" حوارات المواطنة الشاملة " تنطلق في أبوظبي

" حوارات المواطنة الشاملة " تنطلق في أبوظبي

أبوظبي (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 12 نوفمبر 2018ء) بدأت في أبوظبي اليوم فعاليات مشروع منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الجديد حول " المواطنة الشاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "، وذلك بالتعاون مع وكالة ويلتون بارك التابعة لوزارة الخارجية والكومونولث البريطانية ومركز كساب للحوكمة الثقافية التابع لمؤسسة أديان اللبنانية.

حضر الفعاليات، أكثر من مائة شخصية من العلماء والمفكرين وممثلي الأديان في الشرق الأوسط، بينهم اللورد طارق أحمد من ويمبلدون ووزير الدولة البريطاني للكومنولث والأمم المتحدة، ومعالي محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، ومعالي عبدالله المعتوق المستشار في الديوان الأميري بدولة الكويت، ومعالي فيصل بن معمر رئيس مركز الملك عبدالله لحوار الحضارات.

وأشاد معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالنهج الذي تتبعه دولة الإمارات في ترسيخ مبادئ المواطنة التي تتسم بوضوح الهدف والواقعية في مراعاة خصوصية السياق المحلي، منوها في هذا الصدد إلى إصدارها " قانون مكافحة التمييز والكراهية ".

وقال، خلال افتتاح الفعاليات، إن كلمته تتمحور حول 4 منطلقات، الأول في بيان منطلق مشاركة منتدى تعزيز السلم والتعريف بإعلان مراكش، والثاني حول مقومات المواطنة في إعلان مراكش، والثالث حول المبادئ المؤطرة لحقوق المواطنة، والرابع حول شتم المقدس وضرورة مراجعة مفهوم حرية التعبير.

ونوه إلى أن حوارات المرحلة الأولى في أبوظبي تأتي لمناقشة كيفية تعزيز المواطنة الشاملة في البلدان ذات الأغلبية المسلمة في الشرق الأوسط للخروج بتصور مؤصل للمواطنة الشاملة، مستمد من النصوص الدينية، ومراع للسياق الحضاري المعاصر، المتمثل في الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية، فضلاً عن السعي لتقديم تشخيص دقيق للعراقيل والتحدّيات التي تحول دون تحقيق هذا المفهوم الشامل للمواطنة، والعقبات التي تعترضه في بلدان الشرق الأوسط.

وأكد معالي الشيخ ابن بيه أن " شراكة منتدى تعزيز السلم مع ويلتون بارك بدأت في مؤتمر روما سنة 2018، الذي دعا إلى العمل لتعزيز المواطنة الشاملة والشعور بالانتماء الوطني، ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف والعنف والكراهية؛ إلا أن اهتمامنا في منتدى تعزيز السلم بالمواطنة ليس وليد الساعة بل يعود إلى سنوات، عندما شرعنا في مشروع من عدة حلقات تفكيرية، ارتكزت على دراسة قضية الأقليات وإطارها العام، المتثمل في مفهوم المواطنة ".

وحول مقومات المواطنة الشاملة في إعلان مراكش، قال معالي ابن بيه إن المواطنة في الماضي كانت تقوم على العرق أو الدين أو التاريخ المشترك، إلا أنها في العصر الراهن أخذت منحى تعاقديا في إطار تعددي أو ما يسميه هابرماس بالمواطنة الدستورية، أي شعور الفرد بانتمائه إلى جمـاعة مدنية مؤسسة على عقد مواطنة يسوي بين الجميع، مايعني أن المواطنة رباط أو رابطة اختيارية معقودة في أفق وطني يحكمه الدستور.

