الموازنة العامة المصرية المقبلة تثير خلافا حول توجهاتها الاجتماعية

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 04 أبريل 2019ء) مصطفى بسيوني. أصدرت وزارة المالية المصرية قبل أيام البيان التمهيدي للموازنة العامة للعام المالي المقبل 2019/2020، والتي تضمنت خفضا للعجز إلى 7​​​.2 في المئة وزيادة في المصروفات بنسبة 12.2 في المئة وارتفاعا في الإيرادات العامة بنسبة 17.1 في المئة، وفيم اعتبر مراقبون أن الموازنة العامة لا تراعي البعد الاجتماعي، ورأى آخرون أنها تنجح في تحسين مؤشرات الاقتصاد المصري.

اعتبرت العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة، وأستاذة الاقتصاد دكتورة علياء المهدي، أن الموازنة العامة وفق بيانها التمهيدي تتجاهل البعد الاجتماعي، وتقول في حديثها لوكالة "سبوتنيك" إن "القيمة الحقيقية للدعم تراجعت لأنها أقل من معدل التضخم، كما أن نسبة الارتفاع في الأجور بالكاد تغطي معدل التضخم لذا فهي فعليا لم ترتفع، والزيادة الأكبر في الاستثمارات، وهو ما يعني أن الموازنة فضلت التوجه لخفض عجز الموازنة على تحسين الأوضاع الاجتماعية، وهو ما يعني استمرار السياسات التقشفية، والتي تعاني منها الطبقات الفقيرة".

وأضافت المهدي أن "زيادة المصروفات بنسبة أقل من زيادة الإيرادات تؤكد الاتجاه التقشفي للموازنة، والحقيقية أن الزيادة الكبيرة في الاستثمارات كان بالإمكان توزيعها على باقي بنود المصروفات مثل الدعم والأجور لتترك أثرا إيجابيا على حياة المواطنين".

من جانبه، اعتبر وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان المصري النائب ياسر عمر أن الموازنة العامة للعام المالي المقبل 2019/2020 تمثل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت مصر تطبيقه منذ نهاية عام 2016، ولكنها لا تمثل نهايته.

وقال عمر، في تصريحات حصرية لوكالة "سبوتنيك" إن "موازنة العام المالي المقبل ستواكب المراجعة الأخيرة لصندوق النقد الدولي، والتي ستبدأ الشهر المقبل قبل حصول مصر على الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي".

وأضاف عمر "لا يعني ذلك نهاية برنامج الإصلاح الاقتصادي، فسنستمر في إصلاح الاقتصاد المصري، وهناك مزيد من الإصلاحات يجب تطبيقها، حتى يتحرر الاقتصاد المصري بالكامل، وهناك مستهدفات نسعى للوصول إليها في السنوات المقبلة، منها الوصول بالدين العام إلى 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يمثل الآن 89 في المئة، والوصول بعجز الموازنة إلى 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بينما تمثل الآن أكثر من 8 في المئة. تلك هي المستهدفات لعام 2021/2022، أي بعد موازنة العام المقبل والتالي أيضا، كذلك نستهدف خفض التضخم لأقل من 10 في المئة".

وأشار عمر إلى تطور بعض بنود الموازنة العامة المقبلة قائلا "الاستثمارات العامة هي البند الأكثر زيادة في موازنة العام المقبل، فقد تضاعفت تقريبا عن العامين السابقين، إذ تبلغ في الموازنة المقبلة 211 مليار جنيه، مقابل 109 مليار جنيه قبل عامين [ويساوي الدولار 17.46 جنيه مصري في مشروع موازنة العام المقبل]، وربما شهد بند الدعم انخفاضا طفيفا، ولكن مع استهداف أفضل للمستحقين، لذا سيكون الدعم أكثر فاعلية، ومثال ذلك دعم الوقود الذي كان يحصل عليه المستحقون وغير المستحقين، بينما الدعم في الموازنة المقبلة يستهدف المستحقين فقط للدعم، ويستبعد غير المستحقين".

وأكد عمر "نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي لن يشعر به المواطن فورا، وذلك لارتفاع نسبة الزيادة السكانية، والتي تبلغ 2.5 مليون نسمة سنويا، وكذلك لأن معدل النمو لم يصل بعد للنسبة التي تؤثر مباشرة في حياة المواطن، ونحتاج لرفع معدل النمو إلى 8 في المئة حتى يشعر المواطن بنجاح الإصلاح الاقتصادي، وهو ما يمكن أن يتحقق خلال أربع سنوات".

وصدر يوم الأحد الماضي البيان التمهيدي للموازنة العامة في مصر للعام المالي 2019/2020، والتي تستهدف، بحسب البيان، الوصول بمعدل النمو إلى 6 في المئة من 5.5 في المئة في الحالي، وخفض نسبة البطالة إلى 9 في المئة، وخفض العجز الكلي للموازنة إلى 7.2 من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 8.4 في العام الحالي، وتحقيق فائض أولي بالموازنة حوالي 2 في المئة وخفض نسبة الدين العام إلى 89 في المئة.

وتستهدف الموازنة العامة الجديدة رفع المصروفات بنسبة 12.2 في المئة، فيما تستهدف رفع الإيرادات العامة بنسبة 17.1 في المئة.

وأبرمت مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي نهاية عام 2016، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار، على ست دفعات، حصلت بالفعل على خمس دفعات منه، وذلك مقابل تطبيق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية تتضمن تحرير سعر الصرف وخفض فاتورة الأجور وإلغاء الدعم على المحروقات وتحسين مناخ الاستثمار وخفض عجز الموازنة العامة.

وتبدأ بعثة لصندوق النقد الدولي زيارة لمصر في أيار/ مايو المقبل لإجراء المراجعة الأخيرة للصندوق على برنامج الإصلاح الذي تطبقه مصر، وهو ما سيترتب عليه حصول مصر على الشريحة السادسة والأخيرة من قرض الصندوق بقيمة ملياري دولار.