القوى العراقية .. أزمة تشكيل الحكومة تراوح مكانها وتباين إزاء تلويح الرئيس بالاستقالة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 28 ديسمبر 2019ء) أحمد شهاب الصالحي. بين من طالبت بـ "اقالته " وبين من وصفته بـ "الوطني"، انقسمت ردود أفعال القوى السياسية العراقية على تلويح رئيس الجمهورية برهم صالح بالاستقالة بعد رفضه تكليف مرشح كتلة "البناء" أسعد العيداني بتشكيل الحكومة المقبلة.

تحالف "البناء" بزعامة هادي العامري، الذي يؤكد أنه الكتلة الأكبر في البرلمان، اتهم الرئيس العراقي بـ "مخالفة الدستور"، ودعا البرلمان لإقالته.

وذكر التحالف، في بيان، "فوجئنا بإصرار رئيس الجمهورية على مخالفة الدستور وعدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر بحجة رفض المرشح من بعض الأطراف السياسية".

وأضاف ان "انتهاك الدستور من الجهة التي يفترض أن تكون حامية له يعني دفع البلاد إلى الفوضى التي لا تخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه الذي يرفض بقوة الإملاءات من أية جهة كانت وفرض سياسة الأمر الواقع ولي الأذرع وتجاوز المؤسسات الدستورية".

وحذر التحالف من أن "مخالفة الدستور ورفض تكليف رئيس الوزراء وفق السياقات الدستورية سيؤدي إلى نتائج تتنافى مع مطالب المتظاهرين وعموم الجماهير في تحقيق الأمن والاستقرار لتبدأ عملية تنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين"، داعيا مجلس النواب إلى "اتخاذ الإجراءات القانونية بحق رئيس الجمهورية لحنثه باليمين وخرقه للدستور".

لكن على الجانب الآخر، وصف تحالف "سائرون" (بزعامة المرجع الديني البارز مقتدى الصدر، تلويح الرئيس صالح بـ "الموقف الوطني".

وذكر بيان صادر عن التحالف إن "الكتلة النيابية لتحالف سائرون تثمن الموقف الوطني والمسؤول لرئيس الجمهورية إزاء الأزمة التي يمر بها العراق بسبب تصاعد حمى التكالب على منصب رئيس مجلس الوزراء".

وأضاف، أن "المواقف التي تغلب مصلحة العراق على المصالح الشخصية والفئوية وتهدف إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي لهي جديرة بالاحترام والتقدير، ويبقى العراق أهم من كل العناوين والمرشحين".

واختتم البيان بالقول" شكرا لرئيس الجمهورية على موقفه الوطني".

كما رفض ائتلاف النصر (بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي)، في بيان، استقالة الرئيس العراقي ودعاه للاستمرار بمسؤولياته الدستورية والوطنية.

وقال الائتلاف "نرفض استقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، وندعو لسحبها والاستمرار بمسؤولياته الدستورية والوطنية"، مؤكدا أن "المصالح الوطنية والشرعية الشعبية تقتضيان من القوى السياسية دعم الحلول الملبية لطموحات الشعب، وترك عقلية التخوين والاستقواء والهيمنة".

وأكد تحالف النصر "ضرورة إجراء تغيير جوهري على معادلة الحكم الحالية بما يؤسس لمرحلة مؤقتة قادرة على إخراج البلاد من أزمتها"، لافتا إلى أن "الإصرار على بقاء هذه المعادلة سيقود إلى المجهول، وستتحمل القوى الرافضة إجراء إصلاحات حقيقية كامل المسؤولية أمام الله والوطن والتاريخ".

وفي موقف مماثل، رفضت كتلة تيار الحكمة (بزعامة عمار الحكيم) في البرلمان استقالة صالح، وأكدت على ضرورة بقائه في المنصب والحرص على عدم خرق الدستور.

