الرياض (پاکستان پوائنٹ نیوز 01 اكتوبر 2025ء) عُقدت مساء اليوم جلسة حواريّة بعنوان "النهضة الرقمية - العصر الجديد للتعاون الإبداعي"، شارك فيها الرئيس التنفيذي المشارك والمؤسس لشركة "SPIN" لور ألبريغي، والمدير المفوض في المكتب الشريك بفرنسا في "المكتبة الوطنية الفرنسية" روي أميت، والشريك المؤسس في مجموعة "SUPERFLEX" الفنية بيورنستيرن كريستيانسن، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "Iconic" كريس كامينغز، وأدارها المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "إنسيغنيا" غوراف سينها.
جاء ذلك خلال أعمال مؤتمر الاستثمار الثقافي الذي تنظمه وزارة الثقافة في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض.
وفي كلمة افتتاحية تناول "سينها" مفهوم النهضة الرقمية بوصفها فصلًا جديدًا في مسيرة الثقافة الإنسانية لا قطيعةً معها، وموضحًا أن الرقمي في جذره اللغوي يعود إلى الأصابع (Digitus)، وأن أدوات الإنسان الأولى كانت رقميةً بمعناها البدائي؛ إذ تُشكَّل بها الأحجار، وتُقرَع بها الإيقاعات، وتُكتب بها النصوص، بينما تتبدّل اليوم وسائط الكتابة والتعبير إلى الشاشات والرموز والخوارزميات، دون أن يتبدّل الجوهر الإنساني.
عقب ذلك استهلّت "ألبريغي" بالتعريف بشركة "SPIN" التي تبني البنية التحتية المادية والرقمية للثقافة في مجالات الرفاهية والفن والموضة، مبيّنةً انتقالها من ممارسة الحِرفة اليدوية لسنوات إلى توظيف التقنيات المتقدمة، ثم مزج العالَمين في حلول تُعلي أصالة المادة وتكاملها مع الوسائط الرقمية.
وأوضح "أميت" أن المكتبة الوطنية الفرنسية طوّرت شراكات لخلق قيمة جديدة من مجموعاتها وأصولها عبر الرقمنة وإعادة الإتاحة والتوزيع على نطاق واسع، مع تمكين المبدعين من إعادة إنتاج المحتوى بصورةٍ قانونية ومنضبطة؛ مستشهدًا بمشروعات الطباعة عند الطلب لإحياء كتب من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وإيصالها إلى المنازل، ومشروع رقمنة جوهر المسرح والأوبرا وتوزيعه.
من جانبه، عرض "كريستيانسن" تجربة "SUPERFLEX" القائمة على العمل الجماعي وتوسيع دائرة المشاركة في الفضاء العام، مبرزًا أن التمثيل الرقمي يبدأ من التفكير الإبداعي في السياق المحلي للمكان والجمهور، ثم اختيار الوسائط الأنسب بدقة.
بدوره، قدّم "كامينغز" تعريفًا بمنصة "Iconic" التي تطوّر حلولًا شاملة للمؤسسات الثقافية والعلامات التجارية لتجسيد قصصها وتجاربها عبر توائم رقمية ثلاثية الأبعاد وإطلاقات محدودة تعزّز الوصول العالمي وحشد الموارد، مؤكدًا أن التطور التقني المتسارع يستلزم نماذج تشاركية تُتاح لجميع العملاء وتُحدّث باستمرار.
وفي محور حوكمة الشراكات، شدّد "كامينغز" على ضرورة فهم شركات التقنية لقيم المؤسسات الثقافية ورسالتها، ووجوب الشفافية والمساءلة بما يفوق المعمول به في مؤسسات الربح، لضمان ملاءمة الأدوات والغرض وتفادي هدر الاستثمارات في حلولٍ لا تصمد.
وفي نقاش "التعاون الرقمي في الفضاء العام"، بيّن "كريستيانسن" أن الوسائط تُختار وفق السياق والتفاعل المباشر، وأن اللعب بالأدوات والآلات وصيغ البيانات شرطٌ للفهم والممارسة المسؤولة، فيما أوضح "أميت" أن كثيرًا من المشروعات لا ترى النور بسبب صلابة الهياكل التقليدية، وأن الذكاء الاصطناعي حين يُغذَّى بمحتوىً تراثيٍّ عميق، يتيح رؤىً جديدة تتسق مع أهداف مؤسسات الذاكرة الجماعية.
وتناولت "ألبريغي" التحديات التقنية في رقمنة الأصول المادية في الموضة والرفاهية، موضحةً سعي "SPIN" إلى تأسيس لغةٍ افتراضية للتمثيل الرقمي للمنتج المادي، مشيرةً إلى أهمية التزام التمثيل ثلاثي الأبعاد بحدود الواقعية والاحترام عند رقمنة مبانٍ، أو أزياءٍ ثقافيّة، ومستشهدةً برقمنة القصر الكبير في 2020 وبالتعاون مع "هيئة الأزياء" في المملكة لعرض أزياءٍ تقليدية سعودية أمام 200 مندوب.
وعن سؤال "الرقمي والإنساني"، اتفق المتحدثون على أن التقنية ليست بديلًا عن التجربة الحضورية، بل مكمّلة لها؛ إذ تتيح المنظومات الرقمية إظهار ما نسبته (1-3%) فقط في المتاحف عبر سرديات أعمق وتجارب زمنية ومكانية مُحاكاة تُقرّب القطعة الأثرية من سياقها التاريخي، وتمكّن (99%) من الجمهور العالمي غير القادر على الزيارة من المشاركة والتعلّم.
وفي محور "التمييز بين المحتوى الأصيل والسطحي"، أشارت "ألبريغي" إلى ظاهرة "الإنترنت الميت" وتزايد المخرجات المولّدة آليًا، مؤكدةً تزايد قيمة اللمسة الإنسانية في الانتقاء والتحرير، بينما شدّد "أميت" على مسؤولية المؤسسات الثقافية في إنشاء المحتوى ومشاركته على نحو يخدم جمهورها ويحفظ مقاصدها، وخلص "كريستيانسن" إلى أن المشاركة المفتوحة والتجريب الموجّه هما سبيل ابتكار تجارب رقمية ذات مغزى، وأن البيانات أداةٌ مساندة لا بديل عن الخيال والخبرة.
ويأتي انعقاد مؤتمر الاستثمار الثقافي ليؤكد المكانة المحورية للثقافة في رؤية المملكة 2030، ولدور وزارة الثقافة في تمكين الصناعات الإبداعية وتوسيع آفاقها محليًا وعالميًا، بما يعكس التزام المملكة بتعزيز مكانة الثقافة رافدًا أساسيًا للتنمية المستدامة والتواصل الحضاري.