فريق مصري كُلف بإعادة بناء المسجد النوري بالموصل: نسعى لإعادة الحياة للمدينة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 17 أبريل 2021ء) سلمى خطاب. لعدة أشهر عمل فريق من 8 معماريين مصريين بشغف كبير على مشروع لتصميم متكامل لإعادة بناء مجمع المسجد النوري الأثري بمدينة الموصل العراقية، بعد تدميره إثر الحرب مع تنظيم داعش الإرهابي، وكانت مفاجئتهم كبيرة حين أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) قبل يومين، عن فوز تصميمهم بالمركز الأول من بين أكثر من 120 تصميما تم تقديمهم لإعادة بناء المسجد​​​.

وتأتي مسابقة اليونيسكو لإعادة إعمار المسجد ضمن مشروع "إحياء روح الموصل" الذي تبنته المنظمة قبل نحو ثلاثة أعوام بالشراكة مع الحكومة العراقية، وبتمويل من دولة الإمارات تبلغ قيمته 50 مليون دولار، ويهدف لإعادة ترميم المدينة التاريخية التي تعاني من دمار هائل جراء سنوات الحرب مع تنظيم داعش.

في حديث مع وكالة "سبوتنيك" يتحدث اثنين من أعضاء الفريق المصري الفائز عن طموحهم في إعادة بناء المسجد إلى الصورة التي كان عليها، مع إضافة بعض التفاصيل على البناء الجديد، ورغم أن أي من أعضاء الفريق لم يزر الموصل سابقا، ساعدتهم تطبيقات المعايشة الافتراضية على الإنترنت والصور والخرائط على تكوين صورة عن المكان، وتنفيذ تصميم لإعادة البناء.

يقول المهندس شريف فرج، أحد أعضاء الفريق إننا "احتجنا لوقت طويل للعمل على هذا التصميم، التسجيل للمسابقة كان في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وتسليمها كان في آذار/مارس الماضي، وطوال هذا الوقت كنا نتناقش ونعمل على التصميم، احتجنا وقتا طويلا للمناقشة وكان المشروع يتطور عبر هذه النقاشات، حتى اتفقنا على الفكرة الرئيسية وبدأنا بناءها".

ويضيف فرج "لم يزر أي من أعضاء الفريق الموصل سابقا، لكن اللجنة المنظمة كانت في غاية الدقة والاحترافية، ودعمتنا بكل الأوجه والصور التي تمكنا من معايشة الواقع الموجود حاليا من خلال الرسومات والمعايشات الافتراضية عبر الإنترنت، كان هذا الموضوع منظم واحترافي للغاية من قبل الجهة المنظمة للمشروع، وهذا ساعدنا في ان نرى الصورة بشكل جيد".

لم يحدد بعد موعد بدء تنفيذ التصميم والعمل على إعادة إعمار المسجد، حيث يقول فرج "نحن الآن في مرحلة لوجستية وإدارية، لكن من الواضح أن هناك رغبة شديدة وصادقة في العمل لدى الجهة المنظمة، ما يعني أننا قد نبدأ عملنا في وقت قريب".

وحول أبرز العناصر التي تميز التصميم، يوضح فرج أن التصميم راعى الفكرة الخاصة بـ"خروج المدن بعد الحرب والتأثر الذي يحدث ثقافيا واجتماعيا للمجتمعات"، موضحا "نحن فكرنا في إعادة المسجد بصورته غير المخلة، الصورة الأصلية، وفي نفس الوقت نتفادى المشاكل التي كانت موجودة، ونحسن من البيئة بشكل يكون إضافة حقيقة، فالموضوع ليس إعادة للمبنى فقط، لكن المباني لها تجارب وهذه التجارب تحتاج إلى إعادة تقييمها، ندعم الإيجابيات بها ونتعامل مع السلبيات ونعالجها".

في السياق ذاته، يوضح المهندس طارق علي، أحد أعضاء الفريق الفائز أن الفريق حاول "الاهتمام بأمرين أساسيين في التصميم، الأول هو الحفاظ على الذاكرة البصرية الجمعية للمكان، حتى يظل الأهالي يرون نفس الصورة التي اعتادوا عليها، وفي نفس الوقت نقوم بتحسينات لا تؤثر على الصورة".

واسترسل "على سبيل المثال، كان المسجد يعاني من مشكلة في الإضاءة والتهوية لأن عدد الشبابيك [النوافذ] بداخله كان قليلا، أجرينا بعض التعديلات في السقف، ما يزيد من الإضاءة، هذا حل المشكلة ولم يحدث تغيرا، نفس عدد الشبابيك ونفس عدد الأعمدة ونفس هيئة المسجد القديمة، أيضا زدنا من مساحة المسجد لكن حافظنا على شكل واجهته".