وأضاف " سعينا من خلال إعلان مراكش إلى تأصيل هذا المفهوم الجديد للمواطنة انطلاقا من صحيفة المدينة المنورة بوصفها أساسا صالحا للمواطنة التعاقدية في المجتمعات الإسلامية، وخيارا يرشحه الزمن والقيم للتعامل مع كلي العصر؛ لتفعيل المشترك الإنساني وتحييد عناصر الإقصاء والطرد، ولقد كان الاهتمام في إعلان مراكش متوجها إلى قلب المعادلة ليكون الانتماء الديني حافزا لتجسيد المواطنة وتحييد سلبيات تأثير عامل الاختلاف الديني عليها، وعليه سنواصل في هذا اللقاء النقاش حول مسألة المواطنة كمفهوم جديد يعبر عن علاقة متبادلة بين أفراد مجموعة بشرية تقيم على أرض واحدة، إطارها دستور ونظم وقوانين تحدد واجبات وحقوق أفرادها، ورابطة تتسامى على الفئوية لكنها لا تلغيها، وإنما تتواءم معها وتتعايش معها تعايشاً سعيداً، وسوف نناقش الضوابط التي ترتقي بها المواطنة إلى المؤاخاة؛ وذلك من خلال الربط بين المواطنة وإطارها الناظم، المتمثل في مقصد السلم والمحافظة على النظام العام؛ إذ من دون سلام لا حقوق؛ لأن فقدان السلم فقدان لكل الحقوق؛ بما فيها حق المواطنة، فالسلام هو الحق الأول والمقصد الأعلى، الذي يحكم على كل جزئيات الحقوق، فلا يمكن أن نتصور مواطنة سعيدة بالمعنى الذي نبحث عنه في بيئة متشنجة، ولاسبيل إلى تحقيق مواطنة شاملة إلا من خلال استراتيجية السلم، معتبراً أن اختلاف وجهات نظرنا في هذه اللقاءات بدهية، إلا أن نبل الأهداف وسمو الغاية سيجعل اختلافنا في النهاية يثمر تكاملا إيجابيا وتصورا شاملا حول هذا المفهوم المهم والحساس ".

وفي ما يتعلق بحرية التعبير وشتم المقدس، شدد الشيخ ابن بيه على ضرورة مراجعة كثير من المفاهيم المرتبطة بالمواطنة، مثل مفهوم حرية التعبير؛ إذ لا بد من ربط عنوان الحريات الدينية بالسلم الاجتماعي، وربط مبدأ حرية التعبير، الذي أصبح مبدأ مقدساً في الحضارة السائدة؛ بمبدأ المسؤولية عن نتائج التعبير.

وقال " إن الدعوة إلى حرية تدنيس المقدس هي من نوع الحرية الموهومة والمحرضة على العنف والكراهية، والمؤذنة بالإساءة على النظام العام للمجتمعات، واختلال السلم المجتمعي " ، معتبراً أن مفهوم حرية التعبير لايزال يثير من الإشكالات ما يستوجب من أهل الاختصاص أن يعيدوا النظر فيه، لبيان حدوده وضبط متعلقاته وجلاء الغموض الذي يشوبه، باعتبار علاقة هذا المبدأ بالسلم الاجتماعي، وباعتبار المعيارية القانونية المتثملة في علاقته بالنظام العام.

واستعرض معالي الشيخ ابن بيه عدداً من الأمثلة على تقييد الحريات بمبدأ النظام العام في التراث القضائي الغربي، منها منع الحكومة البريطانية عرض فيلم " رؤى النشاوى "؛ لأنها اعتبرته فيلما قادحا في شخص سيدنا المسيح عليه السلام، حيث أكدت القرار محاكم المملكة المتحدة، وبعد رفع مخرج الفيلم دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، جاءه الرد بتأييد قرار القضاء البريطاني.

وتابع " وفي قضية مشابهة، أكدت المحكمة الأروبية في منتصف شهر أكتوبر الماضي سلامة أحكام القضاء النمساوي في قضية شتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم معللة هذا القرار /رقم 360/2018 / بأن الدعاوى المسيئة لايمكن أن تدخل في نطاق حرية التعبير، حيث إنها تمس حقوق المواطنين الآخرين في احترام معتقداتهم الدينية وتهدد السلم الديني في المجتمع النمساوي ".

وفي هذا الصدد، قال " لا يسعنا هنا إلا أن نثمن هذه القرارات باعتبار أنها تسهم في تعزيز السلم العالمي ونشر المحبة والتسامح في العالم، وهي بالتأكيد تمثل سوابق قضائية عاقلة سيكون على محاكم الغرب أن تأخذها بعين الاعتبار في هذا النوع من القضايا ".

