البيان الختامي لمؤتمر (حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر) يؤكد أن أية إجراءات شرعية ضد النظام القائم في شبه جزيرة قطر، يعتبر هو وحده المسؤول عنها بتصرفاته العبثية غير المسؤولة

المنامة (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 30 يونيو 2018ء) اختتمت أعمال مؤتمر: "حُكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر.. التاريخ والسيادة" اليوم بحضور ومشاركة، نخب متميزة، وكوكبة من أصحاب الفكر والثقافة، ورواد التاريخ والإعلام.

وقدم المشاركون أوراق عمل وكلمات ومداخلات ومرئيات، غطت محاور وجلسات المؤتمر، وهي:

المحور الأول؛ "الزبارة عاصمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر وجُزر البحرين".

المحور الثاني؛ "التمرد على شرعية آل خليفة في شبه جزيرة قطر".

المحور الثالث؛ "العُدوان القطري على الديبل في عام 1986م".

وتناول المؤتمر حقبة زمنية مهمة من تاريخ منطقة الخليج العربي، وهي حكم آل خليفة وسيادتهم على شبه جزيرة قطر، منذ بداية إنشاء دولة آل خليفة في الزبارة عام 1762م، وناقش المؤتمر محاوره وأفكاره بمهنية عالية وقراءات رصينة عبر سرد حقائق مؤكدة، استندت إلى وثائق ومصادر موثوقة. وقد أكدالمشاركون على الآتي:

أولاً: إن العتوب تحالف قبلي يضم أفخاذا وعشائر عدة تنتمي لعدة قبائل، تصاهرت فيما بينها، وكونت هذا التحالف الذي تشير إليه كثير من المصادر والمراجع ببني عتبة.

وتؤكد الوثائق والمصادر تسلسل نسب آل خليفة في القرن الثامن عشر الميلادي/ الثاني عشر الهجري الذي يعود إلى خليفة الكبير، وهو الشيخ خليفة بن محمد بن فيصل العتبي المؤسس لهذه العشيرة في الهدار بالأفلاج في جنوب شرقي نجد بشبه الجزيرة العربية.

وفي عام 1675م/ 1086هـ، ارتحل العتوب إلى فريحة على الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر ثم إلى البصرة فالكويت في عام 1701م/ 1113هـ. وبعد ذلك تمايزت عشائر العتوب حيث ارتحلت عشيرة آل خليفة، برئاسة الشيخ محمد بن خليفة إلى الزبارة على الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر، عام 1762م/1176هـ.

ثانيًا: شكلت هجرة آل خليفة إلى الزبارة على الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر، علامة بارزة في تأسيس دولة آل خليفة، بعد مبايعة قبائل المنطقة لآل خليفة لهذه الدولة التي امتدت لتشمل كامل شبه جزيرة قطر وعاصمتها الزبارة.

وسطر حكام آل خليفة نموذجا للدولة الحديثة، والإدارة الرشيدة، وحماية التجارة، وتأمين الملاحة البحرية، إلى جانب استتباب الأمن، وتطبيق النظام والقانون، وتنفيذ أحكام المعاهدات الدولية على شبه جزيرة قطر وجزر البحرين. ونتيجة لذلك تحولت الزبارة إلى حاضرة سياسية رئيسة، وواجهة اقتصادية وحضارية مرموقة في الخليج العربي.

ثالثًا: تمثلت أحد مظاهر سيادة آل خليفة على شبه جزيرة قطر، في آلية تعيين الولاة خاصة بعد فتح جزر البحرين، وتحول العاصمة السياسية إليها في فترة لاحقة، وكانت هناك أدوار موكلة إلى الولاة في مختلف مناطق شبه جزيرة قطر، فضلا عن طبيعة التعاون الحاصل بين الوالي والحاكم في ردع أي تمرد بالمنطقة، والعمل على إرساء الأمن، وتعزيز الرخاء.

رابعًا: أجّجتْ أطماع وفتن حكام آل ثاني في شبه جزيرة قطر، الوضع السياسي في منطقة الخليج العربي، وعملوا على تأزيم الأمور من خلال تحريض القبائل على التمرد ومحاولة الاستيلاء على خور العديد بشبه جزيرة قطر، مما ترتب على ذلك قيام شيوخ آل خليفة وبني ياس في أبوظبي بتأديب الخارجين على الطاعة من آل ثاني، كما حدث في معركة بلدة الدوحة في عام 1866م.

ومع استمرار تأليب آل ثاني القبائل في شبه جزيرة قطر على حكم آل خليفة من أجل الظفر بالزعامة والقيادة، استطاع الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة إخماد التمرد الحاصل، إلا أن الظروف التي صاحبت تلك الفترة مهدت الطريق بقيام بريطانيا بفرض اتفاقية عام 1868م التي أدت إلى فصل الدوحة عن بقية أراضي شبه جزيرة قطر، وإعلان آل ثاني إنشاء كيانهم الانفصالي.

خامسًا: أصبحت الزبارة محط أطماع آل ثاني بُعيد منحهم حق امتياز النفط لشركة النفط الأنجلو – فارسية المحدودة البريطانية في عام 1935م.

وحدث الاعتداء السافر والمُباغت الذي وقع في عام 1937م على قبيلة النعيم التي كانت تسكن الزبارة، وتدين بولائها تاريخيًا لأسرة آل خليفة. وترتب على هذا العدوان احتلال الزبارة، والتهجير القسري لسكانها.

