إعادة - نتائج انتخابات العراق تدفع باتجاه تحالف الصدر والحلبوسي والأكراد لتشكيل الحكومة - محللون

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 12 اكتوبر 2021ء) أحمد شهاب الصالحي. أظهرت النتائج الأولية للانتخابات العراقية المبكرة، التي جرت يوم الأحد الماضي، حصول التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، على نحو 73 مقعدا في البرلمان، و"كتلة تقدم"، بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، على 38 مقعدا، وائتلاف "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي على 37 مقعدا، في البرلمان​​​.

ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة قد يكون الأسرع هذه المرة؛ قياسا بالحكومات العراقية السابقة، التي احتاجت لأشهر من أجل التشكيل.

ويعلل هؤلاء هذا التوجه، لوجود تفاهمات سابقة، بين التيار الصدري و"كتلة تقدم"، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، الذي يحصل على 32 مقعدا في البرلمان؛ حسب النتائج الأولية.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي العراقي علي البيدر، أن التيار الصدري، مع الأحزاب الكردية، وحزب الحلبوسي، هم الأقرب إلى تشكيل الحكومة الجديدة .

وقال البيدر في مقابلة مع "سبوتنيك"، "هناك الكثير من اللقاءات والاجتماعات حصلت قبل الانتخابات، بين أكثر من طرف. التيار الصدري قد يكون الأقرب إلى الجانب الكردي والسني (كتلة تقدم)، منه إلى الكتل الشيعية. أي انه يحظى بقبول تلك الأطراف، خاصة مع وجود آراء ومواقف متشنجة داخل البيت الشيعي، لا ترحب بالتيار الصدري".

وأضاف، "لذلك هذه العناوين قد تجتمع وتتفق فيما بينها على تشكيل الحكومة المقبلة، واختيار رئيس الوزراء".

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، أن وضوح الكتلة الأكبر هذه المرة في البرلمان العراقي الجديد، سيسهل من عملية تشكيل الحكومة الجديدة.

واعتبر الفيلي، أن اتفاق الزعماء الثلاثة (الصدر، الحلبوسي، بارزاني)، وعدد من المستقلين الفائزين بعضوية البرلمان الجديد، سيمكنهم من تشكيل الحكومة الجديدة بالوصول إلى العدد المطلوب 165 نائبا (النصف + واحد) من عدد أعضاء البرلمان الكلي البالغ 329 نائبا .

وقال الفيلي، لوكالة "سبوتنيك"، "شكل الحكومة القادمة، أعتقد، وحسب النتائج الأولية، 73 مقعد للتيار الصدري. وبالتالي قرب التيار من تحالف تقدم، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وبقية القوى الأخرى المنضوية في هذا الإطار. أعتقد سيتمكنون من تشكيل الحكومة، خاصة وأن عدد مقاعدهم يصل إلى النصف زائد واحد".

وأضاف، "أعتقد أن الحكومة القادمة قد تكون الحكومة الأسرع في التشكيل؛ خاصة مع امتلاك الكتل الثلاث، التي تحدثنا عنها، عددا كبيرا من المقاعد. وحتى الذين يؤمنون بمشروع الدولة، قد تذهب كتل إلى تشكيل ودعمها؛ لكن لا يدخلون فيها".

الحكومة والطائفية

يرى المراقبون أن زعيم التيار الصدري سيعمد إلى تشكيل حكومة عراقية وطنية، تضم جميع مكونات الشعب العراقي؛ مستبعدين لجوء الصدر إلى إعادة بناء ما يسمى بـ "البيت الشيعي"، لتشكيل الحكومة الجديدة، في ظل وجود خصومات كبيرة مع نوري المالكي، زعيم "ائتلاف دولة القانون"، وبعض قادة فصائل الحشد الشعبي ضمن "تحالف الفتح"، بزعامة هادي العامري.

ورفض العامري نتائج الانتخابات، التي أعلنت، أمس الاثنين، بعد خسارة حزبه لعدد كبير من مقاعده، التي كان حصل عليها في البرلمان السابق.

وقال الفيلي في هذا الصدد، "السيد الصدر بطبيعته يؤكد على الخطاب العراقي الشامل. وموضوع الحديث عن تكتلات شيعية وسنية اليوم .. هذا الفرز الطائفي بعد عام 2003، بدأ يضمحل، لآن الكثير من الشخصيات، التي كانت ضمن هذا الطائفة أو هذا المذهب، أثبتت أنها تتصارع على السلطة ومقدرات السلطة وغنائم السلطة؛ ولم يكن المذهب من أولوياتها".

