تصريحات أنقرة تحتاج خطوات عملية منها لكسر حد التوتر مع مصر - خبير

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 13 مارس 2021ء) سلمى خطاب. يصف الباحث السياسي في الشأن التركي، كرم سعيد التصريحات التركية حول التقارب واستئناف العلاقات مع القاهرة بأنها تصريحات "إعلامية" لا ترقى لإقامة حوار سياسي بين البلدين، من دون أن تتخذ أنقرة خطوات عملية لكسر التوتر في العديد من القضايا الخلافية بين البلدين، وذلك بعد أن أعلنت أنقرة أمس الجمعة أنها استأنفت الاتصالات مع مصر، بعد سنوات من اضطراب العلاقة بين البلدين​​​.

ويقول سعيد الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لوكالة سبوتنيك إن "هذه التصريحات هي تصريحات إعلامية دعائية، لا ترقى إلى مستوى إقامة حوار سياسي بين البلدين ما لم يتم اتخاذ خطوات عملية على الأرض متعلقة بكسر التوتر في العديد من القضايا الخلافية".

وأمس الجمعة، نقلت وكالة الأناضول الرسمية التركية عن وزير الخارجية مولود تشاووش أوغول أن أنقرة تجرى اتصالات مع القاهرة على مستوى المخابرات ووزارة الخارجية، وأن هناك اتصالات بدأت على المستوى الدبلوماسي.

على الجانب الآخر، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مصدر رسمي مصري أنه "ليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه توصيف استئناف الاتصالات الدبلوماسية، آخذا في الاعتبار أن البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال، وهما يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقاً للأعراف الدبلوماسية المتبعة".

ويقول المصدر المصري أيضا أن "مصر تتوقع من أي دولة تتطلع إلى إقامة علاقات طبيعية معها أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وأن تكف عن محاولات التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة.

وتأتي تصريحات وزير الخارجية التركي عبر سلسلة من التصريحات لكبار المسؤولين الأتراك، عن إعادة العلاقات مع القاهرة إلى شكلها الطبيعي، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "الاتصالات [مع القاهرة] ليست على أعلى مستوى، لكن يحدونا الأمل في أن نتمكن من مواصلة هذه العملية مع مصر بقوة أكبر".

وساءت العلاقات بين البلدين منذ عام 2013 بعد عزل الرئيس الراحل محمد مرسى، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، وتدهورت أكثر في العامين الأخيرين، بسبب نشاط تركيا في منطقة شرق المتوسط، وتدخلها العسكري في ليبيا، وهي الأمور التي ترفضها مصر رفضا قاطعا.

ويرجع الباحث في الشأن التركي كرم سعيد إصدار أنقرة لهذه التصريحات في الوقت الحالي إلى عدة أسباب، أبرزها التطورات في منطقة شرق المتوسط، بداية من توقيع اتفاقية ترسيم الحدود المصرية اليونانية، وتحويل منتدى غاز المتوسط إلى منظمة إقليمية، وعقد منتدى الصداقة بين مصر وقبرص واليونان، حيث يقول "أتصور أن تركيا رأت كل هذه التطورات ليست في صالحها، بل تصب في ضعف مناعتها، وتحديدا في منطقة شرق المتوسط".

ويضيف سعيد "الأمر الثاني مرتبط  بأن تركيا تحاول استيعاب الضغوط التي تتعرض لها، خاصة في ظل علاقاتها المضطربة مع الولايات المتحدة الأميركية بعد صعود بايدن للسلطة، وكثافة القضايا الخلافية بين أنقرة وواشنطن، التي لا تتوقف عند قضية إس-400 فقط، وإنما تمتد إلى ملف حقوق الإنسان وقضية فتح الله غولن، وملف الدعم الأميركي للأكراد في شمال سوريا، والاعتراض الأميركي على العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا شمال العراق، والقضايا العالقة بها مع الاتحاد الأوروبي".

ويشير الباحث في الشأن التركي لإبلا أن هذا التغير في في سياسية أنقرة مرتبط أيضا "بما أفرزته قمة العلا في الخامس من (كانون الثاني) يناير الماضي، وهي القمة التي نجحت في حلحلة الخلافات العربية العربية، وترميم جانب من الانقسامات، هذه المعالجة ليست في صالح تركيا، خاصة بعدما رأينا الانفتاح القطري على مصر في الفترة الأخيرة".

كما يلفت إلى أن التطورات التي شهدتها ليبيا ورحيل حكومة فائز السراج من العوامل التي دفعت أنقرة للتقارب مع القاهرة، حيث يقول "انفتاح رئيس الحكومة الليبية الجديد عبد الحميد الدبيبة على كل القوى الإقليمية والدولية وعلى رأسها مصر، يمثل تطور غير مريح لتركيا، رغم إعلانه ان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين تركيا وحكومة السراج قائمة، وأن العلاقات مع تركيا علاقات استراتيجية، لكن في نفس الوقت الرجل منفتح على كل القوى الإقليمية والدولية.

ويرى سعيد أن "هذه التصريحات قد تكون محدودة التأثير إذا لم تسفر عن تحريك ساكن في القضايا الخلافية، وإذا ما اقتصرت على طابعها الإعلامي والدعائي".

كما يلفت إلى أن هناك جملة من التحديات والشروط قد تطرحها القاهرة للحوار مع أنقرة، حيث يقول إن "أول هذه التحديات مرتبط باحترام تركيا للاتفاقات الدولية الخاصة بترسيم الحدود في المنطقة، ورفع اليد عن الانخراط والتدخلات في شؤون الدول، وسحب العناصر العسكرية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وإغلاق المنصات الإعلامية التي تناهض الدولة المصرية في تركيا".