جدة (پاکستان پوائنٹ نیوز 13 فبراير 2025ء) قدّمت المملكة العربية السعودية خلال المؤتمر الثالث عشر لوزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي 2025م الذي أُقيم في مدينة جدة خلال الفترة من 12 إلى 13 فبراير الجاري، أربع وثائق، وهي: أثر الثقافة على التنمية الاجتماعية والاقتصادية -الموضوع الرئيس للمؤتمر-، وتعزيز استرداد الممتلكات الثقافية في العالم الإسلامي، ورقمنة المعاجم الثنائية اللغة في دول العالم الإسلامي، والمعجم التاريخي المصوَّر لفن الخط العربي.
وتناولت الوثيقةُ الأولى "أثر الثقافة على التنمية الاجتماعية والاقتصادية" الثقافة بصفتها عنصرًا أساسيًّا في التنمية الاجتماعية، والثقافةَ كمحركٍ للتنمية الاقتصادية، والسياسات الثقافية ودورها في التنمية المستدامة، حيث دعت الدول الإسلامية إلى تطوير سياسات ثقافية مستدامة وذلك من خلال دمج الثقافة في إستراتيجيات التنمية الوطنية، وتمويل القطاع الثقافي وتعزيز الشراكات، والحفاظ على التراث وتعزيزه.
كما تطرقت إلى قياس أثر السياسات الثقافية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضرورته لتحقيق الأهداف، إذ يُعدُّ شرطًا أساسيًا لنجاحها، وحددت الوثيقة أبرز التحديات التي تواجه الجهود المبذولة في هذا الشأن، ومن أهمها الأثر غير المباشر للثقافة، وغياب مؤشرات قياس موحدة، ونقص البيانات والإحصاءات الدقيقة، والتحديات التقنية والرقمية.
وخرجت الوثيقة بمقترحاتٍ لتعزيز قياس أثر الثقافة على التنمية، ومن بينها تطوير مؤشرات موحدة لقياس الأثر الثقافي، وتعزيز جمع البيانات والإحصاءات الثقافية، واستخدام التقنية في التقييم الثقافي، ودعم الأبحاث حول العلاقة بين الثقافة والتنمية، وإدماج الثقافة في الخطط التنموية، وإشراك المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة من أجل الخروج بسياسات ثقافية تُمكّن المجتمعات والأفراد.
وأما الوثيقة الثانية "تعزيز استرداد الممتلكات الثقافية في العالم الإسلامي"، فتطرقت إلى الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي في الدول الإسلامية، ومكافحة الاتّجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. كما أنها تُسلّط الضوء على التحديات القانونية والاقتصادية والدبلوماسية التي تواجه عمليات الاسترداد، مُركِّزةً على عدة نقاطٍ رئيسية من أبرزها أهمية استرداد الممتلكات الثقافية، وطرق التلاعب بالممتلكات الثقافية، وإنشاء لجنة استشارية للمساعدة على الاسترداد، وقد خرجت بتوصياتٍ ومخرجاتٍ مقترحة.
كما تُبرز الوثيقة دور المملكة العربية السعودية في حماية التراث الإسلامي، وذلك عبر اقتراح آليات قانونية ودبلوماسية فعّالة لاستعادة الممتلكات الثقافية المنهوبة. وتؤكد كذلك ضرورة التعاون الدولي وسَنّ سياسات موحدة لمكافحة الاتّجار غير المشروع بهذه الممتلكات، مع تأسيس لجنة استشارية لمتابعة جهود الاسترداد وتقديم الدعم الفني والقانوني للدول الإسلامية.
وجاءت الوثيقة الثالثة "رقمنة المعاجم ثنائية اللغة في دول العالم الإسلامي" كمبادرةٍ من المملكة تهدف إلى رقمنة وتطوير المعاجم الثنائية التي تربط اللغة العربية بلغات الدول الإسلامية، وذلك عبر منصة "سوار" التابعة لمَجْمَع الملك سلمان العالمي للغة العربية، لتعزيز الروابط والتواصل اللغوي والثقافي بين الشعوب الإسلامية، ورقمنة المعاجم الثنائية وفق معايير عالمية، وتوفير منصة تقنية موحدة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، ودعم الأبحاث العلمية والترجمة وتطوير المحتوى المعجمي.
وتُعدُّ "سوار" منصة رقمية متكاملة تُتيح البحث في جميع المعاجم المنشورة، وتُمكّن المؤلفين من حوسبة معاجمهم، ونشرها، وتحديثها باستمرار، إلى جانب ما تحويه من أدوات لغوية متقدمة تُسهّل تحليل النصوص اللغوية ومعالجة المصطلحات، وقد أتمّت رقمنة ثلاثة معاجم وهي: المعجم العربي - الأوزبكي، والمعجم العربي - الإندونيسي، والمعجم العربي - الأذري، وتسعى إلى إضافة المزيد من المعاجم الثنائية بمشاركة الدول الإسلامية والمؤسسات البحثية.
وأخيرًا قدّمت المملكة وثيقةً رابعةً في المؤتمر الثالث عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، وهي: المعجم التاريخي المصوَّر لفن الخط العربي، الذي يُعدُّ مشروعًا رائدًا يهدف إلى توثيق وتأريخ فن الخط العربي بأسلوبٍ غير مسبوق، من خلال معجم مصوَّر يوثّق تطوّر الحروف والخطوط العربية عبر العصور، ويسعى إلى إثبات أصالة الخط العربي وعدم اشتقاقه من خطوط أخرى، بالإضافة إلى تقديم دراسة علمية معمّقة لتطور الخطوط العربية من عصر ما قبل الإسلام حتى العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي.
ويتألف المعجم من ثلاثة مجلدات ضخمة بإجمالي عدد صفحات 1700 صفحة، حيث يعرض المجلد الأول عشرة عصور لتطور الخط العربي وهي: عصر التمهيد، والظهور، والولادة، والتكامل، والتنوع، والتأليف، والتهذيب، والإحياء، والتجديد، وعصر الذكاء الاصطناعي، وأما المجلد الثاني فيتناول الألفاظ والمفاهيم والمصطلحات الخطّية من الألف إلى الياء، مع تحليل تطورها، وأخيرًا يعرض المجلد الثالث تطور أنواع الخطوط، بدءًا من خط الجزم قبل الإسلام حتى الخطوط الطباعية الحديثة.
ويتضمن المحتوى البصري والتوثيقي للمعجم أكثر من 900 صورة ورسم توضيحي تشمل رسوم الحروف والكلمات في تطورها عبر الزمن، ومخططات وخرائط ذهنية حول تاريخ الخطوط، وأعمالًا فنية حصرية لخطاطين محترفين (25 عملاً خطيًّا جديدًا تُنشر لأول مرة)، ويضم كذلك أكثر من 250 مقالًا علميًا، و50 بحثًا أكاديميًا متخصصًا في فن الخط العربي.
وتأتي هذه الوثائق في ظل جهود المملكة العربية السعودية بالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية لخدمة الثقافة في دول العالم الإسلامي، والمحافظة على عناصرها، وصونها، وتعزيز انتشار اللغة العربية وانسجامها مع اللغات الأخرى، وذلك في إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030 في جوانبها الثقافية والفنية.