وأضاف، "الدليل والتأكيدات تقول، إن العراق دخله ما يقارب تريليون دولار، وهي كافية لبناء 10 دول. ولكن ما هو المتحقق للمواطن العراقي من هذه الأموال الكبيرة! .. الموضوع اليوم موضوع بناء دولة، وهذا المزاج الشيعي ربما يكون في البداية".

وبحسب الفيلي، فإن طبيعة التنافس والخصومات الكبيرة الموروثة بين النخب السياسية؛ تجعل "السني أقرب إلى الشيعي، والشيعي قريب إلى السني، أكثر مما هو بين الانتماءات الواحدة".

الصدر وقادة فصائل الحشد الشعبي

وحول الشكل الذي ستكون عليه العلاقة بين مقتدى الصدر، وقادة فصائل "الحشد الشعبي"، ضمن "تحالف الفتح"؛ أكد الفيلي الحاجة إلى إعادة التنظيم والحسابات في هذا الإطار.

ويقول في هذا الصدد، "يجب أن يكون هناك تنظيم. والسيد الصدر طرح آلية للعلاقة، وقال إن كل سلاح يجب أن يكون ضمن إطار الدولة، وهذه مسألة مهمة".

وألقى الصدر خطابا، عقب ظهور النتائج الأولية، قال فيه، "من الآن وصاعدا، يجب حصر السلاح بيد الدولة. ويمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق".

وتابع الفيلي فكرته قائلا، "الخسارة لأي جهة، لا تعني نهاية العالم. يجب على الجميع أن يعيد حساباته في تنظيم وضعه. إذا نجحت فصائل الحشد، في أن تحول نفسها من فصائل مقاتلة إلى فصائل إعمار وبناء؛ اعتقد ستجلب الانتصار لنفسها مستقبلا، وتستطيع أن تخلق قبولا سياسيا".

أزمات أمام الحكومة الجديدة

وفي ظل النتائج الأولية، والحديث عن تقارب الصدر والحلبوسي والبارزاني، مع وجود خصومات عميقة للصدر مع بعض القادة السياسيين، وخسارة قوى سياسية لعدد كبير من مقاعدها في البرلمان السابق، يرى المحللون، أن بعض الكتل السياسية ستجد نفسها مجبرة على التواجد كمعارضة في البرلمان؛ في مشهد لم تعتد عليه القوى السياسية العراقية الكبيرة، والتي عكفت بعد عام 2003 على المشاركة الدائمة في كل الحكومات، التي تشكلت بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين.

ويعتبر البيدر، أن "الثقافة السياسية في العراق والعرف السياسي، قد لا يحبذ فكرة المعارضة. وجميع الكتل تسعى لان تكون داخل الحكومة. لكننا قد نشهد معارضة من قبل بعض القوى وربما تكون مكرهة على ذلك. وهذا ما يسهم في صناعة أزمات؛ أي أن المعارضة لن تكون إصلاحية أو رقابية، بقدر ما ستكون بغرض إسقاط الحكومة".

وتابع قائلا، "هذه الحالة ستضر بالخطوات، التي قد تسعى الحكومة الجديدة إلى تنفيذها في مجال الخدمات والصحة والتعليم".

الصدر والعلاقة مع واشنطن وطهران

تأكيد الصدر في خطابه، أمس، ترحيبه بكل السفارات، شرط أن تلتزم بدورها، ولا تتدخل في الشأن العراقي؛ فسره مراقبون على أنه موجه إلى إيران والولايات المتحدة.

ويأتي هذا التفسير، على خلفية الاتهامات التي توجه لهذين البلدين بالتدخل في تشكيل الحكومات العراقية .

وحول شكل العلاقة التي من الممكن أن تكون بين الصدر "الرافض للوجود الأجنبي في البلاد"، وبين واشنطن وطهران، في الفترة القادمة؛ يرى البيدر أن "الصدر عندما يتحصل على رئاسة الحكومة، سيفكر بعقلية مختلفة عما إذا كان خارج الحكومة".

وأضاف، "اليوم سوف ينظر إلى مصلحة العراق أكثر، وينظر بعين مختلفة. لذلك قد تتغير الكثير من المواقف والآراء تجاه الكثير من القضايا، ومنها الوجود الأميركي. ولذلك ممكن أن يحجم هذا الوجود أو يخفض عديده، في ظل تسلم التيار الصدري لرئاسة الوزراء".

ويرى المحلل السياسي العراقي، أن الصدر سيضع مصلحة العراق الأمنية والسياسية والخدمية، قبل كل خطوة استراتيجية، ربما يقدم عليها في المرحلة القادمة.