الاجتماع المالي بمشاركة قادة لبنان لا يدعم خيار سداد الديون المستحقة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 07 مارس 2020ء) أعلنت الرئاسة اللبنانية، أن مخرجات الاجتماع المالي الاقتصادي، الذي عقد اليوم السبت في بعبدا، شددت على الوقوف بجانب الحكومة في أي خيار تعتمده في مجال إدارة الديون باستثناء سداد الديون المستحقة.

وقال المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، في بيان، عقب الاجتماع الذي حضره الرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة حسان دياب، ورئيس البرلمان نبيه بري، وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة "استنادًا للخيارات والتصورات المتاحة قرر المجتمعون الوقوف إلى جانب الحكومة في أي خيار تعتمده في مجال إدارة الديون باستثناء دفع الديون المستحقة"​​​.

وأكد شقير "تم التركيز على اعتماد وتنفيذ الخطة الشاملة الكاملة المبنية على إصلاحات مالية تتزامن معها خطة اقتصادية".

ويأتي الاجتماع المالي الاقتصادي، لاتخاذ قرار نهائي بشأن التعامل مع استحقاق سندات "يوروبوندز"، بعدما تعثّرت مساعي الدولة اللبنانيّة للتوصّل إلى اتفاق مع الدائنين يقضي بإعادة جدولة السندات.

وبذلك، يكون لبنان قد انتقل من خيار التخلف المنظم المتفق عليه مع الدائنين عن السداد، إلى خيار التخلف غير المنظم أي الأحادي، ما سيرتب استحقاقات قانونية، من شأنها أن تؤثر بشكل دراماتيكي على الواقع الاقتصادي والنقدي والمالي، وبطبيعة الحال السياسي، في المرحلة المقبلة.

وسعت الدولة اللبنانيّة في الفترة الماضية إلى التوصّل لإتفاق مع حملة سندات اليوروبوند التي يستحق موعد دفعها في العام 2020 لإعادة جدولتها. وتتوزع السندات بين دفعة تستحق في آذار/مارس (1.2 مليار دولار) ونيسان/أبريل (700 مليون دولار) وحزيران/يونيو (بقيمة 600 مليون دولار).

وفشلت هذه المساعي على أثر رفض صندوق "أشمور"الاستثماري، الذي أصرّ على سنداد السندات التي تستحق في آذار/مارس قبل التفاوض على السندات الباقية.

ويملك "أشمور" في محفظته ما يسمى بـ"الربع المعطل"، حيث يفترض الاتفاق الخاص بسندات "اليوروبوندز" موافقة 75 بالمئة من الدائنين على أية خطط متصلة بإعادة جدولة الديون، مع الإشارة إلى أن الصندوق الاستثماري، وبحسب أوردت وسائل إعلام لبنانية، ضاعف خلال الفترة الماضية من شراء السندات للوصول إلى النسبة المئوية من الحصص التي تسمح له بتعطيل أية قرارات غير متفق عليها للتعامل مع مصير السندات.

وكان من المحتمل التوصل إلى حل يجنّب لبنان إعلان التعثر عن الدفع، عبر مفاوضات مع الدائنين المحليين، بما في ذلك المصارف اللبنانية، والذين كانوا يمتلكون 900 مليون دولار من إجمالي قيمة سندات الدفعة الأولى (1.2 مليار دولار)، ولكن المفاجأة تمثلت في تبدّل سريع لحاملي السندات المحليين والخارجيين مع بدء الحديث عن مقترحات لإعادة الجدولة، حيث ارتفعت نسبة السندات التي يملكها الدائنون الأجانب، لتتجاوز أكثر من 70 بالمئة.

