المصريات في 2020 .. تصدي لوباء كورونا ومواجهة المتحرشين والحبس وتغيير قوانين لصالح المرأة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 30 ديسمبر 2020ء) سلمى خطاب. عام ثقيل وحافل بالأحداث مر على النساء المصريات؛ لاسيما في ظل "جائحة كورونا"، التي فرضت عليهن ضغوطا إضافية، وفترات عزل منزلي، ارتفعت فيها وتيرة العنف ضدهن.

وخاضت نساء مصر معارك قانونية وافتراضية طاحنة، ضد التحرش والاغتصاب والانتهاكات شبه اليومية بحقهن، تكللت بتعديل بعض القوانين لصالح النساء؛ وتمت بالفعل محاكمة متهمين بالاغتصاب والتحرش، بعد سنوات من وقوع هذه الحوادث.

ضغوط مضاعفة سببها الوباء

أكد تقرير للأمم المتحدة حول أثر انتشار فيروس كورونا على النساء والفتيات، أن الجائحة  تركت آثارا سلبية مضاعفة على النساء، خاصة من الناحية الاقتصادية؛ حيث معدل الدخل عند النساء أقل بصفة عامة، والادخار أقل، ويشغلن وظائف غير آمنة، أو يعشن في مستويات قريبة من حد الفقر.

وجاء في التقرير، إن "تأثير الوباء على صحة المرأة سلبي عموما، إذ تمت إعادة تخصيص الموارد والأولويات، بما فيها خدمات الصحة الجنسية والإنجابية".

وأضاف، "زادت [الجائحة] من عبء عمل الرعاية غير مدفوعة الأجر؛ نتيجة لبقاء الأطفال خارج مدارسهم، وزيادة حاجة كبار السن إلى الرعاية".

وفي مصر، أظهر استطلاع أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، في أيار/ مايو الماضي، أن 80 بالمئة من النساء المصريات تغير نمط حياتهن نتيجة للجائحة، وأن 72 بالمئة من النساء المصريات قل دخل أسرهن؛ مقابل 26 بالمئة بقي دخل أسرهن دون تغيير.

وبحسب الاستطلاع، أكدت نصف المستطلعات، أن الوقت الذي يقضينه في الأعمال المنزلية زاد عن ذي قبل، وزادت المشاكل الأسرية لنحو 33 بالمئة من المستطلعات؛ بينما اعتبرت 19 بالمئة منهن، أن معدل العنف بين أفراد الأسرة زاد، وقالت 11 بالمئة من النساء المشاركات في الاستطلاع أنهن تعرضن لعنف من قبل أزواجهن، الأمر الذي ما كان يحدث قبل الجائحة.

حبس "فتيات تيك توك"

تعد قضية ما يعرف بـ "فتيات تيك توك"، من أبرز القضايا التي أثارت جدالا واسعا في مصر 2020؛ حيث أصدرت المحاكم المصرية أحكاما بالسجن بحق 8 فتيات على الأقل، تتراوح أعمارهن بين 18 – 30 سنة؛ وذلك بعد أن نشر مقاطع مصورة لهن عبر تطبيق التواصل الاجتماعي "تيك توك".

وواجهت الفتيات تهما بممارسة "العري"، وأعمال منافية للآداب على تطبيق "تيك توك"، والتعدي على المبادئ والقيم الأسرية بالمجتمع المصري، والتحريض على الفسق والفجور، ونشر فيديوهات خادشة للحياء.

وأيد القضاء المصري بعض هذه التهم، واصدر أحكاما بحق عدد من الفتيات، شملت السجن لمدد تتراوح بين عامين إلى ثلاث أعوام، وغرامات مالية وصلت إلى 300 ألف جنيه (نحو 19 ألف دولار أميركي)؛ فيما لا يزال بعضهن رهن المحاكمة.

وتباينت الآراء في المجتمع بشأن قضية "فتيات تيك توك"، حيث رأى البعض أن "الفيديوهات" لا تخرج عن إطار الترفيه والحرية الشخصية، ورأى آخرون في ذلك "خروجا عن الآداب العامة وقيم المجتمع".

واعتبر البعض أن سبب ملاحقة هؤلاء الفتيات هو "المستوى الاجتماعي" لهن؛ حيث أن أغلبهن آتى من خلفية اجتماعية بسيطة ومن طبقات فقيرة.

وطالبت عدد من منظمات المجتمع المدني بإخلاء سبيل الفتيات؛ معتبرين تحرك السلطات ضد الفتيات نوعا من "التمييز ضد المرأة"، وفرض المزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير.

من الإنترنت إلى المحاكم

تداولت ناشطات مصريات عبر شبكة الإنترنت، الصيف الفائت، حوادث التحرش الجنسي والاغتصاب والانتهاكات الجسدية التي تتعرض لها النساء والفتيات في البلاد؛ وسرعان ما تحول ذلك ملاحقات قضائية، وإدانات بحق بعض المتهمين، وتغيير لبعض القوانين الخاصة بحماية المرأة.

البداية كانت، في نهاية حزيران/ يونيو الماضي، حين نشر حساب على تطبيق انستغرام، يسمي "شرطة الاعتداءات"، عشرات الشهادات لفتيات تعرضن للتحرش أو الاغتصاب من شخص واحد، يدعى أحمد بسام زكي، كان طالبا في الجامعة الأمريكية حينها؛ وكانت بعض الشهادات تعود إلى عام 2016.

أربع فتيات ممن ذُكرت حكايتهن على الأقل، تقدمن بشكوى للمجلس القومي للمرأة (مؤسسة حكومية)، والذي بدوره ساعد الفتيات على تقديم بلاغات للنيابة العامة ضد الشخص المتهم بالاعتداء.

وجرت محاكمة المتهم المذكور، وأصدر القضاء المصري، أمس الثلاثاء، حكما مبدئيا بإدانة زكي بـ "هتك العرض" والتهديد، ومعاقبته بالسجن لمدة 3 سنوات مع الشغل؛ وما زال المذكور يُحاكم على ذمة قضايا أخرى.

الحساب ذاته عاد، بعد نحو شهر، لينشر تفاصيل جديدة لواقعة اغتصاب جماعي وقعت داخل أحد فنادق القاهرة الشهيرة، عام 2014، حين استدرج 6 أشخاص فتاة إلى إحدى الغرف، بعد أن وضعوا لها مخدرا في مشروبها وقاموا باغتصابها وتصويرها، وتهديدها بعد ذلك بالفيديو المصور؛ وهي القضية التي يحاكم على ذمتها 16 شخصا، بعضهم من الشهود الذين تقدموا للنيابة للإدلاء بشهاداتهم حول الحادث.

هذه الحوادث وغيرها دفعت الحكومة إلى التحرك،؛ ففي تموز/ يونيو الماضي، وافقت الحكومة المصرية على تعديل قانوني يضمن عدم الكشف عن شخصية المجني عليهم في قضايا "هتك العرض" والتعرض للغير والتحرش الجنسي، وهو تعديل طالما طالبت به المنظمات النسائية وكذلك المدافعين عن حقوق المرأة.

وأكدت الحكومة أن هذا التعديل يهدف إلى حماية سمعة المجني عليهم، من خلال عدم الكشف عن شخصيتهم في الجرائم، التي تتصل بهتك العرض وفساد الخلق والتعرض للغير والتحرش، الواردة في قانون العقوبات وقانون الطفل؛ وذلك "خشية إحجام المجني عليهم عن الإبلاغ عن تلك الجرائم".