ونوه إلى سياسة دولة الامارات في ترسيخ مبادئ المواطنة التي تتسم بالواقعية في مراعاة خصوصية السياق المحلي وبوضوح الهدف، الأمر الذي يتجلى في سنها القانون الاتحادي رقم 2 سنة 2015، والذي يتعلق بمكافحة التمييز وخطاب الكراهية وازدراء الأديان ويعمل على تحصين المجتمع وحمايته من خطابات الكراهية والتحريض على العنف وزعزعة السكينة والسلم الاجتماعي .

وختم الشيخ ابن بيه بتطلعه إلى تتويج هذه اللقاءات بمؤتمر دولي يعقد في عاصمة السلام أبوظبي حول المواطنة الشاملة تحت عنوان " ميثاق أبوظبي العالمي للمواطنة ".

وتحدث اللورد طارق أحمد من ويمبلدون ووزير الدولة البريطاني للكومنولث والأمم المتحدة، معرباً عن سعادته بالمشاركة في حوارات " المواطنة الشاملة "؛ لأنه يعمل في مجال الحريات على كل المستويات، وأنه يأمل برؤية رجال الدين يلعبون دوراً في صياغة النواميس السياسية؛ لأن القيم والتقاليد الدينية تلعب دوراً مهماً في الوئام والانسجام المجتمعي.

وقال " إن المواطنة الشاملة تعني الجميع بكل أجناسهم وثقافاتهم، وهذا ما يشكل المملكة المتحدة التي رسخت قوانينها على المساواة بين جميع البشر من دون تمييز "، مضيفا " نحن نؤمن بالحقوق العامة للجميع، ونركز على المساواة في كل المجالات "، موضحا أن الدول التي تحمي التنوع وتصون الحريات تنعم بالاستقرار والازدهار، منوها إلى أن هذا الأمر لم يحدث في بريطانيا بين ليلة وضحاها، وإنما ترسخ على مدى عقود، وتطور على مدى قرون ".

وقال " نحن نستطيع تركيز البحث والتطوير في ثقافة المساواة وحماية التنوع، ولقاؤنا اليوم للبحث عن حلول مستدامة، ولعل الانطلاقة الأنسب تكمن بالإجابة على بعض الأسئلة منها: كيف نعمل سوياً من أجل تغيير المواقف المسبقة لدى البعض، وبخاصة مما عانوا بعض المظالم أو الاضطهاد؟ وكيف نتعاون مع بعضنا البعض بصفتنا مختلفين بالانتماءات أو الهويات الثقافية، التي يفترض أنها تغني إنسانيتنا ولا تلغيها؟ وكيف نقنع الحكومات بمأسسة ثقافة التنوع وحمايتها بالقوانين الرادعة.

بدوره، قال معالي محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي إن المواطنة عقد سياسي واجتماعي نجد تفاصيله الآمرة في أحكام الدستور كما نجد روحه الوجدانية الملهمة /طواعية/ في محاضن الأُسرة والتعليم، التي عليها الرهان الكبير في تحقيق قيم المواطنة.

وأضاف " إن برامج المواطنة عندما تعتمد ترسيخ مبادئها العليا؛ كقيمة أخلاقيةٍ داخل نسيج المجتمع الواحد، فإنها تأتي بالنتائج المنشودة في مواجهة تحدي الفجوات والفوارق في مجتمعات التنوع الديني والثقافي والعرقي، وكلنا نعلم أن عالم اليوم أصبح أكثرَ رفضاً لفرض القناعات بالقوة الصلبة، ولم يعد مجدياً سوى حكمة القوة الناعمة في التبادل الثقافي والحضاري الذي يضع قاعدة احترام وتفهم الآخر في مقدمة التواصل والحوار، ونقرأ في عظات التاريخ ما يجعلنا أكثر يقيناً في هذا الأمر؛ إذ من مسلمات المنطق أن نتحدث عن المسؤولية التضامنية /في موضوع المواطنة/؛ كركيزة أساسية في بناء الوئام والسلم المجتمعي بكافة تنوعه، حيث تظل المواطنةُ قاسماً مشتركاً بين الجميع، ولا يجوز المساس بها تحت أي ذريعة، فيما يجب على المؤسسات الحكومية المختصة السهرُ على هذه القيمة؛ وفق سلطتها التقديرية الخاضعة للرقابة البرلمانية والقضائية من أجل حماية الأفراد والمؤسسات من أي تجاوز أو تعسف باسم السلطة".

