عون لـ"سبوتنيك": مواضيع البحث مع بوتين متعددة ولبنان يعيش ضمن الحصار المفروض على المنطقة

عون لـ

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 21 مارس 2019ء) أكد الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، اليوم الخميس، أن المواضيع التي سيبحثها مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال زيارته لموسكو متعددة، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو القضايا الإقليمية، ولا سيما أزمة اللاجئين.

وأشار عون إلى أن " لبنان يعيش ضمن الحصار المفروض على المنطقة"، لافتاً إلى أن الضغوط الأميركية على "حزب الله" تطال كل اللبنانيين​​​.

وجاء كلام عون، خلال لقاء صحفي أجراه مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية في بيروت، عشية زيارته المرتقبة لروسيا يومي 25 و26 آذار/مارس الحالي.

وقال عون إن "علاقة لبنان بروسيا تاريخية وتعود للقرن التاسع عشر"، لافتاً إلى أنه سيبحث خلال الزيارة "سبل تطوير هذه العلاقات على مختلف الأصعدة، بالإضافة إلى مواضيع البحث الأخرى".

وأشار الرئيس اللبناني إلى أن "مواضيع البحث مع الرئيس فلاديمير بوتين متعددة"، لافتاً إلى أنّ "برنامج المحادثات الذي يتم تحضيره بناء على رغبة الجانبين لا يزال قيد الإنجاز".

أوضح عون أن "من بين المواضيع المطروحة، ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط والحروب التي اندلعت في عدد من دولها ونتائجها التي لا يزال لبنان يتحملها، بالإضافة إلى انعكاسها على وضع المسيحيين في المشرق وملف النازحين في ضوء المبادرة الروسية التي تنص على تشجيع عودتهم والموقف اللبناني من هذه القضية الذي تؤيده روسيا".

وأضاف "قد نتطرق إلى قضية القدس وإسرائيل، بالإضافة إلى تقوية العلاقات اللبنانية -الروسية الثقافية والحضارية وتلك القائمة بين الشعبين التي نرغب بتطويرها في مختلف المجالات، في ظل وجود مراكز ثقافية وتعليم اللغات، فضلاً عن السياحة بين البلدين. كما يهمنا بحث العلاقات الاقتصادية التي نرغب أيضاً بتوسيعها".

وحول المقاربة اللبنانية لملف اللاجئين، وما إذا كان لبنان قادراً على تنفيذ المبادرة الروسية من دون أن يأخذ في الاعتبار الشروط التي يضعها المجتمع الدولي، قال عون إنّ "لبنان يأخذ علماً بالشروط الدولية، ولكنه سيتصرف وفق ما تمليه عليه مصلحته العليا، فالمجتمع الدولي لا يساعده فيما هو يساعد السوريين على العودة بحيث بلغ عدد العائدين من لبنان 172 ألف نازح لغاية اليوم".

ولفت عون إلى أنّ "المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الذي جال مؤخراً في سوريا واتصل شخصياً وبكل حرية ومن دون مراقبة مع العائدين، "بلغنا أن وضع هؤلاء جيد وهم يعيشون هناك بارتياح".

وعن بروز مصطلح جديد حول "التطبيع" مع سوريا، ومدى استعداده للقيام بزيارة إلى هناك إذا ما تطلبت المصلحة اللبنانية لعودة النازحين هذا الأمر، برغم الخلافات الداخلية القائمة، أوضح الرئيس اللبناني "نحن في لبنان مطبّعون للعلاقات مع سوريا التي تتميز بوجود سفراء في كلي البلدين، وهي بالتالي ليست مقطوعة".

وأضاف بأن "لبنان بلد مجاور لسوريا ويجمعهما العديد من القضايا المشتركة التي سنبحث بالتأكيد في حلها، وإذا تطلب الأمر زيارة فسيتم ذلك، أما إذا لم يتطلبها، فبإمكان السفراء والوزراء والمجلس الأعلى القائم بين البلدين البحث بالقضايا ذات الصلة حيث إن زيارة الرؤساء تتطلب وضعا خاصا ولا تكون بغرض السياحة".

