالمساعدة في عملية إعادة  الإعمار.

وقال عون في كلمة ألقيت عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء اليوم الأربعاء، إن "أضرار الانفجار المادية غير مسبوقة، فناهيك عن أن مرفأ بيروت، المعبر الحيوي للنشاط الاقتصادي في لبنان، شبه مدمر، هناك ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية متضررة ومنها ما أصبح غير صالح للسكن، ونحو 300 ألف شخص بلا مأوى​​​. يضاف إلى ذلك الخراب الكبير في البنى التحتية وشبكة الكهرباء وشبكات المياه".

ولفت الرئيس اللبناني إلى أن تداعيات الانفجار "لن تطاول فقط النشاط الاقتصادي، بل سترفع معدلات الفقر التي كانت 45 بالمئة قبيل الانفجار وفق تقييم البنك الدولي، والذي قدر الخسارة الاقتصادية المتأتية عن الانفجار بحوالي 3.5 مليار دولار والأضرار المادية بحوالي 4.5 مليار دولار واحتياجات إعادة الإعمار الطارئة بحوالي ملياري دولار".

وأضاف أن "بيروت أُعلنت مدينة منكوبة وتولى الجيش إدارة الإغاثة بالتعاون مع سائر الأجهزة والصليب الأحمر وجمعيات غير حكومية مرخصة ومتطوعين، فأجرى عمليات المسح لتحديد الأضرار وتقييم الاحتياجات، وتسلم المساعدات المحلية والدولية وتولى توزيعها، وكان الحرص على اعتماد أقصى معايير النزاهة والشفافية".

وشدد عون على أن "هناك حاجة كبيرة إلى دعم المجتمع الدولي لإعادة إعمار الأحياء والمرافق المدمرة كلياً، ولعل الحل الأسلم هو تقسيم المنطقة المدمرة إلى بقع جغرافية تلتزم كل دولة تود المساعدة بقعة محددة وتتولى إعادة إعمارها مباشرةً"، لافتاً إلى أنّ "المرحلة التالية هي لإعادة الإعمار، وتتولى غرفة الطوارئ المتقدّمة السهر على ترميم الوحدات السكنية والتجارية المتضررة جزئياً، ولكن المشكلة الكبرى هي في الأحياء والمرافق المدمرة كلياً".

وفي ما يتعلق بسير التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، قال الرئيس اللبناني إن "كل لبنان يريد معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، وقد أحلنا ملف الانفجار إلى المجلس العدلي وهو أعلى هيئة قضائية جنائية في لبنان، وجرى تعيين محقق عدلي وهو يقوم بتحقيقاته وإجراءاته".

وأضاف "فور حصول الانفجار طلبنا المساعدة التقنية الدولية في التحقيق لقدرة بعض الدول على  تزويدنا بصور الأقمار الاصطناعية لحظة وقوع الانفجار ومعرفة مسار وقصة الباخرة المحملة بنيترات الأمونيوم منذ انطلاقها حتى وصولها الى مرفأ بيروت، وتحليل التربة والمواد وكل ما من شأنه أن يظهر ماذا حصل"، مشيراً "فرقاً من عدة دول جاءت للمساعدة التقنية بالتحقيق، وقامت بالأبحاث اللازمة ولم نزل بانتظار معلوماتها عن لغز الباخرة كما عن صور الأقمار الاصطناعية لجلاء الغموض في هذا الجزء من التحقيق".

وتطرق عون في كلمته إلى المصاعب الاقتصادية التي يواجهها لبنان، إذ أشار إلى أن "لبنان في أزمة غير مسبوقة، وهناك تراكمات انفجرت دفعة واحدة، وركود قاس بسبب الوضع الاقتصادي، أضيفت إليه أزمة كوفيد-19 وتداعياتها، وأخيرا جاءت كارثة انفجار المرفأ لتضربه في القلب، إنسانيا واقتصاديا ما جعل الوضع متأزما إلى حد كبير، ويضاف إلى كل ذلك أزمة النزوح السوري المستمرة منذ عشر سنوات".

وأضاف أنه على الرغم من أن لبنان ليس بلد لجوء نهائي ودستوره لا يقبل التوطين، إلاّ أنه قد تعامل مع أزمة النزوح من مبدأ الواجب الإنساني واحتراماً للقانون الدولي وخاصةً مبدأ عدم الإعادة القسرية"، مطالباً "بتكثيف الجهود للعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين، وعدم ربطها بالحل السياسي في سوريا خصوصاً بعد أن أصبحت آمنة بمعظمها".

وأكد عون أن "لبنان التزم أمام المجتمع الدولي القيام بحزمة إصلاحات إدارية ومالية واقتصادية تهدف الى تسهيل عملية النهوض التي نتطلع إليها جميعاً".

من جهة ثانية، قال عون إن "لبنان متمسك بحقه الكامل في مياهه وثراوته الطبيعية من نفط وغاز، وبكامل حدوده البحرية بحسب القانون الدولي ويتطلع إلى دور الأمم المتحدة والدول الصديقة لتثبيت حقوقه، وتحديدا وساطة الولايات المتحدة الأميركية لإجراء المفاوضات اللازمة لترسيم الحدود البحرية بشكل نهائي بحسب القانون الدولي"، مطالباً المجتمع الدولي

"بإلزام إسرائيل وقف خروقاتها للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، ووقف استباحة أجوائه واستعمالها لضرب الأراضي السورية، وحثها على التعاون الكامل مع اليونيفيل لترسيم ما تبقى من الخط الأزرق والانسحاب الفوري من شمال الغجر، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا".

وفي الشأن الإقليمي، أكد الرئيس اللبناني أنه "مع الحديث المتزايد عن حلول في الشرق الأوسط، نعيد التشديد على أن أي مفاوضات يجب أن تتطرق إلى الحلول المستدامة التي ترعاها المرجعيات المعنية لا سيما قرارات الأمم المتحدة ومنها القرار 194 الذي يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة. كما نذكر في هذا الإطار بمبادرة بيروت للسلام عام 2002".

وختم عون كلمته قائلاً "في المئوية الأولى لإعلان لبنان الكبير، لا يسعنا سوى التأكيد بأن الشعب اللبناني بكل أطيافه، يتمسك بالحفاظ على لبنان كبيراً، موحداً، من دون أي تقسيم أو تجزئة"، لافتاً إلى أنّ "التعاطف الدولي مع لبنان بعد انفجار المرفأ هو إشارة للمستقبل الذي نصبو إليه، للأمم المتحدة التي نحتاجها، والتي أرادت لاجتماعنا هذا العام أن يكون تحت عنوان: إعادة تأكيد التزامنا الجماعي بالعمل المتعدد الأطراف، والذي يمكن اختصاره بعبارة واحدة: التضامن لأجل الخير".