قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة .. من عصر البرقيات إلى العصر الرقمي

قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة .. من عصر البرقيات إلى العصر الرقمي

الرياض (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 22 سبتمبر 2018ء) اهتمت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث يعد من أقدم القطاعات الحكومية ، ووفرت له الإمكانات والخدمات اللازمة لتطويره ورفع كفاءته بما يواكب التطورات التي يشهدها هذا القطاع، إلى أن وصل لمراحل متقدمة من التقنية والموثوقية، وأصبح الآن من أهم المصادر الداعمة للاقتصاد الوطني.

فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – برز الاهتمام بالبريد والاتصالات، كضرورة ملحة لربط مناطق المملكة المترامية الأطراف، التي تفصل بينها المسافات الشاسعة؛ فصدرت أوامره -رحمه الله- في عام 1345هـ الموافق 1926م بإنشاء مديرية البرق والبريد والهاتف، وربطت بالنيابة العامة تحت مظلة الأمور الداخلية، للعناية بخدمات البريد والاتصالات بأنواعها، وفي عام 1353هـ الموافق 1934م أمنت 22 محطة لاسلكية لربط 22 مدينة وقرية في المملكة بالخدمات البرقية.

وامتد اهتمام الدولة بقطاع الاتصالات إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله – الذي أطلق عام 2016م رؤية المملكة 2030 التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وشكلت مضامينها خريطة واضحة لتنمية قطاع الاتصالات في المملكة بما يتوافق مع التطور المذهل الذي يشهده العالم في ذلك القطاع.

وفي محور الاقتصاد المزدهر، تطرقت رؤية المملكة 2030 إلى اهتمام الدولة بتنمية البنية التحتية الرقمية، إذ تُعد مُمكّناً أساسياً لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، ولتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، لذا سيتم العمل على تطوير البنية التحتية الخاصة بـالاتصالات وتقنية المعلومات وبخاصة تقنيات النطاق العريض عالي السرعة لزيادة نسبة التغطية في المدن وخارجها وتحسين جودة الاتصال، وسيكون ذلك من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.

ويتمثل هدف الرؤية في الوصول إلى تغطية تتجاوز (90%) من المنازل في المدن ذات الكثافة السكانية العالية و(66%) في المناطق الأخرى، من خلال تحفيز الاستثمار في تقنيات النطاق العريض في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وتطوير إطار شراكات جديدة مع القطاع الخاص، ووضع معايير للبناء تسهل مدّ شبكة النطاق العريض.

وستعزز الدولة حوكمة التحول الرقمي عبر مجلس وطني يشرف على هذا المسار، وتدعم هذا التحول على مستوى الحكومة أيضاً، فضلا عن تهيئة الآلية التنظيمية والدعم المناسب لبناء شراكة فاعلة مع مشغلي الاتصالات بهدف تطوير البنية التحتية التقنية، ودعم نمو المستثمرين المحليين في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.

0111


اليوم الوطني / قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة .. من عصر البرقيات إلى العصر الرقمي / إضافة أولى وكان قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة قد مرّ ببعض المحطات الرئيسة خلال مسيرته، ومنها؛ إجراء أول مفاوضات مع الشركات في الخارج لشراء أجهزة لاسلكية والعمل على إنشاء شبكة لاسلكية عام 1344هـ الموافق 1925م، وعُنيت الدولة بتوسعة الخدمة البرقية الدولية، عبر الكوابل البحرية عن طريق البحر الأحمر موصلة جدة ببورسودان، وعقد من أجل ذلك مؤتمر بورسودان، في العام 1344هـ الموافق 1926.

وحتى عام 1353هـ الموافق 1934م حينما دخلت خدمة الهاتف إلى البلاد لأول مرة، لم يكن عدد الخطوط الهاتفية اليدوية الموزعة على كل من الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف، يتجاوز854 هاتفًا.

