مجلس النواب اللبناني يفشل في تمرير مشروع قانون العفو العام

بيروت، 28 مايو (پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك) - فشل مجلس النواب اللبناني، اليوم الخميس، في تمرير مشروع قانون العفو العام المثير للجدل، وذلك بعدما أدت الخلافات السياسية والطائفية دون التوافق على صيغة مقبولة من القوى الممثلة في البرلمان.

وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري تأجيل البحث في مشروع قانون العفو، بعد جدل حاد شهدته الجلسة التشريعية بعيد انعقاد جولتها الثانية عصر اليوم، والتي شهدت انسحاب عدد كبير من النواب.

وجاء تأجيل البحث في مشروع القانون بعد فشل محاولة أخيرة سعى إليها بري لتأمين توافق حوله، حين اعلن بداية عن تعليق الجلسة لمدة عشر دقائق للتشاور بين ممثلي الكتل البرلمانية​​​.

وكانت الجلسة التشريعية لمجلس النواب اللبناني عقدت منذ صباح اليوم في مقر الأونيسكو بدلاً من مقر البرلمان اللبناني، للمرة الثانية على التوالي، وذلك في إطار إجراءات استثنائية متخذة في لبنان بسبب انتشار فيروس "كورونا".

وانعقدت الجلسة التشريعية على وقع احتجاجات شعبية دعا إليها بشكل خاص المعارضون لشمول العفو العام عملاء الجيش الإسرائيلي السابقين في جنوب لبنان وأفراد عائلاتهم المقيمين في إسرائيل.

وردد مئات المتظاهرين هتافات تعترض على قانون العفو، فيما حاول عدد منهم الاقتراب من مقر الاونسكو، حيث تعقد الجلسة، لكن قوى الأمن سارعت إلى منعم ما أدى إلى وقوع تدافع، تم احتواؤه سريعاً.

وداخل مقر الاونسكو، كانت الخلافات حول قانون العفو تعكس الانقسام السياسي الحاد في البلاد.

ومع انطلاق النقاش حول قانون العفو المقترح، بادر عدد من النواب إلى الاعتراض عليه، لا سيما بعدما اقترح رئيس مجلس النواب نبيه بري التصويت عليه بمادة واحدة بدلاً من مناقشته بنداً بنداً.

وتدور الخلافات المتصلة بمشروع القانون المقترح حول ثلاث نقاط أساسية، وبدت امتداداً للانقسام الطائفي في البلاد.

ومن جهة، يسعى "حزب الله" بشكل خاص إلى ان يكون قانون العفو مقدمة لإطلاق سراح عدد كبير من المسجونين من بيئته الحاضنة (الشيعية) لا سيما في منطقة البقاع الشمالي، المعروفة بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، حيث ينشط بعض الأهالي مجال تهريب المخدرات وسرقة السيارات.

ومن جهة ثانية، يسعى "تيار المستقل" الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بأن يشمل العفو العام الموقوفين الإسلاميين المتهمين بجرائم إرهابية، ومعظمهم من البيئة الحاضنة (السنية) وهو ما ترفضه قوى مسيحية، من بينها "التيار الوطني الحر" الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون، والذي يتزعمه وزير الخارجية السابق جبران باسيل.

وقال باسيل، خلال الجلسة "نحن لدينا موقف مبدئي ضد العفو ولكن (كانت) هناك محاولة للوصول إلى اتفاق، ولكننا لم ننجح"، مضيفاً "هذا القانون سنصوّت ضده ولكننا نتفادى إحداث مشكل".

وفي ظل الخلاف حول العفو عن الإسلاميين، حاول النواب خلال الجلسات السابقة لطرح مشروع القانون على التصويت التوصل إلى حل وسط، يقضي بتخفيف عقوبة المستثنين من القانون، ومن بينهم الموقوفون الإسلاميون، وهو ما قوبل برفض قاطع من قبل الأحزاب المسيحية، وفي طليعتها "التيار الوطني الحر".

وقال الحريري للصحافيين على هامش الجلسة إن "البعض يحاول تصوير موضوع العفو العام على أننا نريد إطلاق مجرمين من السجن، وهذا الأمر غير صحيح".

الجدير بالذكر أن قضية الموقوفين الإسلاميين بدأت منذ توقيف المسلحين الأصوليين المنضوين في صفوف جماعة "فتح الإسلام" الذين قاتلوا الجييش اللبناني في مخيم نهر البارد عام 2007، ومن ثمّ انضم إليهم مسلحون تم توقيفهم خلال معارك منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية ومنطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية في مدينة طرابلس شمال لبنان على خلفية الأزمة في سوريا، بجانب موقوفي الهجوم الذي شنه مؤيدو الشيخ السلفي أحمد الأسير ضد الجيش اللبناني في بلدة عبرا في جنوب لبنان، ومن ثم موقوفو العمليات الإرهابية التي شنها تكفيريون من "جبهة النصرة" في مدينة عرسال في الب

أما ثالث الخلافات حول مشروع القانون فتتمثل في تمسك "التيار الوطني الحرّ" و"القوات اللبنانية" و"الكتائب" وبعض النواب المستقلين بعودة "المبعدين إلى إسرائيل".

ويعود هذا الملف إلى فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان (1978-2000)، حيث انضوى عدد من اللبنانيين في الميليشيات الحليفة لإسرائيل في تلك الفترة، والتي عرفت باسم "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة سعد حداد وخليفته انطوان لحد، والذين انتقل العديد منهم إلى إسرائيل بعد اكمال انسحابها من الجنوب في 25 أيار/مايو عام 2000.