وتابع المهندس المصري "الأمر الثاني المميز في تصميمنا، هو أننا قررنا التخلي عن فكرة الصحن الخلفي للمسجد كمساحة مغلقة للصلاة فقط إلى مساحة لخدمة المجتمع ككل. ستتحول إلى ساحة مفتوحة تستخدم من كل الأطياف في كل الأوقات".

وحول التحديات التي واجهت الفريق خلال التصميم، يوضح علي أنه "كان هناك أمورا كثيرة علينا التعامل معها، المسجد نفسه مهدم والمآذنة مهدمة، والسكان القريبون أغلبهم رحل وقت الحرب، أردنا أن نصنع مشروعا تكون الرسالة منه ان الحياة وكل شيء يعود إلى طبيعته، فتكون دعوة للناس أن تعود إلى مدينتها مرة أخرى. وفي نفس الوقت نحن نتعامل مع مدينة تاريخية لها طبقات متداخلة من التاريخ ولها تراث معماري ولها نسيج عمراني مميز يجب أن نراعيه ونضعه في الاعتبار خلال في تصميمنا".

وتابع موضحا أن عدم زيارة أي من أعضاء الفريق للمدينة شكل تحديا أيضا، لكنه يلفت إلى أن "كون الفريق مصري أعطاه ميزة إضافية، لأن  هناك الكثير من العوامل المشتركة في السياق الحضري لمصر والعراق، خاصة في فكرة العمارة الإسلامية، ليست متطابقة لكن هناك كثير من العناصر المتشابهة".

وأردف علي "إضافة لذلك استخدمنا خرائط غوغل لرؤية المكان وشاهدنا العديد من الأفلام الوثائقية، لكن بالطبع لا شيء يضاهى التواجد في المكان نفسه ورؤيته بالعين".

وواجه الفريق المصري انتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ إعلان منظمة اليونيسكو عن فوزه، لكونه فريقا مصريا وليس عراقيا هو من فاز وسيقوم بمشروع إعادة إعمار المسجد، وهي الانتقادات التي يعود فرج للرد عليها قائلات "نحن في النهاية فريق عربي، ونحن الفريق العربي الوحيد الذي فاز في المسابقة، وكوننا فريق عربي يعني لدينا نفس المشاكل ونفس الأحداث ونتشارك في نفس الثقافة ولدينا تاريخ طويل من الحضارة، نحن لسنا بعيدين عما يعيشه الشعب العراقي أو الشعب العربي عامة. والعمارة لغة يفهمها كل الناس، وهذا يجعلنا قادرون على التعامل مع الموضوع بشكل جيد، وال�

�مارة في النهاية شيء عالمي نسعى إلى توظيفها بشكل جيد وإيجابي".

والخميس الماضي أعلنت منظمة اليونيسكو عن فوز فريق مصري ومشروعهم "حوار الأروقة" من بين 123 تصميما بالمركز الأول، ويترأس هذا الفريق صلاح الدين سمير هريدي، ويشارك فيه كل من خالد فريد الديب وشريف فرج إبراهيم وطارق علي محمد، ومن أربعة مصممين معماريين وهم نهى منصور ريان وهاجر عبد الغني جاد ومحمد سعد جمال ويسرى محمد البهاء. 

وبحسب بيان لليونيسكو، سيحصل التصميم الفائز على جائزة قدرها 50 ألف دولار أميركي، وكذلك على العقد الذي يقضي بإعداد التصميم المفصَّل للمجمع.

ويعد المسجد النوري واحدا من أقدم وأعرق المساجد التاريخية العراقية، بُني في العهد الزنكي، بني في عهد الملك نور الدين زنكي في عام 1172 ميلاديا، تعرض إلى التدمير وإعادة الترميم مرات عديدة على مر تاريخه، لكن في فترة سيطرة تنظيم داعش [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول]، على مدينة الموصل، وفي عام 2017 تم تفجير المسجد ومنارته الحدباء المميزة.

اتهم التنظيم التحالف الدولي بقصف المسجد وتدميره، في حين اتهمت الحكومة العراقية التنظيم بتفجير المسجد.

وفي عام 2018 وقعت الحكومة العراقية ومنظمة اليونيسكو اتفاقا لإعادة ترميمه ضمن مشروع شمل إعادة ترميم المعالم التاريخية لمدينة الموصل وتموله الإمارات.