الأمن السيبراني بالقطاع النفطي الكويتي.. منظومة متطورة لحماية شريان الاقتصاد الوطني

الكويت (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 18 يونيو 2025ء) تناولت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في نشرتها الاقتصادية ضمن الملف الاقتصادي لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) رؤية شركات القطاع النفطي الكويتي ونجاحها في إرساء منظومة متطورة للأمن السيبراني، متطرقة إلى التحديات البشرية مع ازدياد التطور التقني والتحولات التي تجعل الحياة أكثر ازدهارًا، وفي الوقت ذاته زيادة المخاطر التي تواجه الأمن السيبراني، في جميع القطاعات، مما تطلب مواءمة سياسات الأمن السيبراني والتعاون في تطوير التقنية وتبادل المعلومات والخبرات بين شركات القطاع الخاص والقطاع العام، لا سيما في القطاعات النفطية، ورفع مستوى حماية الشركات النفطية وتعزيز الأمن السيبراني لأنظمتها وبياناتها، من خلال إجراءات تتمثل في تطبيق أنظمة المراقبة والتحكم باستخدام الذكاء الاصطناعي، والشراكات مع الجهات الرائدة في مجال الأمن السيبراني، والتدريب والتطوير المستمر لموظفيها.

بخطوات ثابتة ورؤى استشرافية، نجحت "شركات القطاع النفطي الكويتي" في إرساء منظومة متطورة للأمن السيبراني تعنى بحماية الشريان الحيوي للاقتصاد الوطني من المخاطر وتعزز موثوقية أنظمتها إضافة إلى رفع جهوزيتها لمواجهة التحديات السيبرانية المستقبلية.

وترتكز التعزيزات السيبرانية في شركات القطاع النفطي على محاور عدة، بدءًا من التحديث المستمر للأنظمة الأمنية؛ لضمان توافقها مع أحدث المعايير الدولية، مرورًا بإجراء اختبارات اختراق دورية، وتقييم دقيق للمخاطر المحتملة، وصولًا إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ للكشف المبكر عن التهديدات.

ويمثل الاستثمار في التقنيات الحديثة، والتدريب المستمر للموظفين على أحدث ممارسات الأمن السيبراني، ذراعين إستراتيجيتين في توفير الأمان الاستباقي للقطاع النفطي ضد التهديدات المتطورة.

وتحتضن "مؤسسة البترول الكويتية" وشركاتها التابعة، أقسامًا ومراكز متخصصة لعمليات الأمن السيبراني، تعنى بتعزيز سياسات الأمان بشكل دوري بما يضمن توافق الأنظمة مع أحدث المعايير الأمنية والبرمجيات الدفاعية.

ولتسليط الضوء على هذه الجهود التقت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) نخبة من الخبراء والمعنيين في قطاع الشركات النفطية، الذين أجمعوا على الدور المحوري للتطوير المستمر لمصدات الأمن السيبراني في مواجهة التهديدات المتزايدة، بما في ذلك الاختراقات الأمنية والبرمجيات الخبيثة وهجمات الهندسة الاجتماعية.

وفي هذا السياق يقدم رئيس مشروع عمليات الأمن السيبراني في شركة البترول الوطنية علي القلاف خلال لقائه مع (كونا) رؤية متكاملة عن أهمية الأمن السيبراني للقطاع النفطي، مشيرًا إلى أنها تنبع من أوجه عدة، يأتي في مقدمتها الاعتماد الكبير على الأنظمة الرقمية في إدارة عمليات الإنتاج والتكرير والتوزيع ما يجعل حماية هذه الأنظمة من المخاطر السيبرانية أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرارية العمل والحفاظ على سرية المعلومات الحساسة.

ويلخص القلاف المكونات الحيوية للفضاء السيبراني في "شركة البترول الوطنية" في خمسة مكونات رئيسة، تضم (البنية التحتية، والبرمجيات التشغيلية، والأنظمة الأمنية، والبيانات، والمستخدمين، إضافة إلى الخدمات الرقمية).

ويذكر أن البنية التحتية تشمل (الخوادم، والشبكات، والأنظمة) التي تدير البيانات وعمليات الإنتاج والتكرير، وتتمثل برمجيات الأنظمة التشغيلية بأنظمة التحكم الصناعي التي تدير العمليات في المصافي ومحطات تعبئة الوقود، مشيرًا إلى أن الأنظمة الأمنية تعنى بحماية الشبكات من الهجمات.