وقال النائب عن الكتلة خالد الجشعمي في مؤتمر صحافي، الخميس الماضي، "نؤكد الدور الكبير لرئيس الجمهورية في حماية الدستور والحرص على دماء العراقيين ونثمن موقفه من اختيار مرشح لرئاسة الوزراء غير جدلي يحظى بمقبولية لدى الشعب".

وأضاف الجشعمي، "لا يسعنا الا أن نعلن رفضنا في ما ورد في كتاب رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب في تقديم الاستقالة ونؤكد على ضرورة بقائه في المنصب واستكمال دوره في جمع العراقيين والحرص على عدم خرق الدستور".

ومن جانبه دعا ائتلاف "الوطنية" (بزعامة إياد علاوي) لتشكيل وزارة مصغرة برئاسة الرئيس برهم صالح بالتنسيق مع الأمم المتحدة، على ألا تتجاوز مهمة هذه الحكومة سنةً كاملة وتتعهد بأن لا تترشح للانتخابات.

وقال الائتلاف في بيان، "في أحرج وأخطر مرحلة يشهدها تاريخ العراق الحديث، وفي الوقت الذي كنا نتوقع أن تساهم القوى السياسية الرئيسة والمسؤولة عن ترشيح رئيس وزراء وتقديمه إلى السيد رئيس الجمهورية لإيجاد مخرج مناسب من المأزق الحالي، فوجئنا بتلك القوى - بعد أن ضربت الدستور بعرض الحائط مرة أخرى عندما لم تلتزم بمفهوم الكتلة الأكبر (رغم تحفظنا عليه، منذ انتخابات عام 2010) فجرى ترشيح رئيس وزراء من قبل كتلتين فقط- لتعود مرةً أخرى لخرق الدستور من خلال إصرارها على أنها تمثل الكتلة الأكبر في الوقت الذي لم يتم تسجيل ذلك في الجلسة الأولى لمجلس النواب".

وأضاف،  "بدلاً من ترك الأمر لرئيس الجمهورية ليبدأ مشاوراته وحواراته لاستمزاج آراء جميع القوى السياسية والخروج برأي موحد لتسمية رئيس الوزراء المقبل، مارست الضغوط على رئيس الجمهورية للقبول بمرشحها، من دون أي اعتبار لمطالب المتظاهرين، ومطالب النقابات والاتحادات والجمعيات التي كان لها رأي أخر بهذا المرشح".

وتابع ائتلاف الوطنية "اليوم، ومع عجز هذه الكتل عن تقديم مرشحٍ يلبي تطلعات المتظاهرين ويكون أهلاً لإدارة المرحلة المقبلة، نرى أنه آن الأوان ليشكل الدكتور برهم صالح وزارةً مصغرةً بالتنسيق مع الأمم المتحدة وتعيين مفوضيةٍ جديدةٍ للانتخابات ووفق قانون جديد منصف وعادل، على أن لا تتجاوز مهمة هذه الحكومة سنةً كاملةً وتتعهد بأن لا تترشح للانتخابات".

وأكد الخبير القانوني طارق حرب، في تصريح لوكالة سبوتنيك، أن تلويح الرئيس برهم صالح بالاستقالة من المنصب "خطوة لا يترتب عليها أي أثر قانوني".

وقال حرب "لا يوجد أي أثر قانوني على تلويح الرئيس العراقي بالاستقالة ، وإنما هو مجرد تحذير أو إنذار أو لفت نظر أو إحاطة علم للبرلمان بأن المسألة معقدة وصعبة، وأن هناك صعوبات تتمثل بعدم تحديد الكتلة الأكبر وصعوبات بشأن المرشح لرئاسة الوزراء".

وأردف "لا تعتبر استقالة في جميع الأحوال".

يذكر أنه في خطاب موجه إلى رئيس البرلمان العراقي في الثاني والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري، أكد الرئيس برهم صالح أن أي من الأسماء التي طرحتها الأحزاب الرئيسية، غير مقبولة، مشددا على أنها "لا تلبي مطالب المتظاهرين وأن المشرعين في البرلمان العراقي بحاجة إلى أخذ ذلك في الاعتبار.