واعتبر أن أنه من الخطأ أن يقبل من الأفراد أو المؤسسات أي تبريرات مهددة لسياج الوحدة الوطنية، وفي المقابل لابد من حماية الحُرّيات المشروعة وخاصة ما كان منها معززاً وداعماً للمواطنة.

وخلص العيسى إلى جملة من الأفكار والتصورات في هذا الشأن أبرزها: تعزيز المناهج التعليمية بالمواد الداعمة للمواطنة بواسطة أساليب قادرة على مخاطبة وإقناع التنوع الوطني، ومن ذلك ترسيخُ القناعة بأن القيم الوطنية ومختلف المفاهيم الدينية تؤكد على تعزيز لُحمة المواطنة، والدعم الحكومي والأهلي للفعاليات التي تهدف لتعزيز قيم المواطنة والاندماج، ومن ذلك إشراك الأقليات، وخاصة قياداتها جنباً إلى جنب مع غيرها في كافة الملتقيات الوطنية، إضافة إلى تفويت الفرصة على أصوات الكراهية والإقصاء، لاسيما إثر الحوادث التي قد تثير نعرة دينية أو عرقية تجاه أي أقلية، والتأكيد على أن المكونات الوطنية بكافة تنوعها تتمتع بالاعتدال والمواطنة الصادقة والمخلصة وأن الحالات الاستثنائية هي أعمال فردية تقتصر أخطاؤها أو جرائمها على أصحابها، وأنها ليست من طبيعة الدين أو العرق الذي تنتمي إليه.

ومن هذه الأفكار، أشار إلى منع أي عزلة دينية أو ثقافية أو عرقية في التعليم أو المناشط المجتمعية التي يُفترض أن يشترك فيها الجميع، فيما يتعين على كافة الفعاليات وبخاصة مؤسسات المجتمع المدني ترسيخ الوعي باحترام أحكام الدستور والقانون والشكل العام للدولة، والتشجيع على أن تقتصر المطالبة بالخصوصيات الدينية وفق القانون وبما لا يُخل بالشكل العام للدولة، ومنع أي أسلوب من شأنه أن يُفضي إلى التمييز على أساس ديني أو عرقي سواء أكان شأناً تشريعياً أو وظيفياً أو عملاً سياسياً أو إعلامياً.

وحث على أن تقوم كافة الفعاليات الوطنية السياسية وغيرها في مواجهة أي شعار يدعو للكراهية، مع ابتعاد الأقليات الدينية والعرقية عن أي تدخل خارجي يهدف إلى إدارتها وتدبير شؤونها ومن ثم برمجة أفكارها لخدمة أهدافه، مع معالجة الظروف الاجتماعية القاسية التي تعيشها بعض الأقليات، حيث يقوم بعض أفرادها برداتِ فعل مشبعة بالحقد أو اليأس، ربما كانت خطرة جداً ويتم على إثرها تصعيد النعرة الدينية أو العرقية.

وقدم معالي الدكتور عبدالله المعتوق المعتوق المستشار في الديوان الأميري في دولة الكويت، مقاربة عن مفهوم المواطنة تنهل من روح الإسلام؛ باعتبار المواطنة شكل من أشكال تكريم الإنسان؛ كما نص بذلك القرآن الكريم، وكما عبرت عنها دول الإسلام الأولى التي أسسها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة. وخلص إلى أن التنوع الديني والثقافي ليس مجالا للاختلاف، وإنما فضاء رحب للتعايش والائتلاف، فالمواطنة في المفهوم الاسلامي، حسب القرآن والسنة والسيرة، تضمن لجميع المواطنين حقوقه وتحفظ كرامتهم وتصون ممتلكاتهم.

