بورتسودان.. معركة بين الدول للسيطرة على منجم الذهب السوداني بالبحر الأحمر

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 06 مايو 2020ء) محمد الفاتح. تعتبر الموانئ ذات المواقع الاستراتيجية على البحار، هدفاً السيطرة استراتيجياً للسيطرة والتملك وذلك لعدة عوامل اقتصادية وسياسية. ميناء بورتسودان السوداني على البحر الأحمر ليس بعيدا عن تلك الحرب المكتومة بين بعض الدول، وذلك لموقعه المتميز الذي يتوسط البحر الأحمر وممرا لمحيطات البحر المتوسط شمالا والبحر الهندي جنوبا.

مميزات ميناء بورتسودان

وفي هذا الإطار، نفى المدير العام هيئة الموانئ البحرية بالسودان، أونور محمد اَدم، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، نفياً قاطعا، ما راج خلال بعض وسائل الإعلام الدولية، عن بيع ميناء بورتسودان إلى شركة موانئ دبي، مؤكدا أنّ الأخبار "يُقصد منها الترويج السياسي من قبل بعض أركان النظام السابق، بهدف إحداث بلبلة داخل البلاد".

وأوضح اَدم، أن ميناء بورتسودان، يمثل أهمية اقتصادية للسودان، حيث يحقق الميناء في ظل انتعاش الحركة التجارية مداخيل تقارب 30 مليون يورو شهريا، لافتا أن "عدد العمال بالميناء يتعدى 13الفا، بالإضافة إلى العشرات من  شركات ملاحة وأصحاب التوكيلات الجمركية".

وحول أوصاف وميزات ميناء بورتسودان، قال أدم، إن "الميناء يطل على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر، ويبعد عن المنطقة الحدودية مع السعودية بحوالي 250 كلم، وتعتمد بعض الدول الأفريقية المغلقة على ميناء بورتسودان لتصدير منتجاتها وكذلك في استيراد المنتجات".

وأضاف ادم، أن" ميناء بورتسودان ، يضم 6 موانئ متخصصة، تشمل: ميناء (حيدوب) لتصدير الثروة الحيوانية، وميناء سواكن (عثمان دقنه) للمسافرين ومينائي (بشائر والخير) لتصدير خام النفط ومشتقاته (الديزل والبنزين)، بالإضافة إلى، الميناء (الجنوبي) لصادر ووارد الحاويات، أما الميناء (الشمالي) للبضائع العامة، كما يوجد الميناء (الأخضر) المخصص لاستيراد السكر والسماد والقمح ويتم تعبئته على رصيف الميناء".

ميناء بورتسودان.. بين التجاذبات الإقليمية

وأشار الخبير الاقتصادي السوداني، لؤي عبد المنعم، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، أن الحظر الاقتصادي الأميركي خلال الـ20 عاما الماضية قد اثر سلبا بشكل واضح على أداء ميناء بورتسودان ، مضيفا "نتج عن الأمر إهمال وسوء إدارة للموانئ التي يفترض أن تساهم بشكل كبير في زيادة الإيرادات بالموازنة العامة عما هي عليه في حدود3  بمئة من موازنة 2020 قبل تخفيض حجم الواردات في الشهر السابق بسبب تعليق استيراد السيارات خلال الشهر الماضي للحد من ارتفاع الدولار".

ويقول عبد المنعم أن الموانئ السودانية تشهد سباقاً محموماً لإدارتها، "بدءا من الصين التي أسهمت في تنفيذ عدد من المشروعات لتحديث موانئ بورتسودان ورفع قدراتها مثل: تعميق المرابط وزيادة الأرصفة وتحديث معدات المناولة وإدخال الكمبيوتر في عمليات الإجراءات والتخليص".

وأوضح الخبير أن هناك مساع من قبل شركة "موانئ دبي" التي تستثمر في ميناء بورتسودان لتأجير كل أو بعض موانئ بورتسودان لكن المفاوضات ما زالت جارية، كذلك كانت هناك محاولة قطرية لتطوير ميناء سواكن، ليستقبل الحاويات بتكلفة قدرت بنحو 4 مليارات دولار، لم تنجح هي الأخرى بسبب اتفاق سبقه بفترة قصيرة مع شركة فلبينية تتخذ من المنطقة الحرة في دبي مقرا لها نجحت في توقيع عقد  لإدارة الميناء الجنوبي الأكبر بين الموانئ السودانية من بين 5 شركات تقدمت للعطاء"، قبل أن يفسخ العقد معها مع تغير النظام في الخرطوم.

