مكة المكرمة (پاکستان پوائنٹ نیوز 05 يونيو 2025ء) وثقت رحلة الحج قديمًا مسيرة تطور العناية بضيوف الرحمن، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، وذلك من خلال ما تطرق له الباحثون والمفكرون عن ما شهدته هذا الرحلة عبر كتاباتهم ومؤلفاتهم التي أصبحت مرجعًا تاريخيًا، واستعرضوا ما كان يعترض طريق الحجاج من الخوف والمخاطر قبل توحيد المملكة.
وسجّل الباحث الإسلامي والرحالة المعروف شكيب أرسلان في كتابه "الرحلة الحجازية" الذي ألفه بعد رحلته للحج عام 1348هـ - 1929م، العديد من الوقفات التي أكدت حرص المؤسس على أمن وسلامة الحاج.
وذكرت كتب التاريخ أنه عندما دخل الملك عبدالعزيز مكة المكرمة أصدر بلاغًا في 12 جمادى الأولى سنة 1343هـ أقر فيه العمل لرفع مستوى الخدمات المقدمة للحجاج من قبل المطوفين والإدلاء والوكلاء وكل من له علاقة بخدمة الحجاج وصدر نظام إدارة الحج في 20 ربيع الأول سنة 1345هـ الذي يعد أول تنظيم لخدمات الحجاج في عهد الدولة السعودية, وكان في ذلك الزمن يشكل ميناء جدة أعلى نسبة في استقبال الحجاج القادمين لأداء فريضتهم وكان هناك عدد من وكلاء المطوفين وهم المسؤولون عن استقبال الحجاج وترحيلهم إلى المدينة المنورة أو مكة المكرمة وصدر نظام تسيير السيارات تلاه في عام 1346هـ صدور الأمر السامي بالمصادقة على نظام تسيير السيارات وبتشجيع من الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تأسست الشركة السعودية الوطنية لسير السيارات بالحجاز.
وكان السفر إلى مكة المكرمة بالنسبة لأهالي بعض المناطق المجاورة لأداء مناسك الحج بمثابة الدخول إلى عالم مجهول، وذلك قبل ظهور السيارات وقبل توحيد المملكة على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، حيث لا يعرف المرء المصير الذي ينتظره، وتكون تلك الرحلة "بلا عودة".. هذا الشعور يراود كل من عزم على الحج، ويكون الوداع حارًا، تنثر فيه دموع الحزن والفراق من الطرفين، لتنثر مرة أخرى عند العودة، ولكنها دموع الفرح التي يجلب خلالها بعض الهدايا مع نهاية الحج التي تكون بسيطة لا تتعدى بعض الريالات وفي مقدمتها السبح والغتر وبعض أنواع الطيب.
وتتم عملية نقل الحجاج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة "عرفات مزدلفة منى" قديمًا بواسطة الجمال وكان للجمالة هيئة يطلق عليها هيئة المخرجين تتولى مسؤولية إحضار الجمال والجمالة وتتبعهم جماعة أخرى تعرف بالمقومين وهم من يتولون تقدير حمولة الجمل من عفش الحجاج وركوبهم وأجرة الجمل تقدر في كل عام في بداية موسم الحج فالجمل الذي يحمل الحاج له أجر والجمل الذي لا يحمل إلا عفش الحاج فقط له أجر وهذه هي الصورة الأولية لنقل الحجاج عبر الجمال والسيارات في زمن غاب، وعهد جديد حضر فيه الأمن على الطرق بين جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة.
وأقيمت في السابق على طرق الحج منشآت بدائية بسيطة مثل الاستراحات والمنازل والمرافق الأساسية من برك وآبار وعيون وسدود وخانات "فنادق" ومساجد وأسواق, وأقيمت على هذه الطرق الأعلام لإرشاد الحجاج إلى الطرق الواجب أتباعها ويذكر المؤرخون أن الخلفاء والأمراء كان لهم مبانٍ خاصة بهم ينزلونها عند زيارتهم الأماكن المقدسة ومن أبرز الخلفاء العباسيين الذين سافروا على هذا الطريق للحج, أبو جعفر المنصور والمهدي وهارون الرشيد وتلك هي المشاهد قبل قيام المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وكانت تحمل الكثير من المعاناة لضيوف الرحمن خاصة في رحلتهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ولحظة وصول الحجاج إلى مكة المكرمة وقبل دخولهم إلى ما يعرف حاليًا بالمنطقة المركزية كان هناك مركز لاستقبال الحجاج القادمين من جدة بميدان البيبان وهناك مرشدون ينقلون الحجاج إلى مطوفيهم مباشرة ويكون هذا العمل يشبه تمامًا العمل المنفذ حاليًا ولكن بنوع من التطوير العصري الذي فرضته الطبيعة التاريخية حيث كان لكل مطوف مقر خاص يستقبل فيه الحجاج يطلق عليه (البرزة) التي كانت تشكل تنافسًا قويًا بين المطوفين فكل منهم يعمد إلى إظهار برزته بشكل أفضل رغبة منه في الدعاية وقدوم حجاج في العام القادم أكثر من حجاج هذه العام وداخل البرزة يوجد المطوف وقد تصدر صدر المجلس فيما نرى عن يمينه وشماله مجموعة من الحجاج القادمين له وبينهم شيخ وإمام مسجد وعمدة وهكذا وعند مدخل البرزة يقف أبناء المطوف وعماله في استقبال الحجاج وإدخالهم وتقديم واجب الضيافة لهم.
وتواصل المملكة منذ أن أرسى الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ركائز الأمن، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- توفير كافة الإمكانيات التقنية والبشرية لأمن الحجاج، وشهدت مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في هذا العهد الزاهر نوعية في حجم المشروعات والخطط التنظيمية المتكاملة، وتوفير لها كل الإمكانات البشرية والمادية, ليجد الحاج منظومة متكاملة من الخدمات المتنوعة، التي تعينه على أداء مناسكه بكل أمن وأمان وراحة واستقرار.