الرئيس العام لشؤون الحرمين يلقي درسه الأسبوعي عن تفسير آيات من سورة الواقعة بالمسجد الحرام

الرئيس العام لشؤون الحرمين يلقي درسه الأسبوعي عن تفسير آيات من سورة الواقعة بالمسجد الحرام

مكة المكرمة (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 18 سبتمبر 2019ء) ألقى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أمس، درسه الأسبوعي بالمسجد الحرام عن تفسير آيات الذكر الحكيم من سورة الواقعة وشرح عدد من الأحاديث النبوية المتعلقة بالمحافظة على الصلوات وأهميتها.

وبدأ معاليه بتفسير الآيات الأخيرة من سورة الواقعة من قوله تعالى (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ): ذكر الله تعالى أحوال الطوائف الثلاث: المقربين، وأصحاب اليمين، والمكذبين الضالين، في أول السورة في دار القرار.

وأوضح عن أحوالهم في آخرها عند الاحتضار والموت، فقال: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ} الميت {مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} وهم الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وفضول المباحات، فـلهم {رَوْحٌ} أي: راحة وطمأنينة، وسرور وبهجة، ونعيم القلب والروح، {وَرَيْحَانٌ} وهو اسم جامع لكل لذة بدنية، من أنواع المآكل والمشارب وغيرهما، وقيل: الريحان هو الطيب المعروف، فيكون تعبيرا بنوع الشيء عن جنسه العام، {وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} جامعة للأمرين كليهما، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة، التي تكاد تطير منها الأرواح من الفرح والسرور كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أن لا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} وقد أوّل قوله تبارك تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} أن هذه البشارة المذكورة، هي البشرى في الحياة الدنيا, وقوله: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} وهم الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، وإن حصل منهم التقصير في بعض الحقوق التي لا تخل بتوحيدهم وإيمانهم، فـيقال لأحدهم: {سَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} أي: سلام حاصل لك من إخوانك أصحاب اليمين أي: يسلمون عليه ويحيونه عند وصوله إليهم ولقائهم له، أو يقال له: سلام لك من الآفات والبليات والعذاب، لأنك من أصحاب اليمين، الذين سلموا من الذنوب الموبقات، {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ} أي: الذين كذبوا بالحق وضلوا عن الهدى، {فَنزلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} أي: ضيافتهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم التي تحيط بهم، وتصل إلى أفئدتهم، وإذا استغاثوا من شدة العطش والظمأ {يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} {إِنَّ هَذَا} الذي ذكره الله تعالى، من جزاء العباد بأعمالهم، خيرها وشرها، وتفاصيل ذلك {لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} أي: الذي لا شك فيه ولا مرية، بل هو الحق الثابت الذي لا بد من وقوعه، وقد أشهد الله عباده الأدلة القواطع على ذلك، حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له مشاهدون له، فحمدوا الله تعالى على ما خصهم به من هذه النعمة العظيمة، والمنحة الجسيمة, ولهذا قال تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} فسبحان ربنا العظيم، وتعالى وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا.

وتحدث معاليه عن عدد من الأحاديث النبوية المتعلقة بالمحافظة على الصلوات وأهميتها عبر مسألتين هما: المسألة الأولى: الحديث الموافق لظاهر القرآن والسُّنة مقدمٌ على معارضه، فمن قواعد التَّرجيح عند الأصوليين التي تعود لغير الإسناد والمتن: «أن يكونَ أحد الخبرينِ مُوافِقاً لظاهرِ القرآنِ أو السُّنةِ، فيقدَّمُ» موضحاً معاليه وَجْهُ الدِّلالة في حديثِ التغليسِ يرجَّحُ على خبرِ الإسفار، لموافقَتِهِ لظاهر القرآنِ، مثلُ قوله تعالى: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133]، وقوله تعالى:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، وقوله عزَّ وجلَّ:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]، وقولِ النبيِّ ﷺ حينما سئل عن أَيِّ الأعمالِ أفضل؛ فقالَ ﷺ: «الصَّلاةُ لأَوَّلِ وقتها». واستكمل معالي الرئيس العام المسألة الثانية: التي يمكن أن نقول فيها: إقرارُ النَّبيِّ ﷺ بالنسبة إلى علمه واطلاعه على الأمر وينقسم إلى قسمين: القسم الأول: إقرارٌ مَبْنِيٌّ على العلم الحقيقيِّ، سواء عند الفعل أو بعده, القسم الثاني: إقرارٌ مَبْنِيٌّ على العلم الحكميِّ، بأن يكون الأمر مُشْتَهَرًا في زمنه ﷺ بما يغْلبُ على الظَّن اطلاعه عليه وعدم خفائه عليه، وليس كُلُّ فعل على زمنه أو عهده ﷺ ولم يُعْلَم عِلمُهُ به يكون حجةً على القول الراجح.