وحول المشاركة اللبنانية في إعادة إعمار سوريا والدور الروسي في ذلك، أشار عون إلى أنّ "باستطاعة لبنان المشاركة، وتوجد لديه العديد من الشركات اللبنانية التي تتولى الإعمار، كما باستطاعته المساهمة من الناحية الجغرافية من خلال مرفأي بيروت وطرابلس".

وأوضح أن "مرفأ طرابلس يمكنه أن يغذي منطقة حمص وحماه وغيرها، فيما باستطاعة مرفأ بيروت تغذية المنطقتين الوسطى والجنوبية، وبذلك يكون بإمكان لبنان نقل مواد البناء والإعمار إلى سوريا".

وأضاف "نحن نخطط لإنشاء سكة حديد ساحلية حيث إن هناك مدخلين لسوريا أحدهما في الشمال في حمص، والثاني باتجاه دمشق من البقاع. وهذه الخطة تستلزم بعض الوقت، والإعمار في سوريا لن يتم على المدى القصير".

ورداً على سؤال لـ"سبوتنيك" حول ما إذا كان يلمس أي نوع من الضغوط على لبنان لعدم المشاركة في إعادة إعمار سوريا، قال عون إن "الضغوط تمارس على الجميع حاليا، في ظل ربط المجتمع الدولي بالإعمار وعودة النازحين بالحل السياسي".

وأوضح أن "الأمر يتطلب إيجاد مصادر تمويل ليس من لبنان أو سوريا، بالتأكيد اللذين بالكاد يكفيان حاجاتهما بعد الظروف التي مرا بها، بل من كل الدول الأخرى بما فيها وأوروبا وأميركا ودول الخليج. وإذا تمنعت هذه الدول عن ضخ الرساميل فسيتوقف الإعمار حصل ضغط أو لم يحصل".

وأضاف بأن "الضغوط السياسية مباشرة، والمجتمع الدولي لايتردد بقراره وبربطه عودة النازحين بإعمار سوريا والحل السياسي فيها. إن النقاش مع الموفدين الدوليين عندما يزورون لبنان يتمحور حول هذه النقطة بالتحديد"، مشدداً على أن "لبنان يرفض الأمر لأنه لا ارتباط بين رغبة النازحين بالعودة ومنعهم من قبل المجتمع الدولي الذي يسعى لأخذ النازح رهينة كي يقبض ثمنه في الحل السياسي".

واعتبر عون أن "أخذ الرهائن وخاصة البشرية ممنوع وثمة مخالفات كثيرة في ذلك. ثم إن لبنان صغير المساحة، وأصبحت الكثافة فيه 600 شخص في الكيلو متر المربع الواحد، وهذه كثافة مدنية بطبيعتها وليست كثافة وطن".

ورداً على سؤال لوكالة "سبوتنيك" حول الضغوط الأميركية المفروضة على لبنان، قال عون إن "الحصار على حزب الله يصيب كل اللبنانيين"، مشددا في المقابل، على أن" لبنان بلد محايد وليس بإمكان أحد حجبنا عن أي بلد في العالم".

وأوضح عون أن "لبنان يعيش ضمن الحصار المفروض على المنطقة، لاسيما وأنه لا يستطيع العمل مع سوريا، كما أن حزب الله محاصر مالياً. فأصبحنا بذلك محاصرين عالمياً، لأن الـتأثير السلبي للحصار على حزب الله يصيب كل اللبنانيين، كما المصارف اللبنانية، فكل مصرف لبناني لديه توجّس من التعامل مع أي مودع خوفاً من أن يكون لديه علاقة مع حزب الله. فالمصرف أصبح لديه خوف من الزبائن الذين بدورهم يخافون منه. وهذا الخوف المتبادل لا يبني اقتصادا وعلاقات تجارية سليمة".

وأشار عون إلى أن "لبنان أصبح بذلك ضمن نطاق الحصار المفروض على الآخرين ولاسيما على إيران، وهو يمرّ نتيجة لذلك بأزمة كبيرة ولكن لا نتوقع المزيد من الإجراءات على المصارف".

ورداً على سؤال لـ"سبوتنيك" بشأن موضوع الخلاف اللبناني- الإسرائيلي حول الحدود البحرية وملفي النفط والغاز مع الرئيس بوتين وإذا ما يمكن لروسيا أن تقوم بدور الوسيط النزيه، قال إن "لا شيء يمنع من ذلك".