من جهته، لاحظ الدكتور فادي ضو رئيس مؤسسة أديان اللبنانية، أن انطلاق حوارات المرحلة الأولى من "المواطنة الشاملة"، تتزامن مع الاحتفاء بمرور مائة عام على الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى على ضرورة تعزيز ثقافة التنوع وترسيخ مفاهيم المواطنة الشاملة في السلوك العام في كل المجتمعات البشرية.

وختم بالتعبير عن قناعاته بأن الشراكة مع منتدى تعزيز السلم وويلتون بارك في حوارات اليوم ستخلص إلى مفاهيم جديدة للمواطنة.

إلى ذلك، تحدث المطران يوسف مرقس باسم مسيحيي العراق، الذين كان عددهم حتى 2003 نحو مليون ونصف شخص، ولم يبق منهم اليوم أكثر من 350 ألف شخص؛ بسبب طوفان الكراهية الذي ضخه تنظيم " داعش " الإرهابي وما حذا حذوهم ، مؤكدا الحاجة إلى تأسيس مراكز أبحاث مؤهلة؛ لإعادة النظر، بهذا الذي يدفع الشباب للانتحار، تلك الفئة، التي يفترض أنها تكد وتجتهد من أجل حقها في الحياة.

وقدم مقاربة عن أهمية تجسير الهوة بين الأديان والثقافات أو الحضارات، للتوصل إلى صيغ مثلى، يجتمع الجميع عليها، فالمواطنة تعطي الفرد هويته، ويجب أن تكون هي المعيار الذي يحكم العلاقات بين الناس والثقافات.

من ناحيته، تحدث معالي فيصل بن معمر رئيس مركز الملك عبدالله لحوار الحضارات، فلاحظ أن هناك مفهومين للمواطنة، مفهوم الغرب العلماني، ومفهوم الشرق المتدين، ما يستدعي الجمع بينهما بألية عهلمية عقلانية إبداعية، تستطيع أن تقدم المواطنة المشتركة، بوصفها ثقافة للاستقرار والتنمية والازدهار، فالقصور في إدراك المواطنة المشتركة يشكل خطراً على الجميع، وعلى الجميع أن يتكاتفوا لغرس ثقافة الشراكة في الوطن والانتماء.

وتحدث ابن معمر عن جهود مركز الملك عبدالله للحوار، وخاصة في إنشاء أول منصة للحوار بين المسيحيين والمسلمين؛ لأننا بحاجة إلى تنظيم حوار شفاف ومفتوح بين المجتمعاتالإنسانية، ويتوجب أن يكون هنك اتفاق عالمي بأن الدين هو جزء من الحل، وليس جزءاً من المشكل.

واختتم فعاليات اليوم الأول فضيلة الشيخ أسامة الأزهري، مقدما عرضا للتجربة المصرية بشأن مفهوم المواطنة؛ بالمعنى الإسلامي، فسرد واقعة استدعاء الخديوي المفتي إبراهيم الباجور؛ ليستفتيه بأمر ترحيل المسيحيين إلى السودان، فقال له الباجوري هذا أمر مرفوض، وإذا كان عهد الخديوي يختل فإن عهد الله لا يختل.

كما استذكر المفتي سليم البشري، الذي أدان في بيان أزهري المذابح التي بحق الأرمن عام 1909 مؤكدا أن الإسلام يمنع البغي والإضرار على أي كان، كذلك الأمر عندما وقعت الاعتداءات على الأقباط حيث أصدر الأزهر بياناً ينادي بالمواطنة الكاملة لكل الناس.

ولاحظ الأزهري أن تيارات التطرف لم تكتف بنقض العهود وقتل التعايش، وإنما اعتدت أيضاً على المفاهيم، فخرج الإخوان على الناس بفكرة موت الوطن، فصار الوطن حفنة من تراب مرة، وأخرى، شعور مرفوض.

وخلص إلى أن فكرة تدمير الوطن تؤدي إلى تدمير ثقافة المواطنة، ولذلك لا بد من العودة إلى ثقافة الإسلام.