وخلال الفترة الماضية، أثير الجدل بشكل حاد على المستويين السياسي والاقتصادي في البلاد، بين فئة تطالب بتسديد السندات مما تبقى من احتياطي للمصرف المركزي بالعملات الأجنبية، وبين فئة رفضت هذا الخيار بشكل قاطع بالنظر إلى تداعياته الكارثية على أموال المودعين في المصارف، لتحسم الوجهة باتجاه الإعلان المرتقب عن التخلف عن الدفع، حتى من دون اتفاق مع الدائنين.

ومع ذلك، فإنّ هذه الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد اللبناني، الذي يواجه أزمة غير مسبوقة دفعت اللبنانيين للخروج إلى الشوارع احتجاجاً منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ومن أهم التداعيات المترتبة على التخلف غير المنظم لدفع السندات ما يتصل بمصير الموجودات التي تخص الدولة اللبنانيّة ومصرف لبنان في الخارج، بما في ذلك جزء من احتياطي الذهب، والتي يتواجد جزء كبير منها في الولايات المتحدة.

الجدير بالذكر أن الدولة اللبنانية تنازلت في عقود إصدارات سندات اليوروبوندز عن حصانتها ضد المقاضاة، حيث منحت الاختصاص القضائي غير الحصري لمحاكم نيويورك الأميركية للبتّ بكل خلاف ينشأ بشأن السندات، بجانب تنازلها أيضاً عن الحصانة ضد التنفيذ لأبعد حدّ ممكن، والتي لم يبق منها سوى ما يتعلق حصراً ببعثاتها الدبلوماسية من سفارات وقنصليات.

في حال امتنعت الدولة عن الدفع بشكل غير منظّم، يحق لكل حامل سند ان يقاضيها سواء أمام محاكم نيويورك، أو في أية محاكم أخرى في العالم. وفي وقت لا يسمح القانون الدولي التنفيذ على ممتلكات الدولة اللبنانية في الخارج، إلا أن أموالها وممتلكاتها في الخارج يمكن الحجز عليها بأشكال عدة، ولا سيما في ما يخص بممتلكات مصرف لبنان، الذي يمتلك ذهباً مودعاً في الولايات المتحدة بجانب اسهم في شركات منها " طيران الشرق الأوسط" و"انترا". كما يمكن للدائنين التقدم بطلبات للحجز على كافة الأموال المنقولة العائدة للدولة اللبنانية خارج لبنان بما في ذلك حمولات بواخر متجهة

إلى البلاد، أو منتجات مصدّرة تملكها الدولة اللبنانية.

أما من ناحية التداعيات الاقتصادية، فمن المؤكد أن الخطوة المرتقبة ستؤدي إلى تدهور التصنيف الائتماني للبنان بوصفه بلداً متعثّراً، ما سيؤدي إلى تراجع قدرة المصارف المحلية بالحصول على تسهيلات لدى المصارف المراسلة، ومنها تلك التي ترتبط بتمويل وضمان الاعتمادات، فضلاً عن عدم قدرة لبنان على الاستدانة مرة جديدة للنهوض باقتصاده الذي يقف على حافة الانهيار.

وليس واضحاً حتى الآن الخطة التي ستقاربها الحكومة اللبنانية للإنقاذ الاقتصادي، خصوصاً أن إعلان التعثر عن الدفع يدفع باتجاه سيناريوهات يراها كثيرون كارثية، ومن بينها تعطل كل إمكانات النهوض باستثناء خطة إنقاذ بشروط صندوق النقد الدولي، الذي طرح، بحسب ما تسرّب من الاجتماعات التي أجراها وفد من قبله مع السلطات اللبنانية خلال الأسابيع الماضية، حلولاً مؤلمة من بينها رفع الضرائب والاقتطاع من الرواتب وتحرير سعر صرف الليرة اللبنانية، ما يؤدي إلى زيادة الضغوط على الشعب اللبناني، وينذر بالتالي في تفجر موجة احتجاجات جديدة قد تؤدي في نهاية المطاف إل

ى استقالة الحكومة الحالية وبقاء البلاد في دوامة الأزمات المتجددة.