وفي المنحى ذاته، أوضح الخبير الاقتصادي عن متنافس جديد، وهي تركيا، التي اختارت أن تؤسس ميناء جديد في جزيرة سواكن عوضا عن تأجير ميناء عثمان دقنة (سواكن)، وقد وقع البلدان اتفاق إبان زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان عام 2017 وهي الزيارة التي أثارت مخرجاتها حفيظة واعتراض كل من مصر والمملكة والإمارات مجتمعين مما حال دون تنفيذ الاتفاق عمليا".

واستطرد عبد المنعم، أن بحسب الاتفاق السوداني التركي "وافق السودان على قيام تركيا بتطوير لجزيرة سواكن التي تعتبر معلم تاريخي، لكي تصبح مقصداً سياحياً ومحطة للحجاج في طريقهم إلى ميناء جدة بالمملكة السعودية، وتم الاتفاق حينها على بناء مرسى لاستخدام السفن المدنية والعسكرية و ما يزال الأمر خاضع للمراجعة و محل شد و جذب من الأطراف المعنية ".

وأسترسل عبد المنعم حول شركة موانئ دبي الإماراتية، بأنه" فيما يتعلق بشركة موانئ دبي يبدو أن السودان كان ولا يزال يعول على دور إماراتي في الضغط على الولايات المتحدة إلى جانب جهود المملكة العربية السعودية لرفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب، وفي هذا الإطار جرت مباحثات حول إدارة الشركة لميناء بورتسودان دون التوصل لاتفاق نهائي حول وضع عمال الميناء".

بورتسودان.. منجم ذهب

وأبان عبد المنعم، بأنه وفقا لآخر تقرير سنوي لمجمع صادر من بنك السودان ، "الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية، تضم إيرادات الجمارك وإيرادات خدمات الموانئ التي شكلت حوالي 14  بمئة من إجمالي الإيرادات والمنح في الموازنة العامة بواقع 333.8 مليون دولار في العام 2018"، مشيرا "يمكن اعتبار ذلك مؤشر لقياس الأداء في أسوء أحواله عند اتخاذ قرار بالشراكة مع مستثمر اجنبي في إدارة الموانئ، وبالرغم من تبعية هيئة الموانئ البحرية لوزارة البنية التحتية والنقل خلاف هيئة الجمارك التي تتبع لمدير عام الشرطة لا تزال المعلومات حول الإيرادات في كلا المرفقين غير مت�

ويبرز الخبير أهمية موقع ميناء بورتسودان الاستراتيجي باعتبار أنّه المنفذ البحري لست دول أفريقية هي أثيوبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وأوغندا وجنوب السودان والكونغو، ويضيف عبد المنعم، أن التقارير الرسمية لهيئة الموانئ البحرية، تشير إلى أن "السودان لم يستفد حتى الآن من هذه الميزة التفضيلية"، لافتا" كان من المقرر أن تستحوذ أثيوبيا على حصة من ميناء بورتسودان وتشارك في تطويره مع الحكومة السودانية في إطار شراكة استراتيجية بين البلدين بناء على اتفاق سابق في أيّار/مايو 2018 لم ينفذ حتى الآن".

ويستخلص عبد المنعم، من  خلال ما تقدم أنّ الموانئ السودانية تحتاج إلى استثمارات ضخمة و خبرة دولية لتطويرها كي تزداد إيراداتها التي يمكن أن تتجاوز إيرادات الذهب الذي بدا ينضب في بعض مناطق الإنتاج وهذا من  من شأنه أن يعرض السودان للابتزاز في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة التي يواجهها ما لم يتم توحيد الجبهة الداخلية عبر المصالحة الوطنية التي تعزز الشفافية والمؤسسية واستقلال القرار".

الجدير بالذكر أن ميناء بورتسودان تم إنشاؤه في العام في العام 1905، بوسط ساحل البحر الأحمر وتبلغ سعته حوالي 1.3 مليون حاوية سنويا ويستقبل حاليا ما يقارب 400 ألف حاوية وتسعى هيئة الموانئ السودانية إلى زيادتها إلى 500 ألف كحد أدنى ومليون حاوية عقب إعادة تأهيل الميناء الجنوبي.

ونفى مجلس الوزراء السوداني الشهر الماضي الأخبار المتداولة عن بيع امتيازات ميناء بورتسودان وأكدت انه لا يمكن تقرير "مثل هذا الأمر الاستراتيجي إلا بالرجوع للشعب السوداني".