مصر 2021 .. عودة العلاقة مع قطر وتركيا وبرودها مع واشنطن وقضية "سد النهضة" أجلتها الأحداث

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 27 ديسمبر 2021ء) مصطفى بسيوني. أزمة في العلاقات مع قطر وتركيا، وتوتر ممتد على الحدود الغربية، وأزمة "سد النهضة" توشك أن تصل إلى صدام، وإدارة جديدة في البيت الأبيض لا تخفي نقدها للنظام المصري؛ هكذا دخلت مصر عام 2021، ولكنها خرجت منه وتلك الملفات إما هادئة أو مؤجلة.

بدأ العام 2021 بـ "قمة العلا" الخليجية في السعودية، والتي شهدت إنهاء قطيعة الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة مع الدوحة، لتبدأ بعدها خطوات استعادة العلاقات المصرية - القطرية، لينتهي العام بإضاءة برج القاهرة بألوان العلم القطري، ومنتخب مصر لكرة القدم يخوض منافسة "كأس العرب" على الأراضي القطرية.

قفل بذلك ملف أزمة العلاقات المصرية – القطرية، الذي ظل مفتوحا، منذ عام 2013، على خلفية الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وهو الذي اعتبرته قطر انقلابا عسكريا، في حينه.

لم تكن الأزمة الوحيدة التي انتهت، في 2021، فالعلاقات مع تركيا أيضا اتخذت نفس المنحى، وإن بوتيرة أبطأ؛ وشهد عام 2021 مبادرات تركية ذات شأن لاستعادة العلاقات مع مصر، والتي قطعت أيضا، في 2013، على ذات الخلفية.

تراجع الخطاب التركي النقدي تجاه مصر وحكومتها، وهدأت المنابر الإعلامية التي وظفتها قطر ضد السياسة المصرية، وبدأت لجان الحوار بين البلدين تحاول حل المسائل العالقة، وإعادة العلاقات بين البلدين.

المصالحة مع قطر والتهدئة مع تركيا كان لهما تأثيرا واضحا على الحدود المصرية الغربية، فالأوضاع في ليبيا أصبحت أكثر استقرارا وهدوءا، في 2021؛ ولم يعد هناك تهديدا جديا من الغرب، وإنما اتجهت ليبيا نفسها للاستقرار عبر التحضير للانتخابات وترتيبات وضع نهائي.

الأزمة التي كانت على وشك الانفجار، في 2021، هي قضية سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق؛ ومع تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا، وإصرار أديس أبابا على إتمام الملء الثاني للسد، دون اتفاق مع دولتي المصب، بدا أن صداما يلوح في الأفق.

المفارقة في أن الصدام لم يقع، ليس بسبب التوصل لاتفاق، ولكن بسبب فشل أثيوبيا في إتمام الملء الثاني بالكمية المقررة، وبالتالي لم تتأثر مصر ولا السودان، فيما بدت أثيوبيا أكثر انشغالا بأزماتها الداخلية، لتنتقل الأزمة بتفاصيلها لعام 2022.

المراقبون للسياسة الخارجية المصرية، توقعوا عاما صعبا في العلاقات المصرية - الأميركية في 2021، والذي بدأ برحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي جمعتها صداقة متينة مع النظام المصري، ومجيء إدارة جو بايدن، والذي لم يخفف من نقده للنظام في مصر، خلال حملته الانتخابية؛ متعهدا بممارسة الضغوط عليه لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

بالفعل بدأت العلاقات المصرية - الأميركية فاترة، في بداية عام 2021، ولكن ربيع هذه السنة شهد تحسنا مفاجئا؛ فالتدخل المصري خلال الحرب الإسرائيلية على غزة في أيار/مايو الماضي، أثمر سريعا عن وقف إطلاق النار، وهو ما استدعى إشادة من الإدارة الأميركية بالدور المصري، وأجرى بايدن أول اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

لكن هذا التحسن ظل في حدود ضيقة، فلم يشهد العام المنصرم أي لقاء بين السيسي وبايدن، كما لم يمنع الدور المصري في غزة، الكونغرس الأميركي من حجب جزء من المعونات السنوية لمصر، على خلفية ملف حقوق الإنسان؛ ورغم ذلك كان واقع العلاقات المصرية – الأميركية، خلال 2021، أفضل من توقعات المراقبين.

أستاذ السياسة بجامعة القاهرة، حسن نافعة، يرى أن التغير الذي جرى في البيت الأبيض كان مفتاحا هاما في التغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما تجاه مصر.

وقال نافعة، لـ "سبوتنيك"، "المسألة ليست انتقال من عام 2020 إلى 2021، إنما انتقال من إدارة أميركية إلى أخرى مختلفة. هذا مفتاح هام لفهم ما حدث من تغير، ليس بالنسبة لمصر وإنما لعدد من الدول في الشرق الأوسط، ومن بينها إسرائيل والسعودية والإمارات".

وأضاف، "هذا الانتقال مثلا، الذي رفع بايدن إلى السلطة، كان دافعا قويا للمصالحة الخليجية مع قطر، وبالتالي مصالحة قطر ومصر. حدثت محاولة للتأقلم مع إدارة أميركية مختلفة، إدارة تتحدث عن حقوق الإنسان ولو بشكل نظري. إدارة لا تؤمن بالحلول العنيفة التي تبناها ترامب. سياسة أقل انتهازية بشكل عام. التغير الذي حدث في الإدارة الأميركية أدى لتغير في سياسات الدول التي تدور في فلكها".

وفيما يتعلق بأزمة "سد النهضة"، قال نافعة، "قضية سد النهضة، خلال 2021، حدث الملء الثاني، وكان أدنى كثيرا من المتوقع؛ وبالتالي لم يؤثر على مصر. قبل الملء الثاني كادت الأزمة تتحول إلى صدام مسلح. موقف مصر لم يتغير، فالقضية مسألة حياة أو موت؛ ما تغير بالفعل هو عدم اكتمال الملء الثاني وعدم تأثر مصر. وبالتالي القضية لا زالت مستمرة في العام المقبل، وبالطبع سيكون للتطورات التي تشهدها الساحة الأثيوبية دور في مسار هذه الأزمة؛ ولا يوجد حل لهذه الأزمة سوى الاتفاق بين مصر والسودان وأثيوبيا".

يحق للدبلوماسية المصرية، التي أرهقت في الأعوام الماضية، أن تلتقط أنفاسها بعض الوقت، فأهم ما كان يشغلها أصبح إما من الماضي أو مؤجل للمستقبل.

لكن استراحة المحارب قد لا تطول كثيرا، فأهم الشواغل المصرية المتمثلة في "سد النهضة"، ستعود إلى السطح خلال أشهر قليلة؛ عندما تسعى أثيوبيا لإنجاز ما فاتها من ملء للسد في صيف 2022.