واستخدم خلال تلك الحقبة الهاتف المغناطيس أو ما يعرف (أبو هندل)، ويعمل بالبطاريات الجافة ويخدم داخل الحي الواحد أو المدينة عن طريق مآمير يرابطون على مدار الساعة، يتلقون اتصالات المشتركين، ثم يوصلونهم مباشرة مع بعضهم بواسطة لوحة خشبية مثبتة بالجدار، يوصلون من خلالها هاتف المتصل مع المتصل عليه بتوصيل تشبيك الأسلاك مع بعضها، بعد تدوير قطعة ميكانيكية أو ذراع تسمى (الهندل) لتحريك الطاقة الكهربائية، وتحفيز الجرس عند المتصل عليه.

وفي عام 1367هـ الموافق 1948م صدر الأمر السامي ببناء محطة لاسلكية عالمية في مدينة جدة، تعمل مع الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، لتؤمن الاتصالات البرقية بين البلدين.

ومن منطلق اهتمام الحكومة بقطاع الاتصالات أُنشِئت وزارة المواصلات، وعُين لها صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز وزيراً وضمت إليها مرافق البرق والبريد والهاتف، في عام 1372هـ الموافق 1953م .

وافتتح الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- الاتصال الخارجي مع مصر وسوريا ولبنان والبحرين عام 1374هـ الموافق 1955م .

كما أدخل للمملكة المبرقات "تلكس" التي استعملت فيها اللغة العربية لأول مرة عام 1380هـ-1960م، وهما من طرازي ( لورن ز 331 )ومبرقة (سيمنس تي 73 إتش) .

وظل البرق متربعًا على عرش الاتصالات ردحاً من الزمن خادماً المواطنين والمقيمين وضيوف الرحمن حتى تطورت خدمات الهاتف وأدخلت خدمات التلكس، في حين يتم إرسال البرقيات في معظم البلاد الموجودة بواسطة فرد مختص، يقوم بتبليغ الرسالة عن طريق الهاتف.

ويستطيع الفرد الراغب بالخدمة أن يذهب إلى مكتب البرق العام ويكتب رسالته على نموذج، ثم يتم تسجيل البرقيات التي تم إرسالها هاتفياً بواسطة عامل مخصص، باستخدام وحدة العرض المرئية، تقوم بإعادة عرض الرسالة كلها إلى الحاسوب الذي يقوم بدوره بإرسال الرسالة إلى المكان المطلوب عن طريق الكتابة، بواسطة المفاتيح، وعند وصول الرسالة إلى المكان الآخر يتم إبلاغ مضمون الرسالة للشخص المرسلة له هاتفياً أو يداً بيد شخصياً.

وبعد أن تعاظم دور قطاع الاتصالات في تنمية وتطور الشعوب والدول، أنشأت الدولة وزارة البرق والبريد والهاتف لتكون مسؤولة عن قطاعي البريد والاتصالات في عام 1395هـ الموافق 1975م، وكان عدد الخطوط الهاتفية في ذلك الوقت لا يتجاوز 130 ألف خط، وبإجمالي إيرادات بلغ 250 مليون ريال.

أما في العام 1404هـ الموافق 1984م تم تشغيل أول شبكة من الكوابل البصرية، وإنشاء مراكز ومجمعات اتصالات في جميع مناطق المملكة.

0112


اليوم الوطني / قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة .. من عصر البرقيات إلى العصر الرقمي/ إضافة ثانية واخيرة وفي عام 1407هـ الموافق 1987م تم تشغيل مدينة الملك فهد للاتصالات الفضائية على طريق مكة المكرمة – جدة، وتحتوي على أربع محطات أرضية للعمل مع الأقمار الصناعية عرب سات، وإنتل سات (المحيط الأطلسي)، وإنتل سات (المحيط الهندي) وأنمر سات للاتصالات البحرية، تربط المملكة مع جميع أنحاء العالم بخدمات الاتصالات.