ولفت إلى أن "هذا الموضوع سيتم بحثه مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، غدا خلال زيارته إلى لبنان، وعلى ضوء ما يمكن أن نستنتجه نبني على الشيء مقتضاه".

وعما يتردد عن انزعاج أميركي من التقارب اللبناني -الروسي والضغوط التي تمارس لكبحه، أوضح الرئيس اللبناني أن "ما يجمع لبنان وروسيا اعتراف متبادل وعلاقات تاريخية تميزت حتى في أيام الاتحاد السوفياتي السابق والتوتر بينه وبين الولايات المتحدة، بالمحافظة على التمثيل الديبلوماسي رغم محدودية العلاقات آنذاك".

وأضاف "نحن في لبنان لا نتأثر بالخلافات بل نقيَم الأمر على ضوء مصالحنا وصداقتنا مع الشعوب، فلبنان بلد محايد وقد اقترحت جعله مركزا عالميا لحوار الثقافات والحضارات والأديان والأثنيات. وليس بإمكان أحد حجبنا عن أي بلد في العالم".

وتابع "صحيح أننا لا نتدخل بمشاكل الآخرين ولكننا نريد المحافظة على شخصيتنا".

وحول الهواجس اللبنانية من قبول الهبات العسكرية الروسية، أشار الرئيس اللبناني إلى أن "الأسلحة التي بحوزة القوى العسكرية اللبنانية تختلف عن الأسلحة الروسية حالياً، ولبنان يقوم باستقدام التجهيزات من الولايات المتحدة الأميركية، فيما استعمال الأسلحة الروسية يتطلب تغيير نظام الأسلحة المستخدم"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "لبنان بحاجة إلى مصدر أسلحة، وفي المستقبل لا نعلم كيف سيتطور الوضع".

وعما إذا كانت اتفاقية التعاون اللبناني مع شركة "روسنفت" تعد بداية لتعاون أوسع بين البلدين، قال عون إن "التعاون مع روسيا بدأ قبل ذلك، فهناك كونسورسيوم إيطالي فرنسي روسي، ونوفاك من ضمنه، وقد حاز التزام التنقيب عن النفط وسيبدأ العمل في العام الجاري إن شاء الله"، مشدداً على أنه "ليست هناك من علاقة اقتصادية تبدأ إلا وتتطور".

وفي ملف الكهرباء وإمكانية الاستعانة بالخبرات الروسية، أوضح عون أن "النظام اللبناني حر، ويجب طرح أي التزام على المناقصات، لافتا إلى أن لا شيء يمنع أن تتقدم روسيا لمناقصات فتحصل على الالتزامات إذا ما كانت عروضها أفضل".

ورداً على سؤال لـ"سبوتنيك" عن لقاء مصالح روسيا ولبنان، رأى عون أن "للبنان وضعاً خاصاً ودقيقاً جداً، فهو مطوق ويقع ضمن مثلث متساوي الأضلاع بين روسيا وأميركا والصين، فيما لا تزال السياسة العامة في الشرق الأوسط غير واضحة المعالم، ووضعه لا يسمح له بالاختيار فهو لن يدخل في حروب مع أي من الفرقاء بل يسعى للتفتيش عن صداقات الجميع. من هنا نحن نقول بالصداقة للجميع والخلافات لمن هم مختلفون.

وشدد على أن "اللبنانيين على علاقة تاريخية مع روسيا تعود للقرن التاسع عشر"، لافتاً إلى أنه "عندما وقعت أحداث 1860، ووضع اتفاق 1864 وتوزعت حمايات الدول على أساس ديني، كانت روسيا من ضمن المجموعة التي منحت الحماية للمسيحيين اللبنانيين الأرثوذكس وفرنسا للموارنة والنمسا للكاثوليك وانكلترا للدروز. ومن هنا نشأت العلاقات القوية مع روسيا وانتشرت بين اللبنانيين على مختلف أطيافهم. ومن دون أن ننسى أن لدى روسيا اهتماما خاصا بالأراضي المقدسة في فلسطين".

من جهة ثانية، أكد "عون أهمية دور روسيا في المساعدة على إنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار عبر المساهمة فيها، لافتاً إلى أنه "تم طرح هذا المشروع أمام الأمم المتحدة تحت رعاية اليونيسكو، والمطلوب اليوم من الجميع تأييده والمشاركة فيه لاسيما وأنه يعني العالم كلّه".