سادسًا: إن العدوان العسكري القطري على الديبل عام 1986م شكل انتهاكا صارخا لسيادة البحرين على أراضيها، ومخالفة صريحة لقرارات مجلس التعاون والمواثيق الدولية والإنسانية. كما مثل حلقة في سلسلة حلقات الممارسات القطرية العدائية تجاه مملكة البحرين، والتدخل في شؤونها الداخلية. فقد خسرت البحرين جزءا من كيانها السيادي التاريخي الثابت والموثق حين اقتطعت قطر من اقليمها السيادي.

وخلال الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية بناء على توجه قطري، تم إثبات تزوير قطر لعشرات الوثائق التاريخية، وصولا إلى عملية نهب منظم لثروات البحرين في أراضيها التاريخية.

سابعًا: إن أية إجراءات شرعية ضد النظام القائم في شبه جزيرة قطر، يعتبر هو وحده المسؤول عنها بتصرفاته العبثية غير المسؤولة، وسوف نظل مع أهلنا في شبه جزيرة قطر شعبا واحدا، يجمعنا في ذلك وحدة المنشأ والنسب والتاريخ والهدف والمصير، وهي علاقات أخوية وثيقة وأزلية، تنطلق من عهد متواصل من الولاء، وتقوم على بيعة دائمة، ستظل قائمة وعصية على كل من يحاول إثارة الفرقة والتشرذم أو يسعى لتغيير هذا الواقع الثابت.

وبناء على ما تقدم من حقائق ونتائج، فقد أوصى المشاركون في المؤتمر بما يأتي:

1- تشكيل لجنة متخصصة من الجهات المعنية، لكشف جرائم الاحتلال الغاشم لآل ثاني في المناطق السيادية البحرينية أمام المحافل الدولية، والتصدي لكافة المحاولات الرامية لتزوير هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ.

2- إتخاذ الخطوات الإجرائية والقانونية لإعادة الحقوق لأصحابها من أحفاد المهجرين قسراً، نتيجة ما حدث من إجراءات إنتقامية ولا إنسانية، مارسها حكام آل ثاني في عام 1937م ضد سكان وأهالي الزبارة لاسيما قبيلة النعيم من احتلال وإعتداءات وتهجير قسري بسبب ولاءهم لحكم آل خليفة، وهو يندرج في إطار جرائم الحرب والعدوان والتهجير القسري في ضوء القانون الدولي، والذي يقضي بضرورة إزالة الضرر والتعويض المادي والمعنوي جراء العدوان العسكري والتهجير القسري وذلك على غرار العديد من القضايا المماثلة.

3- التأكيد على أن ما ارتكبه نظام الدوحة من تدابير وممارسات لتغيير معالم وشواهد الزبارة وإزالة الآثار والتراث الحضاري المادي، يمثل جريمة إنسانية عالمية لا تسقط بالتقادم، كما أن استغلاله اتفاقية حماية التراث العالمي لإدراج الزبارة على أسس مغلوطة ومعلومات منقوصة، بهدف طمس وتزوير البعد التاريخي للموقع وتغييب معالمه وعلاقته بالمؤسسين الأوائل من حكام آل خليفة، يعد عملية سطو على التراث الإنساني، مرفوضة جملة وتفصيلا.

ولن يستطيع نظام الدوحة أن يغير طبيعة ومعالم الزبارة، بأي إجراء تعسفي، لأنه لن يكفي تهجير البشر لتغيير واقع ومعالم المنطقة بل يلزم أيضا اقتلاع الشجر والحجر، ووقائع حافلة بالشواهد والإنجازات.

4- أن يكف نظام الدوحة فورا عن كل الأعمال العدائية ضد مملكة البحرين على صعيد دعم الإرهاب والإعلام الموجه والتجنيس الإنتقائي. وأن يقدم التعويضات العادلة للأضرار التي لحقت بأرواح الأبرياء والبنى التحتية وغيرها، ووقف نهب الثروات الوطنية. وتعتبر هذه القضايا مؤشراً على مدى التزام وجدية نظام الدوحة في التجاوب مع المطالب المشروعة بحكم التاريخ والسيادة.

5- دعوة المؤسسات الوطنية خصوصا في قطاعات التربية والتعليم والإعلام والثقافة إلى إيلاء مزيداً من الاهتمام بفترة حكم آل خليفة لشبه جزيرة قطر باعتبارها تمثل جزءًا مهما من التاريخ الوطني لمملكة البحرين، ومبعثاً للفخر والاعتزاز، وينبغي أن يتم تسليط الضوء على أحداث تلك الحقبة وإتاحة وقائعها أمام النشء والأجيال الجديدة.

6- حث الباحثين والمتخصصين لبذل مزيد من الجهد البحثي والتاريخي لإثراء المكتبة الخليجية والعربية والعالمية، بدراسات تفصيلية عن مجمل حكم وسيادة آل خليفة في شبه جزيرة قطر، كنموذج ناجح لدولة حديثة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية، وما تعرض له هذا النموذج من ممارسات عدائية، فاقدة للشرعية التاريخية والقانونية والأخلاقية، وذلك لأسباب تتعلق بالاستيلاء على الموارد والمقدرات.

وإذ يثني المشاركون في المؤتمر على مبادرة مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" كمركز فكري مستقل ورائد، وحرصه على بيان الحقائق التاريخية ومدى ارتباطها الوثيق بالحاضر والمستقبل، فإنهم يتقدمون ببالغ الشكر والتقدير إلى المركز رئيسا وإدارة وباحثين على كافة التسهيلات التي بذلت في إعداد وتنظيم هذا المؤتمر.