وشهد العام 1416هـ الموافق 1995م تشغيل خدمة الهاتف الجوال في المملكة، تلا ذلك، تشغيل شبكات كوابل الألياف البصرية لربط مناطق المملكة في العام 1417هـ الموافق 1996م، وتشغيل خدمات(VSAT) في نفس العام، بالإضافة إلى تشغيل الشبكة الذكية لنقل المعلومات عام 1418هـ الموافق 1997 م .

كما صدرت في عام 1418هـ الموافق 1997م الموافقة على فصل مرافق البرق والبريد والهاتف عن الوزارة وتأسيس شركـة مساهمـة سعودية باسم شركة الاتصالات السعودية للقيام بخدمات الاتصالات، وبدأت الشركة أعمالها يوم 6 محرم من عام 1419هـ الموافق 2 /5/ 1998م، وتحرير قطاع مزودي خدمة الإنترنت ( ISP ) في عام 1420هـ الموافق 1999م .

وبهدف تقديم خدمات اتصالات متطورة وموثوق بها في جميع أنحاء المملكة أنشِئت هيئة الاتصالات السعودية في عام 1422هـ الموافق 2001م، لتتولى تنظيم هذا القطاع والترخيـص للشركات وفق نظام الاتصالات، وأضيفت تقنية المعلومات لمهام الهيئة؛ لتصبح هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في عام 1424هـ الموافق 2003م.

وبلغ حجم الإنفاق على خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات أكثر من 130 مليار ريال خلال العام 2016، حيث بلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي حوالي (6%) و (10%) في الناتج المحلي غير النفطي.

ويتوقع أن ينمو حجم الإنفاق على خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، وذلك بسبب الاستثمارات الكبيرة من القطاع الحكومي والخاص، وأن يتواءم مع برنامج التحول الوطني 2020م كأحد البرامج الرئيسة المساندة لتحقيق رؤية المملكة 2030, متضمناً أهدافاً استراتيجية مرتبطة بمستهدفات مرحليّة حتى عام 2020م، حيث يعدّ قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات أحد أهم ركائز برنامج التحول الوطني إذ تشمل مكونات الرؤية ذات العلاقة بالقطاع، على تطوير البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتقنية المعلومات والنطاق العريض، والابتكار في التقنيات المتطورة، بالإضافة للاستثمار في الاقتصاد الرقمي .

وقد أعدت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى الوصول بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات إلى التنظيم المحقق للتنافسية العالية، والخدمة المتميزة للمشتركين، والبيئة المحفزة للمستثمرين بعدد من المشروعات الهادفة إلى زيادة الفرص الاستثمارية في هذا القطاع، كتنظيم الاستضافة، والحوسبة السحابية، وتبني مفهوم التراخيص الموحدة، وتأسيس مقاسم الإنترنت الوطنية والمحايدة، وبرنامج دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع، وتعزيز الأمان الشبكي والمعلوماتي، وغيرها.

وتعمل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات على نشر شبكات الألياف الضوئية؛ لإيصال المنازل بالمناطق الحضرية بالمملكة للوصول إلى "2.1 مليون منزل" بنهاية عام 2020م؛ وذلك لتعزيز كفاءة الشبكات؛ لتطوير بنية تحتية قوية للاتصالات تُسرّع من التحول الرقمي والتحول إلى الاقتصاد المعرفي وتواكب أهداف برنامج التحول الوطني 2020.

وكانت الوزارة قد قامت مؤخرًا بإيصال 400 ألف منزل بشبكات الألياف الضوئية، كما غطتّ 110 الآف منزل بشبكات النطاق العريض اللاسلكي، وتعمل على مواصلة الجهود من أجل تعزيز تغطية المساكن النائية بشبكات النطاق العريض اللاسلكية وصولًا لتغطية ما نسبته 70 % بحلول عام 2020م، وتوفير وتهيئة البنية التحتية لخدمات الاتصالات للمزيد من سكان المراكز والقرى والهجر في أنحاء البلاد.