جدة (پاکستان پوائنٹ نیوز 21 اكتوبر 2025ء) كشفت دراسة علمية حديثة من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"، بقيادة البروفيسور ألكسندر روسادو، عن عالم ميكروبي فريد في حقول الفوهات الحرارية المائية بجبل حطيبة، أحد البراكين الرئيسة في صدع البحر الأحمر, ويُعد هذا الموقع من الاكتشافات الحديثة التي رصدتها البروفيسورة فروكيه فان دير زوان، إحدى المشاركات في الدراسة.
ونُشرت نتائج البحث في مجلة Environmental Microbiome، بوصفها أول دراسة تقدم تحليلًا جينوميًا شاملًا لهذه الأنظمة الحرارية المائية، لتوفّر رؤية غير مسبوقة حول أنواع الميكروبات ووظائفها الأيضية التي تمكّنها من التكيّف والبقاء في تلك البيئات القاسية.
وأكدت الباحثة الرئيسة في الدراسة، طالبة الدكتوراه في كاوست شريفة الطلحي، أن الميكروبات المكتشفة في حقول حطيبة تُظهر تنوعًا مذهلًا في قدراتها الأيضية، مشيرةً إلى أن فهم وظائفها يساعد في توضيح الترابط العميق بين الجيولوجيا والبيولوجيا في البحر الأحمر.
وكانت حقول جبل حطيبة قد وُثّقت لأول مرة عام 2023 من خلال بعثة بحثية مشتركة بين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ومعهد "غيومار" (GEOMAR)، حيث جرى رصد مناطق انبعاث حراري منخفض الحرارة وتلال شاهقة مكوّنة من أكاسيد الحديد على أعماق تتراوح بين 778 - 1450 مترًا، وتُعد أكبر نظام نشط معروف لانبعاث الحديد منخفض الحرارة في العالم.
واستخدم فريق البحث في هذه الدراسة تقنيات الميتاجينوميات المعاد بناؤها على مستوى الجينوم لإعادة بناء أكثر من 300 جينوم ميكروبي من خمسة مواقع مختلفة ضمن حقول الفوهات؛ مما أتاح الكشف عن نظام بيئي فريد لا يشبه أي بيئة فوهة أخرى معروفة.
وتمكّن الباحثون من تحديد 314 جينومًا ميكروبيًا تمثل البكتيريا والبدائيات (البكتريا العتيقة)، كثير منها لم يُسجّل سابقًا في الأبحاث العلمية, كما كشفت التحليلات عن نظام بيئي غير متوقع تهيمن عليه الميكروبات القادرة على تدوير الحديد والكبريت والنيتروجين والكربون، وهي عمليات كيميائية حيوية تشكّل البيئة المحيطة بالفوهات, وتدعم الحياة الميكروبية في هذه الظروف القاسية.
وأوضح البروفيسور روسادو, أن ما يميّز هذا الموقع هو سيطرة عمليات الأيض المعتمدة على الحديد، في اختلاف لافت عن الأنظمة التي تعتمد على الكبريت أو الميثان في الفوهات الحرارية المعتادة، مما يجعل فوهات جبل حطيبة مختبرًا طبيعيًا فريدًا لدراسة الحياة في البيئات القصوى، ويوفّر رؤى جديدة حول العمليات الميكروبية التي تسهم في مرونة المحيطات ودورة الكربون العالمية.
وأشار الباحثون إلى أن الميكروبات المكتشفة تلعب دورًا محوريًا في العمليات الجيوكيميائية الأساسية لنظام الأرض، إذ تسهم في أكسدة الحديد واختزاله وتثبيت الكربون واستقلاب الكبريت والنيتروجين، وهي عمليات ترتبط بدورات العناصر الكيميائية والمعادن على كوكبنا.
ويُتوقع أن يفتح فهم هذه الشبكات الأيضية آفاقًا جديدة لتطبيقات علمية وصناعية في مجالات التقنية الحيوية، مثل: استخلاص المعادن، وتوليد الطاقة الحيوية، ومعالجة الملوثات البيئية، إلى جانب تقديم دلائل حول نشأة الحياة المبكرة على الأرض وإمكانية وجودها في بيئات مشابهة خارج الكوكب.