ويضم الفضاء السيبراني للشركة، البيانات مثل سجلات العمليات وأسرار الشركات التجارية، حيث تعد من أصول الشركة التي تتطلب حماية جيدة، إضافة إلى المستخدمين، وهم موظفو الشركة الذين يتفاعلون مع هذه الأنظمة في مختلف الأقسام كما يحتوي على الخدمات الرقمية مثل الإنترنت والشبكات الداخلية التي تربط مرافق الشركة المختلفة.

ويوضح القلاف أن "شركة البترول الوطنية" تواجه العديد من التهديدات السيبرانية، أبرزها الهجمات الإلكترونية مثل (القرصنة، والتسلل إلى الأنظمة)، بهدف سرقة البيانات أو تعطيل العمليات والبرمجيات الخبيثة، التي قد تستهدف أنظمة التحكم الصناعي في المصافي، إضافة إلى الفيروسات التي يمكن أن تصيب أجهزة الحاسوب الداخلية.

ويستعرض إستراتيجيات إدارة المخاطر السيبرانية لمواجهة تلك التهديدات، مشيرًا إلى أن الشركة تعتمد على التحليل المستمر للمخاطر لفهم التأثير المحتمل والتقييم الدوري للأدوات الأمنية، باستخدام اختبارات الاختراق وتقييمات الثغرات لضمان حماية الأنظمة.

وحول إدارة المخاطر السيبرانية، فهي تتم عبر دائرة مختصة بإدارة المخاطر المؤسسية بالتعاون مع دائرة تقنية المعلومات التي تعمل على تحديد وتقييم المخاطر المحتملة التي قد تؤثر في الأنظمة التشغيلية.

وتتبنى الشركة حزمة من الإجراءات والحلول؛ لتعزيز أمنها السيبراني، تشمل التحديث الدوري للأنظمة الأمنية بما يتوافق مع أحدث المعايير الدولية، وتطبيق حلول التشفير، والمصادقة المتعددة العوامل، إضافة إلى استخدام تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والكشف المبكر عن التهديدات والهجمات.

ويؤكد أن الشركة أنجزت العديد من المشاريع الرائدة في مجال الأمن السيبراني، والتي توّجتها بتدشين أول مركز موحد لعمليات الأمن السيبراني الفريد من نوعه على مستوى دولة الكويت ومنطقة الشرق الأوسط؛ لمراقبة الأنظمة التقنية التشغيلية وأنظمة تكنولوجيا المعلومات والكشف المبكر عن الهجمات والتعامل معها بسرعة وفعالية.

ويشير القلاف إلى أن التدريب المستمر للموظفين على أحدث ممارسات الأمن السيبراني، هو أحد الإستراتيجيات الأساسية التي تتبناها الشركة للحد من المخاطر البشرية، فضلًا عما تشهده من تطور سيبراني مستمر عبر الاستثمار المتنامي في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتوفير أمان استباقي ضد التهديدات المتطورة.

ويشدد على ضرورة المضي قدمًا في هذا المسار على مستوى جميع شركات القطاع خاصة بعد إطلاق إستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية 2040 للتحول الرقمي، التي سترفع أعداد الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء في العمليات التشغيلية.

ويلفت القلاف إلى المخاطر التي يحملها الذكاء الاصطناعي على الأمن السيبراني في أي قطاع بما في ذلك القطاع النفطي، حيث يوفر فرصًا واسعة لتحسين الهجمات الإلكترونية وجعلها أكثر تطورًا، مبينًا أن الشركة واجهت تلك المخاطر، بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي كذلك، مثل (استخدام أنظمة الكشف المبكر لتحليل سلوك الشبكة، واكتشاف الأنماط غير المعتادة التي قد تشير إلى هجوم)، علاوة على تعزيز وعي الموظفين بأحدث أساليب الهجمات.

ويفيد أن تأمين الأنظمة الرقمية التي تعتمد عليها عمليات الإنتاج والتكرير يعد من أولويات الشركة، لضمان استقرار قطاع النفط والغاز في الكويت، ومنع أي تهديد قد يؤدي إلى تسريب بيانات حساسة أو تعطيل الإنتاج أو الإضرار بالبيئة.

ويشير القلاف إلى أن القطاع النفطي يواجه تحديات سيبرانية متعددة، لا سيما تلك المتعلقة بالأنظمة القديمة التي تفتقر لدعم أحدث تقنيات الأمان، علاوة على التعقيدات الفنية الناجمة عن تكامل الأنظمة التشغيلية وأنظمة تكنولوجيا المعلومات، والتي تشكل تحديًا إضافيًا ما يستلزم حماية شاملة لكل من الشبكات الصناعية الرقمية لضمان أمن القطاع الحيوي.