وأشار عون إلى أنه "بدأ طرح مشروع إنشاء هذه الأكاديمية لدى دول عدة، كفرنسا وألمانيا والهند والصين".

وذكّر عون بأن "عصبة الأمم فشلت بعد الحرب العالمية الأولى بتحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله وهو نشر السلام، فاندلعت الحروب، وهذا ما حصل بعد الحرب العالمية الثانية مع الأمم المتحدة"، موضحاً أن "سبب ذلك يعود إلى أن معاهدات السلام وُضعت فقط على الورق، وبين حكومات لديها مصالح، من دون تحقيق مصالحات حقيقية بين الشعوب التي تختلف عن بعضها البعض في المعتقدات، ولم يتخط تفكيرها الإنساني حدود دولها".

ورأى الرئيس عون أن "الإنسان عدوّ ما ومن يجهل، ولذلك عليه أن يتعرف على الآخر فيكتشف في المحصلة أنه يفتش مع هذا الآخر عن الهدف ذاته، أي السلام والازدهار. وهذه هي النقاط التي نحن في لبنان نعمل على تطويرها وتثبيتها ضمن ثقافتنا، ولذلك يتضمن المشروع المطروح مركزاً للحوار إلى جانب أكاديمية تمنح شهادات في هذا المجال، فننشر عبر ذلك هذه الثقافة بين دول العالم وبين مختلف الأعراق والجنسيات".

وشدد الرئيس اللبناني على أهمية "تربية المواطن على معرفة الآخر المختلف عنه باللون والإثنية والمعتقد والتقاليد، مع ضرورة احترام حرية المعتقد وحق الاختلاف وحرية الرأي، وبذلك يعيش الإنسان بسلام، إلا أن حرب المصالح تبقى موجودة، وعلينا التخفيف منها لأن الجميع يريد الاستمرارية والعيش".

من جهة أخرى، نفى الرئيس اللبناني وجود مخاوف من تقسيم المسيحيين في المشرق، لافتاً إلى أن "المسيحيين يريدون أن يعيشوا ضمن مجتمع متعدد بعيداً عن الآحادية، التي هي ضد تفكيرنا وثقافتنا"، ومشيراً إلى "سقوط الآحادية الدينية كما السياسية المتمثلة بالأنظمة الديكتاتورية، وكذلك الآحادية العرقية، فلا يمكن العودة إليها مجددًا أو القبول بها".

وتحدث في هذا المجال، عن وجود "ما يخالف هذا المسار العالمي الحضاري، وهو إقرار إسرائيل بما يسمى بالدولة القومية اليهودية التي تحمل صفة الآحادية، وتريد أن تعيش ضمن محيط مختلط ومتنوع ما يسبب المشاكل".

وأضاف "لقد دفعت منطقة الشرق الأوسط حوالي 1400 سنة من حروب ومشاكل بين الإسلام والمسيحية حتى تمكّنا من الوصول إلى الاستقرار الذي ننعم به، فلدى المشرقيين ثقافة مشتركة، مقتبسة من الإسلام والمسيحية، ما يجعل من لبنان بلداً فريداً من نوعه يتميز بمجتمعه المتنوع الذي يختلف أبناؤه في بعض الأحيان في ما بينهم سياسياً، ككل الدول الديموقراطية، ولكن لا يختلفون على الوطن، وهذا هو الأهم".

ورداً على سؤال عن إمكانية وجود قوة تحاول بث الخلاف بين مسيحيي المشرق كما حصل في أوكرانيا، أكد عون عدم وجود هكذا حالة في منطقة الشرق.

وأوضح أنه "في لبنان يوجد أرثوذكس يونانيون، وهناك أرثوذكس روس، ولا أرى أي اختلاف بين الاثنين، ولا حتى بين مختلف الكنائس المسيحية"، موضحاً أن "كلاً لديه الحرية باعتقاداته وتفسيره واجتهاداته. ولكن أساس الدين المسيحي هو الإنجيل وتعاليم السيد المسيح. فالمسيحية نشأت في مناطق مختلفة يتميز كل منها بتقاليدها وثقافتها، ولا بد من أن تتأثر بهذه التعددية الموجودة".