جلسة مفاوضات جديدة حول سد النهضة لا تبعث على التفاؤل وسط تغيرات إقليمية ودولية - خبير

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 10 كانون الثاني 2021ء) مصطفى بسيوني. تعقد، اليوم الأحد، جلسة مفاوضات جديدة حول سد النهضة بمشاركة وزراء الري والخارجية في كل من مصر والسودان وأثيوبيا، تحت رعاية الاتحاد الإفريقي​​​.

وتعقد الجلسة قبل شهر واحد من انتهاء رئاسة جنوب إفريقيا الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، وهو الجهة الراعية للتفاوض، وقبل أيام من تولي إدارة أميركية جديدة، وعقب قيام وزير الخزانة الأميركي بجولة في المنطقة لدعم المفاوضات، فيما لا يرى الخبير المصري في الشؤون الإفريقية هاني رسلان، في تصريحات لوكالة سبوتنيك، ما يبعث على التفاؤل في هذه الجلسة.

وتوقفت مفاوضات سد النهضة مجددا الأسبوع المنصرم بعد اشتراط السودان دورا أكبر لخبراء الاتحاد الإفريقي وعقد لقاءات ثنائية بين الخبراء والدول الثلاث، وهو ما تمت الاستجابة له إذ عقد فريق التفاوض السوداني حول سد النهضة الإثيوبي برئاسة وزير الري والموارد المائية اجتماعا ثنائيا أمس السبت مع فريق خبراء الاتحاد الإفريقي.

وعشية الاجتماع المقرر اليوم أعلنت أثيوبيا وضع حجر أساس سد جديد يستغرق بناؤه ثلاث سنوات ويخزن 55 مليون متر مكعب من المياه، وهو ما قلل رسلان وهو خبير الشؤون الإفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من تأثيره على المفاوضات.

وقال رسلان "السد الجديد الذي شرعت إثيوبيا بتشييده غير مؤثر على مياه النيل لأنه سد صغير وقدرته التخزينية 55 مليون متر مكعب، وأثيوبيا تستهدف منه ري أراض مساحتها حوالي 25 ألف فدان، وهو ما لا يؤثر في تدفقات النهر".

وأبدى رسلان عدم تفاؤل بالمفاوضات بين الأطراف الثلاثة (مصر، والسودان، وإثيوبيا)، مؤكدا أن "المفاوضات في حالة انسداد بسبب إصرار أثيوبيا على عدم توقيع اتفاق ملزم".

وأردف "إثيوبيا تريد اتفاق عبارة عن خطوط استرشادية يمكن تغييرها لاحقا في أي وقت، وبدون إخطار مسبق، بالتالي هذا لا يعد اتفاق بالأساس".

وأضاف رسلان "أثيوبيا أعلنت بشكل صريح على لسان مسؤوليها أنها ستبدأ الملء الثاني لخزان سد النهضة بشكل منفرد في (تموز) يوليو القادم سواء تم التوصل لاتفاق أو لا"، لافتا إلى أن مصر والسودان تطالبان بآلية قانونية ملزمة لحل أي خلافات في المستقبل، لأن تدفقات النهر تتغير من سنة لأخرى وبالتالي يحدث تغير في السياسة التشغيلية وهو ما يؤدي لخلافات، لذا يجب أن تكون هناك آلية لحل الخلافات وهو ما ترفضه أثيوبيا، مصر تريد اتفاق على تدابير في أوقات الجفاف الممتد بحيث لا يؤدي التخزين للعطش في مصر وهو ما ترفضه أثيوبيا أيضا".

وتابع رسلان "هذه هي النقاط التي يتوقف عليها الاتفاق، وأثيوبيا ترفض الاتفاق عليها وتطرح نقاطا جديدة مثل تقاسم المياه وطرح اتفاقية على كل دول حوض النيل رغم أن ذلك ليس في صلب الاتفاق ولم يتناولها اتفاق المبادئ الموقع عام 2015 بين الدول الثلاث، كذلك النيل الأزرق يقع في حوض النيل الشرقي وهو منفصل عن الحوض الجنوبي في الدول الاستوائية، ولا يوجد اتصال بين الاثنين. هذا دليل على أن إثيوبيا لا تريد اتفاق وتريد تحويل النيل إلى بحيرة أثيوبية واستخدام ذلك سياسيا".