ويؤكّد رئيس فريق الأمن السيبراني في "شركة نفط الكويت" محمد الصفي أهمية فهم الآثار والأفعال التي تنتج عن عناصر التهديد في الفضاء السيبراني، التي تزايدت أعدادها في السنوات الأخيرة ما قد يؤدي إلى تسرب أو محو البيانات أو تعطل الأنظمة، مفيدًأ أن معرفة طبيعة هذه التهديدات وتقييم احتمال حدوثها وتأثيرها في بيئة العمل من شأنهما مساعدة المؤسسات على تطوير إستراتيجيات دفاعية مناسبة وفعالة للتصدي لها.

ويعد القطاع النفطي الرافد الأساسي للاقتصاد الوطني، وعليه فإن من الأولويات القصوى تعزيز أمنه السيبراني، ولا سيما أنه يعتمد بشكل كبير على أنظمة التحكم والتشغيل الآلي "وعليه يجب التأكد الدائم من سلامة العمليات وحماية البيانات الحساسة للحفاظ على استمرارية الأعمال والاستقرار الاقتصادي".

ويسلط الصفي الضوء على التحديات التي تواجه القطاع النفطي في مجال الأمن السيبراني، مشيرًا إلى النطاق الواسع لعمليات القطاع وتكامل أنظمته المترابطة والمتداخلة، إضافة إلى تزايد استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي في شنّ الهجمات السيبرانية "الأمر الذي يستدعي يقظة أمنية متواصلة".

ويتوقع أن يتجه مستقبل الأمن السيبراني في القطاع النفطي الكويتي نحو المزيد من التكامل باستخدام الضوابط الأمنية والتقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون بين الشركات النفطية والجهات الحكومية لتهيئة بيئة أكثر أمانًا مع التركيز على مواجهة التهديدات المتجددة والمتزايدة.

وفي إطلالة على النهج متعدد الأوجه لتعزيز الأمن السيبراني في القطاع النفط، يؤكد ضابط أول أمن سيبراني في الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية (كوفبك) عبدالله الخطيب لـ(كونا) أهمية الدور التكاملي بين الشركات والجهات الحكومية بهدف تبادل المعلومات والخبرات حول التهديدات والهجمات المستحدثة.

وأوضح الخطيب أن حزمة الحلول والإستراتيجيات الداعمة لبنيوية الأمن السيبراني في القطاع تشمل تعزيز الحوكمة الأمنية عبر وضع سياسات محكمة وتحديث الأنظمة من خلال استبدال البرمجيات القديمة، إضافة إلى تحسين البنية التحتية وتدريب الكوادر البشرية والتوظيف الأمثل للذكاء الاصطناعي.

ويتوقع الخطيب تزايد الاستثمارات في الأمن السيبراني خلال المرحلة المقبلة؛ لتعزيز قدرة القطاع على مواجهة التهديدات المتطورة مع التركيز على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للكشف المبكر وتعزيز أمن إنترنت الأشياء في المنشآت النفطية، إضافة إلى تطوير أنظمة دفاع سيبراني متكاملة، تشمل تحليل البيانات الضخمة والتشفير المتقدم.

ويرجح حصول تطور في التشريعات والسياسات الدولية ذات الصلة لضبط الأمن السيبراني في القطاع النفطي، مشيرًا إلى أنه سيظل هدفًا رئيسًا للهجمات الإلكترونية ما يجعل الأمن السيبراني جزءًا لا يتجزأ من متطلبات استدامته وحمايته من المخاطر.

ويشدد الخطيب على أن إدارة المخاطر السيبرانية تتطلب عملية متكاملة تشمل تحديد المخاطر بهدف التعرف على الثغرات الأمنية المحتملة، ثم تحليلها عبر تقييم تأثيرها واحتمالية حدوثها، إضافة إلى تطوير إستراتيجيات الحماية مثل تنفيذ جدران الحماية والتشفير والمراقبة المستمرة وأخيرًا الاستجابة للحوادث عبر خطط للاستجابة والتعافي في حال حدوث اختراق.

وتولي الحكومة الكويتية الأمن السيبراني أهمية قصوى، لا سيما في القطاع النفطي بوصفه عنصرا إستراتيجيا لحماية الأصول في قطاع النفط والغاز، وذلك من خلال تحقيق التكامل الوثيق بين التكنولوجيا المتقدمة والإستراتيجيات الأمنية المتطورة والتدريب المستمر للموظفين.

وعملت دولة الكويت خلال الفترة الماضية على توسيع شراكاتها الإستراتيجية في مجالات الأمن السيبراني جنبًا إلى جنب مع الجهود التي تبذلها الجهات المتخصصة في البلاد لإحداث تحولات جذرية في تأمين الفضاء السيبراني الوطني.