حكومة الإمارات تقدم نموذجاً استباقياً لتشريعات المستقبل

حكومة الإمارات تقدم نموذجاً استباقياً لتشريعات المستقبل

دبي (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 03 نوفمبر 2019ء) في منتصف يوم مزدحم بالذاهبين إلى قضاء أعمالهم، وعلى طريق منحنى جبلي في إحدى المدن السويسرية، ظهرت سيارة ذاتية القيادة، تسير بالسرعة المحددة لها على الطريق، وظهر أمام السيارة وبشكل غير متوقع من جهة اليمين إمرأة تدفع عربة طفل أمامها، وفي نفس الوقت وعلى الجانب الآخر من الطريق ظهر ثلاثة شباب يعبرون إلى الجانب الآخر، يتوقف الزمن للحظات أمام الراكب في السيارة ذاتية القيادة، ولا يدري كيف ستتعامل هذه السيارة الذكية مع الأمر، أي اختيار سيكون الأصوب طبقاً لحسابات التكنولوجيا الذكية؟ هل ستصدم السيارة الأم وطفلها؟ أم هل ستصدم الثلاثة شباب العابرين للطريق؟ أم ستصطدم بالحاجز الحديدي على يمين أو يسار الطريق وتخاطر بحياة الراكب؟ كانت هذه إحدى السيناريوهات المعقدة التي وضعها البروفيسور ستيوارت مادنيك، الأستاذ بمعهد MIT، أمام طلبته في محاضرة عن المعضلات الأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأشار إليها في مقال له في وول ستريت جورنال، وقال إن سيناريوهات شبيهة قد تحدث وتتكرر في الواقع مستقبلاً، وعلينا الاستعداد للتعامل معها، من خلال الدراسة العميقة والشاملة للآثار الإنسانية والاختيارات الأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، قبل التشريع باستخدامها في المجتمع، والعمل مع صانعي هذه التطبيقات على تعديلها إن تطلب الأمر لضمان عدم تجاوزها الحدود الإنسانية والأخلاقية.

ويؤكد الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي أن تطبيقات هذه المجال ستضمن مستقبل أفضل للإنسانية، وستجعل الحصول على الخدمات أسهل واسرع، ولكن في المقابل علينا دراسة الآثار الأخلاقية المحتملة لهذه التطبيقات، والعمل بشكل استباقي مع صانعي السياسات والتشريعات لتوفير البيئة التشريعية الملائمة، والتي تواكب التغيرات المتوقعة التي تأتي بها التكنولوجيا.

تأتي هذه الاستباقية والقراءة المستقبلية للتغيرات التي تجلبها تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى عالمنا على الأجندة المشتركة لحكومة دولة الإمارات ومجالس المستقبل العالمية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، والتي تستضيف دبي اجتماعاتها السنوية على مدار يومي 3 و 4 نوفمبر 2019، بمشاركة أكثر من 700 مستشرف وعالم وخبير ومسؤول ورائد أعمال، في 35 مجلساً متخصصاً، ومنها ما يعنى بالتطورات التكنولوجية المتلاحقة وآثارها، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع عقول العالم وصانعي القرار لضمان عدم تخطي التطور التكنولوجي المتسارع الحدود الإنسانية والأخلاقية.

وتعكس استضافة دولة الإمارات لاجتماعات مجالس المستقبل العالمية حرص حكومة الإمارات على تعزيز تعاونها وشراكاتها مع الحكومات والمنظمات الدولية من جهة، وأيضاَ حرصها على تعزيز استباقيتها في التعامل مع المتغيرات والتحديات المستقبلية من جهة أخرى، فكان تأسيس حكومة الإمارات لمختبر التشريعات التجريبية في يناير 2019، بالشراكة مع مؤسسة دبي للمستقبل، وهو المختبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، الذي يهدف إلى توفير دراسات مستقبلية لجوانب العمل الحكومي المرتبطة بالتشريعات.

ويعد مختبر التشريعات الأكبر من نوعه لتصميم المستقبل بشكل استباقي، وذلك من خلال تطوير آليات وتشريعات المستقبل، تقوم على معايير الابتكار والتقنيات؛ كالذكاء الاصطناعي والتنقل الذكي، وغيرها من القضايا الإبداعية، وفق بيئة تشريعية آمنة ومحكمة وموثقة، تتم بإقرار تشريعات جديدة، أو تطوير وتحديث التشريعات الحالية، وتنظيم مجالات العمل التقنية والتكنولوجية الحديثة، والتشجيع على الاستثمار الآمن في القطاعات المستقبلية بما يدعم رؤية الإمارات 2021 ، ومئويتها 2071.

وكما يؤكد دائما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، إن "الإمارات تقود العالم في التشريعات المستقبلية؛ فهي بما تملكه من مقومات وما حققته من نجاحات قادرة على احتضان الإبداع والابتكار من جميع أنحاء العالم"..

لذلك تمثل اجتماعات مجالس المستقبل العالمية فرصاً للعمل معاً على تطوير تشريعات محكمة لبيئة تجريبية آمنة وواضحة لتقنيات المستقبل، وتواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، وتحاول معه الحكومات الاستباقية والرائدة الوصول إلى إجماع عالمي حول متطلبات تحقيق التوافق بين التطور التكنولوجي المتسارع والطموحات المجتمعية، وتوفير إجابات شافية على تساؤلات أخلاقية وإنسانية لضمان مستقبل آمن للبشرية.