التدابير الصارمة لمواجهة تفشي كورونا تصيب اقتصاد أوروبا بالكساد وتضعه أمام تحديات كبيرة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 29 ديسمبر 2020ء) أدت التدابير الصارمة، التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي، في مواجهة تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، إلى دخول اقتصاد هذه البلدان مرحلة كساد غير مسبوقة؛ ووضعته أمام تحديات عظيمة.

وبدأت هذه الدول باتخاذ إجراءات احترازية، مع بدء تفشي الفيروس، في آذار/مارس الماضي؛ وشملت إغلاق قطاع الخدمات، كالمطاعم والمقاهي وصالونات التجميل ودور السينما والمسارح وغيرها؛ وذلك فضلا عن إلزام الشركات بتحويل عمل موظفيها عن بعد​​​.

وزادت الموجة الثانية للوباء من حدة الأثر على الاقتصاد الأوروبي، وارتفعت نسب البطالة في أوروبا، وخاصة في صفوف الشباب الباحثين عن فرص عمل جديدة.

وبحسب مكتب الإحصاءات الأوروبية "يوروستات"، بلغ معدل البطالة، في تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، بدول الاتحاد 7.6 بالمئة، ما يعادل 16.236 مليون شخص؛ من بينهم 13.825 مليون شخص في منطقة اليورو، التي تضم 19 دولة.

ويمثل ذلك ارتفاعا بنحو 2 مليون شخص في الدول الأعضاء بالاتحاد، وحوالي المليون شخص في بلدان منطقة اليورو؛ وذلك مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

وأثرت التدابير المفروضة لمواجهة الجائحة على قطاعات افتصادية مختلفة، مثل قطاع النقل الجوي، الذي تراجع بشكل حاد.

وظهر ذلك واضحا في نيسان/أبريل بنحو (-91) بالمئة، وأيار/مايو بحوالي (-90) بالمئة، وحزيران/يونيو بـ (-84) بالمئة؛ وذلك مقارنة مع نفس الفترة من عام 2019.

وشهد القطاع انتعاشا طفيفا، في أشهر الصيف الماضي، عقب تخفيف الدول الأوروبية للتدابير التي اتخذتها لمواجهة الجائحة؛ لتسجل نسبة الانخفاض (-64) بالمئة في تموز/يوليو، و(-53) بالمئة في آب/ أغسطس.

وعاد قطاع النقل إلى التراجع من جديد، تزامنا مع الموجة الثانية للجائحة، وسجل في أيلول/ سبتمبر (-59) بالمئة، وتشرين الثاني /أكتوبر (-62) بالمئة.

وأكد مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي باولو جينتيلوني، أن أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد ستخلف جروحا وعواقب دائمة على الاقتصاد الأوروبي.

ووفقا لـ "يوروستات"، انكمش الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، التي يضم 27 دولة، خلال الربع الثاني من العام الجاري، بنسبة 13.9 بالمئة على أساس سنوي.

وبالنسبة لمنطقة اليورو (19 دولة)، انكمش الناتج المحلي الإجمالي، خلال الربع الثاني، بنسبة وصلت إلى 14.7 بالمئة، على أساس سنوي.

وتوقع عددا من الخبراء الاقتصاديين، عودة الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأعضاء إلى مستويات ما قبل الوباء بين أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023؛ مرجحين نمواً تبلغ نسبته 4.7 بالمئة في عام 2021.

وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عودة الاقتصاد الأوروبي والعالمي إلى مستويات ما قبل الجائحة، في نهاية العام القادم؛ وقدرت عودة النمو بالاقتصاد بنسبة 4.2 بالمئة، مع نهاية العام القادم.

وفي خطوة لتدارك ركود الاقتصاد في الدول الأعضاء، صادق البرلمان الأوروبي على خطة التعافي الأوروبية، وعلى الميزانية الأوروبية طويلة الأمد، والتي من المقرر أن تدخل حيز التطبيق، اعتبارا من شهر كانون الثاني/يناير المقبل.

واتفق قادة الدول الأوروبية على الميزانية وخطة للتعافي، منذ شهر تموز/يوليو الماضي؛ حيث ستمول لأول مرة بواسطة قرض جماعي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، تضاف إليها ميزانية طويلة الأمد حتى العام 2027، بقيمة 1074 مليار يورو.

ويرجع تأخر الدول الأوروبية في المصادقة على الميزانية إلى مطالبة بعض الأعضاء في البرلمان الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية، أبرزها هولندا وفرنسا، إقران حزمة التعافي باحترام مبادئ الديمقراطية وقواعد القانون واستقلال القضاء.

واعتبرت الدولتين ذلك أداة ناجحة لمحاربة الفساد في عددا من الدول الأوروبية؛ بينما رفضت بولندا وهنغاريا ربط حزمة التعافي بالشؤون الداخلية.

وتعتبر نسب الانكماش لدى كافة بلدان الاتحاد الأوروبي، الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية، عامي 2008 و2009.