أثيوبيا تتراجع عن إعلان ملء سد النهضة ومصر تطلب إيضاحا والسودان يرصد تراجعا في منسوب النيل

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 15 يوليو 2020ء) دخلت الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي مرحلة جديدة بعد إعلان إثيوبيا اليوم بدء ملء خزان السد، ومن ثم تراجعها عن هذا التصريح، فيما رصدت الخرطوم انخفاضا في منسوب المياه وهو ما دفع الخرطوم والقاهرة إلى طلب توضيحات من أديس أبابا حول حقيقة الأمر.

وفي وقت سابق، نقل التلفزيون الإثيوبي الرسمي عن وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي إن "عمليات ملء سد النهضة قد بدأت"، كما أكد الوزير دقة صور ظهرت في الأيام الماضية توضح بدء عمليات تخزين المياه في بحيرة السد​​​.

وأضاف بيكيلي أن "المفاوضات بشأن سد النهضة مستمرة ليس للجيل الحالي فقط وإنما لصالح الأجيال القادمة"، مضيفا أنه "تم الاتفاق على بعض النقاط خلال الاجتماع [مع مصر والسودان]".

ثم عاد الوزير وتراجع عن هذه التصريحات، في ثلاث تغريدات عبر حسابه على موقع "تويتر"، حيث قال "وصل ارتفاع سد النهضة إلى 560 متر مقارنة بـ525 مترا العام الماضي في مثل هذا التوقيت. تدفق المياه في خزان سد النهضة سببه تدفق الأمطار الغزيرة ما خلق بركة طبيعية من المياه".

وتابع أيضًا أن "ارتفاع السد سوف يصل في الأعوام المقبلة إلى 640 متر، وفي الحقيقة كان متوقعا أن تتسبب الأمطار الغزيرة في هذا التدفق المائي".

في السياق ذاته، أعلن السودان أنه رصد "تراجعا في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا ما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة".

وأضاف السودان في بيان "تجدد وزارة الري والموارد المائية رفضها لأية إجراءات أحادية الجانب يتخذها أي طرف خصوصا مع استمرار جهود الاتحاد الأفريقي ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، للتوصل إلى توافق ما بين الدول الثلاث في النقاط الخلافية العالقة والتي يمكن الاتفاق حولها إذا توفرت الإرادة السياسية".

وتابع البيان السوداني "ستتابع الحكومة السودانية ووزارة الري والموارد المائية هذه التطورات بما يؤمن المصالح القومية السودانية".

على الجانب الآخر، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ في بيان إن "ن مصر طلبت إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة هذا الأمر".

وأضاف حافظ أن "مصر تواصل متابعة تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول هذا الموضوع".

وانتهت قبل يومين المفاوضات الفنية والقانونية بين مصر والسودان وأثيوبيا، والتي استمرت على مدار 11 يوم تحت رعاية الاتحاد الإفريقي دون التوصل لاتفاق حول النقاط الخلافية، ومن المقرر أن ترفع كل دولة تقريرا لجنوب إفريقيا بصفتها رئيس الاتحاد الإفريقي، قبل أن تعقد قمة مصغرة تضم رؤساء الدول الثلاثة.

وتمتد قضية سد النهضة منذ عام 2011، وهو العام الذي بدأت في أثيوبيا تشييد سد النهضة على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء، ما أثار مخاوف مصر تجاه حصتها من المياه والتي تبلغ حوالي 55 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.

وبدأت المفاوضات الفعلية حول سد النهضة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، عبر تشكيل لجنة فنية ضمت وزراء الري والمياه في مصر والسودان وأثيوبيا.

أعقب ذلك سلسلة من جولات التفاوض اتسمت بالصعوبة، وانتهت إلى الاحتكام لبيت خبرة عالمي لتقييم السد وتحديد آثاره وتداعياته وهي المرحلة التى انتهت في آذار/ مارس 2015 ، ومرت بالعديد من المراحل بدأت  بالاتفاق على تشكيل لجنة الخبراء الدوليين لتقييم المشروع، ضمت خبراء من الدول الثلاث بالإضافة أربعة خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والأعمال الهيدرولوجية والبيئة والتأثيرات  الاجتماعية والاقتصادية للسدود من ألمانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا، وتخلل تلك المرحلة لقاء مطول بين الرئيس المصري  عبدالفتاح السيسي،  ورئيس الوزراء الإ

ثيوبي،  هايلي مريم ديسالين، صدر عنه هذا إعلان مالابو في حزيران/  يونيو  2014  في صورة بيان مشترك، نص علي أن الطرفين قد قررا تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر لتناول كل جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية،  والاقتصادية،  والاجتماعية،  والأمنية .  كما أكد الطرفان محورية نهر النيل كمورد أساسي لحياة الشعب المصري ووجوده،  وكذلك إدراكها لاحتياجات الشعب الإثيوبي التنموية .

ولعل أهم محطات التفاوض بين مصر وإثيوبيا والسودان كان في آذار/ مارس 2015، حيث تم توقيع إعلان المبادئ بين الدول الثلاثة وهو الاتفاق الذي وضع أسس المفاوضات لاحقا.

وعلى الرغم من إعلان المبادئ استمرت جولات التفاوض بين الدول الثلاث دون التوصل لاتفاق نهائي بينهم حتى عام 2019، حين أعلنت الخارجية المصرية الوصول لطريق مسدود وطلبت مصر وقتها تدخل وسيط دولي، وهو ما رحب به البيت البيض الأميركي، لتبدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر جولة جديدة من المفاوضات تحت رعاية واشنطن وبحضور ممثل من البنك الدولي. وهي المفاوضات التي استمرت في جولات بين عواصم الدول الثلاث وواشنطن، وكان مقررا لها التوصل لاتفاق في نهاية شباط/ فبراير 2020، إلا أن أثيوبيا رفضت التوقيع على هذا الاتفاق، ليبدو طريق المفاوضات مسدود مرة أخرى.

شهدت المفاوضات جمودا ملحوظا عقب رفض أثيوبيا توقيع اتفاق واشنطن، وهو الجمود الذي حركته مذكرة مصرية لمجلس الأمن عقدت على ضوئها جلسة بمجلس الأمن الدولي في نهاية حزيران/ يونيو الماضي، ولكن سبقها قمة مصغرة للاتحاد الإفريقي، ضمت زعماء مصر والسودان وأثيوبيا بالإضافة لرئيس جنوب أفريقيا بوصفها رئيس الاتحاد الإفريقي وهو ما جعل مجلس الأمن يترك المجال للمنظمة الإقليمية لمحاولة التوصل لحل، وهو ما أفضى لجولة المفاوضات الأخيرة التي لم تسفر عن التوصل لاتفاق بين الدول الثلاثة، فيما ينتظر المراقبون انعقاد القمة الإفريقية المصغرة مجددا وما قد تسفر عنه.