سمو الأميرة ريما بنت بندر: مؤتمر الاستثمار الثقافي منصة فريدة لاكتشاف القدرات

الرياض (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 30 سبتمبر 2025ء) تواصلت لليوم الثاني أعمال مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025، الذي تنظّمه وزارة الثقافة، في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض، بمشاركةٍ واسعة من وزراء وخبراء وصناع قرار، وأكثر من (150) متحدثًا و(1500) مشارك من داخل المملكة وخارجها.

وعدّت صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، في كلمة لها، مؤتمر الاستثمار الثقافي منصة فريدة مكرسة لاكتشاف الإمكانيات الكامنة للثقافة وإطلاق العنان لآفاقها الاستثمارية.

وأوضحت أن المملكة باتت نموذجًا بارزًا يقتدى به عالميًا في تحويل الاستثمار الثقافي إلى محركٍ معزز للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، مشيرةً إلى أن الحشود المتنوعة المشارِكة في المؤتمر من مستثمرين ومهتمين وصنّاع قرار ومبدعين وفنانين، تعكس حقيقة أن الثقافة تمثّل روح الإنسانية وجسرًا للتواصل بين الشعوب وتعزيز التفاهم ودفع عجلة الازدهار والتقدم.

وقالت: "تشهد المملكة اليوم نهضة ثقافية حيوية تعيد رسم ملامح الوطن وتشّع بآثارها على العالم بأسره، وهي لم تكن وليدة المصادفة، وإنما ثمرة إستراتيجيات مدروسة واستثمارات موجّهة نحو الإنسان والهوية الوطنية والمستقبل المشترك، حيث برزت أصوات الشباب والفتيات المبدعين والمبتكرين باعتبارهم طاقة قادرة على قيادة هذا التحول بروح إبداعية راسخة"، لافتةً إلى أن الثقافة لم تعد ترفًا بل بيئة خصبة للفرص الاستثمارية الواعدة".

واستعرضت سموُّها جملة من الأمثلة على الدور الذي تؤديه الثقافة في دعم الاقتصاد الوطني، ومن بينها المتاحف العالمية التي تستعرض روائع الفن السعودي المعاصر جنبًا إلى جنب مع التحف العالمية، والمهرجانات الكبرى التي تستقطب ملايين الزوار مثل موسم الرياض بما يقدمه من موسيقى ومسرح وتجارب تفاعلية، إضافةً إلى ما شهدته العلا من إحياءٍ لتراثها التاريخي، حيث تندمج الآثار النبطية مع الفن الحديث في وجهاتٍ غامرة تستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

وأكّدت أن هذه المبادرات ليست مجرد فعاليات ثقافية، بل محركات اقتصادية تسهم في توفير عشرات الآلاف من الوظائف، وتثري الصناعات الإبداعية، وتعزز مشاركة المرأة في قطاعات الفنون والترفيه، حيث أثبتت المرأة السعودية حضورها من خلال إخراج أفلام حازت على استحسانٍ عالمي، وإدارة معارض، وتأسيس شركات ناشئة مبتكرة تمزج بين التقاليد الراسخة وأحدث التقنيات.

وتطرقت إلى المشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة، ومنها مشروع إعادة إحياء بوابة الدرعية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بوصفها متحفًا حيًا للتاريخ السعودي ووجهة سياحية وتجارية نابضة بالحياة، مشيرةً إلى أن هذه المشاريع لا تقتصر على بناء بنية تحتية مستدامة فحسب، بل تسهم كذلك في إنعاش المجتمعات المحلية وتحفيز النمو الشامل وتحويل المملكة إلى وجهةٍ أولى للاستثمار الثقافي.

ودعت سموُّها المستثمرين وصناع القرار إلى النظر إلى المملكة بوصفها شريكًا طموحًا ويتطلع دائمًا إلى التقدم، مؤكِّدةً أن الثقافة اليوم تسهم في توليد الثروات، وتوفير الوظائف، وتنويع الاقتصاد، الأمر الذي يستدعي ابتكار آليات جديدة للاستثمار الثقافي تتناسب مع التحولات المتسارعة.

وأشارت إلى أن وزارة الثقافة قد أنشأت 11 هيئة متخصصة تغطي مختلف المجالات الثقافية والإبداعية، بما يتيح بناء رأس المال البشري وتطوير البنية التحتية الجاذبة للاستثمارات، سواءً عبر مبادرات صندوق الاستثمارات العامة، أو عبر مشاريع الحفظ الرقمي للتراث باستخدام تقنيات حديثة لضمان حفظ الإرث الثقافي للأجيال القادمة.

وأفادت أن المملكة تحتضن كذلك نماذجَ تمويلٍ بديلة مثل منصات التمويل الجماعي لدعم الفنانين السعوديين، حيث إن التمويل الموجَّه لمشروعاتٍ ثقافية تقودها النساء يحقق عوائد مالية ملموسة ويترك أثرًا اجتماعيًا عميقًا.

وأشارت الأميرة ريما بنت بندر إلى الدور المتنامي للثقافة بصفتها أداة فاعلة للدبلوماسية الدولية، مؤكِّدةً أن الثقافة السعودية باتت حاضرةً عبر شراكاتٍ إستراتيجية مثل التعاون مع كبرى إستوديوهات الإنتاج العالمية ومشاركة الفنانين السعوديين في بيناليات دولية مرموقة، لافتة النظر إلى أن المملكة من خلال الثقافة فتحت قلبها للعالم وعززت حضورها الحضاري على الساحة الدولية.

ووجهت رسائل مباشرة إلى قادة الدول وصناع القرار، والقيّمين الفنيين، ورواد الأعمال الثقافيين، داعيةً إياهم إلى الانضمام إلى المملكة في مسيرة حفظ التراث الإنساني، وتمكين الجيل القادم من خلال الاستثمار في الصناعات الإبداعية، والتعامل مع الثقافة باعتبارها دبلوماسية تحويلية توحد الشعوب وتفتح أمامها آفاق الازدهار العابر للحدود.

واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن الثقافة تمثل رأس مال وهوية، وأنها من أقوى أدوات بناء الوحدة في عالم سريع التغير، داعيةً الجميع إلى تحويل الإبداع إلى رأس مال، والتراث إلى أمل، والثقافة إلى إرث خالد تنتفع به الأجيال المقبلة.

ويأتي انعقاد مؤتمر الاستثمار الثقافي ليؤكد المكانة المحورية للثقافة في رؤية المملكة 2030، ويعكس دور وزارة الثقافة في تمكين الصناعات الإبداعية محليًا وعالميًا، بما يعكس التزام المملكة بتعزيز حضور الثقافة رافدًا أساسيًا للتنمية المستدامة والتواصل الحضاري، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.