واعتبر رسلان أن المناخ الإقليمي والعالمي لا يحفز على المفاوضات حاليا، ورأى أن موقف الاتحاد الأوروبي في قضية سد النهضة ليس فقط غير مؤثر، ولكن أيضا ضعيف، وتصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد غير واقعية، فهو يوجه خطابه للأطراف الثلاثة فيما أثيوبيا برغم أنها الطرف المعوق للمفاوضات، وعبر عن تفاؤله بتلك الجولة ولا أساس واضح لهذا التفاؤل".

وتابع رسلان "الولايات المتحدة ستكون مشغولة بشؤونها الداخلية، وبترتيب البيت من الداخل لشهور ولن تكون أزمة سد النهضة ضمن أولويات السياسة الأميركية حتى موعد الملء القادم، كذلك تغيير رئاسة الاتحاد الإفريقي لن يكون له تأثير كبير، الكونغو التي ستتولى رئاسة الاتحاد قد تأتي بمقاربة مختلفة، كما أنه ليس لديها أدوات تأثير على أثيوبيا والاتحاد الإفريقي".

وبدأت الأحد الماضي جلسة مفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا حول أزمة سد النهضة، بعد توقف منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حينما انتهت جولة التفاوض من دون التوصل لاتفاق، وأعلنت السودان، انسحابها من المفاوضات، واعتبرتها غير ذات جدوى، مطالبة بدور أكبر للاتحاد الإفريقي في التفاوض.

وسبق تلك الجلسة التي ضمت وزراء الري والخارجية في الدول الثلاثة، أزمة دبلوماسية بين مصر وأثيوبيا على خلفية تصريحات للناطق باسم الخارجية الإثيوبية اتهم في سياقها مصر بـ "استغلال قضية سد النهضة للتغطية على ما وصفها بـ (أزمات داخلية)"، فيما اعتبر أن سد النهضة لا يضر بمصر، وهو ما استدعت على إثره الخارجية المصرية القائم بالأعمال الإثيوبي في القاهرة، لإبلاغه احتجاجها على تلك التصريحات، كما أصدرت بيانا أعلنت فيه رفض مصر لتلك التصريحات.

ودعا الاتحاد الأوروبي الدول الثلاث لاغتنام فرصة بدء التفاوض للتوصل إلى حل للخلافات بينها، والتوصل لاتفاق على قواعد ملء خزان السد وتشغيله، فيما أجرى وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين جولة في المنطقة، قبل أيام، لدفع مفاوضات سد النهضة.

وأعقب الاجتماع اجتماعات فنية رفضت السودان حضورها مطالبا مطالبة بعقد جلسات ثنائية بين خبراء الاتحاد الإفريقي وكلا من الدول الثلاثة.

وسبق جولة المفاوضات التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتبرت ضوءا أخضر لمصر لتدمير سد النهضة للحفاظ على مصالحها.

وشهدت المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا تعثرات متكررة، أبرزها انتهاء المفاوضات التي عقدت في برعاية أميركية، بدون توقيع اتفاق بين الدول الثلاثة، حيث رفضت أثيوبيا توقيع الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات.

وبلغت أزمة سد النهضة إلى ذروتها في صيف 2020 عندما قامت أثيوبيا بالفعل بإتمام المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة بدون اتفاق.

وبدأت أثيوبيا إنشاء سد النهضة عام 2011 على النيل الأزرق، وحاولت مصر خلال السنوات الماضية التوصل لاتفاق يحفظ حقوقها المائية عبر سلسلة من المفاوضات ضمت مصر وأثيوبيا والسودان بدون جدوى.

وتهدف أثيوبيا من بناء السد توليد طاقة كهربية لإتمام مشاريع تنموية، فيما تخشى مصر من إضرار السد بحصتها من مياه النيل والتي تبلغ أكثر من 55 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق، بينما يخشى السودان من عدم انتظام تدفق مياه النيل ما سيؤثر على السدود التي أقامها على مجرى النيل وقدرتها على توليد الكهرباء.