بوادر أمل لحل أزمة الناقلة "صافر" وتجنيب البحر الأحمر كارثة بيئية وشيكة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 26 نوفمبر 2020ء) أعاد إعلان الأمم المتحدة، موافقة من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، على مقترح أممي بشأن إرسال بعثة خبراء إلى ناقلة النفط المتهالكة (صافر) التي يخزن فيها أكثر من مليون برميل من الخام، الأمل في نزع فتيل كارثة بيئية في البحر الأحمر، قد تنتج جراء حدوث تسرب منها أو انفجارها.

ووصف المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، مساء الثلاثاء، موافقة جماعة "أنصار الله" على استقبال فريق الخبراء الأمميين بـ "الخطوة المهمة"، في تقييم وضع الناقلة (صافر) وإجراء الصيانة الأولية، مؤكداً "التطلع لبدء العمل في أقرب وقت ممكن"​​​.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن موافقة جماعة "أنصار الله" على وصول الخبراء إلى الناقلة التي تم بناؤها في العام 1976م، وتعد ثالث أكبر ميناء عائم للنفط في العالم، بسعة تخزينية 3 ملايين برميل من النفط، "تأتي بعد عدة أسابيع من التبادلات الفنية البناءة بشأن الأنشطة التي سيضطلع بها فريق الخبراء".

وتزامنت المفاوضات بين الأمم المتحدة وجماعة "أنصار الله" مع جهود دولية لتفادي وقوع كارثة (صافر)، حيث كشف السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل آرون في تصريحات صحفية، مطلع الشهر الجاري، عن "تأمين بريطانيا وألمانيا وهولندا وفرنسا، التمويل اللازم لفريق خبراء الأمم المتحدة، والذي يتراوح بين 3 - 4 ملايين دولار"، متوقعاً أن "يكون الفريق الأممي الخاص بتقييم (صافر) على الأرض خلال 6 - 7 أسابيع من تاريخ التوصل إلى اتفاق".

وجاء التقدم في طريق حل أزمة الناقلة (صافر)، عقب تحركات دبلوماسية للحكومة وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي الذي عقد في 16 تموز/ يوليو الماضي، جلسة لمناقشة القضية، طالب خلالها جماعة "أنصار الله" بـ "تحويل وعودها بالسماح للخبراء الأمميين بالوصول للناقلة، إلى اجراء ملموس في أقرب وقت ممكن".

وظلت أزمة (صافر) تراوح مكانها، منذ اتهام جماعة "أنصار الله" التحالف العربي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016م، بمنع وصول سفينة "راما 1" التي تحمل 3 آلاف طن من المازوت الخاصة بتشغيل غلايات البخار التي تمثل قلب الناقلة اللازم لانتاج البخار وتشغيل توربينات مولدات الكهرباء للناقلة التي تم تحويلها إلى خزان عائم لاستقبال وتصدير النفط المنتج من حقول مأرِب (شمال شرقي اليمن) في العام 1988م أي منذ 32 سنة، وهي فترة طويلة جداً في إعمار السفن، حسب النفط اليمنية.

وأدى توقف مولدات الكهرباء الخاصة بالناقلة الراسية على بعد نحو 4.8 ميل بحري من ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة، أواخر العام 2016م إلى توقف شبه كلي لأعمال الصيانة لكل أجزاء الناقلة، في ظل تآكل هيكلها وتزايد خطر تصدعها وتسرب النفط الخام، جراء معدل الرطوبة المرتفع والطقس الحار والملوحة العالية في البحر الأحمر.

ومن بين النقاط التي ظلت محل اختلاف بين الحكومة وجماعة "أنصار الله" وعائقاً أمام صيانة وتفريغ الناقلة، عائدات الكمية المخزنة على متنها البالغة 1.14 مليون برميل من خام مأرب الخفيف، والمقدرة قيمتها بـ 80 مليون دولار، حيث اتهم وزير الإعلام معمر الإرياني، في تموز/ يوليو العام الماضي، الجماعة بمنع الفريق الأممي من الوصول إلى الناقلة، واستخدامها ورقة ضغط، للحصول على ضمانات تمكنها من العائدات.

وهو ما نفاه القيادي في جماعة "أنصار الله" محمد علي الحوثي، مقترحاً تخصيص عائدات الكمية المخزنة من الخام في "صافر"، لدفع رواتب الموظفين الحكوميين، وفق بيانات العام 2014م، أي قبل سيطرة الجماعة على السلطة في صنعاء وعدد من المحافظات.

ودفع حدوث ثقب في أحد الأنابيب وتسرب مياه البحر إلى غرفة محركات الناقلة، في حزيران/ يونيو الماضي، الحكومة إلى إطلاق نداء للأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول المشاطئة للبحر الأحمر، للتحرك ومنع كارثة بيئية قد تمتد تأثيراتها إلى السعودية وإريتريا والسودان ومصر.

وعن التداعيات المحتملة لحدوث أي تسرب للخام من الناقلة، قال الخبير والأكاديمي في الأحياء البحرية، د. عبد السلام الكوري، لوكالة "سبوتنيك" إن "النظام البيئي سيتأثر بأكمله في البحر الأحمر اليمني والمناطق المتاخمة من الدول المجاورة في حال تسرب النفط، اولا بسبب الكمية الهائلة المخزنة في الناقلة، وثانيا بسبب حساسية أغلب الانظمة البيئية البحرية الموجودة في البحر الأحمر".

وأضاف: "يتميز البحر الأحمر بتنوع بيولوجي فريد كونه يحتوي على موائل طبيعية تعتبر اهم مناطق الحضانة والتكاثر للأحياء البحرية، مثل غابات المانجروف والشعاب المرجانية وكذلك الحشائش والطحالب البحرية، وجميعها تعد بيئات حساسة جدا وعند تعرضها لأي تلوث سيدمرها تماما وبالتالي قَتل كل الحياة التي تعتمد على هذه البيئات".

وتابع: "لا يمكن الاحياء البحرية العيش والنمو بشكل طبيعي إذا لم تعتمد على بيئة مناسبة توفر لها الغذاء والمأوى، وهذه البيئات تمتد على طول السواحل اليمنية ويزيد تركزها بالقرب من السواحل والجزر المجاورة للناقلة، مثل جزيرة كمران".

وحذر الكوري وهو أستاذ الأحياء البحرية المساعد في جامعة الحديدة، من "أن تدمير هذه البيئات يعني تدميراً كاملاً للحياة البحرية وتحول المنطقة الى صحراء خالية من أي حياة، ولن تعود الحياة فيها إلا بعد تعافي هذه البيئات ما يتطلب عشرات السنين، وخاصة الشعاب المرجانية التي تحتاج إلى 12 عاماً وأكثر حتى تتعافى، في حال أصبحت الظروف طبيعية ومناسبة جداً، ولم تتعرض لأي عامل آخر يعيق التعافي".

وأشار إلى "أن بيئات المانجروف أكثر الموائل الساحلية حساسية لتأثيرات أي تسرب للنفط، فنباتاتها بطيئة النمو وحساسة للنفط وبيئتها صعبة التنظيف كونها منخفضة الطاقة حيث تقل فيها حركة المد والجزر بشكل كبير وبالتالي يمكن أن يبقى فيها النفط المتسرب لسنوات".

وعن تأثر نشاط الصيد في البحر الأحمر، حال حدوث أي تسرب نفطي من الناقلة، قال الدكتور الكوري، إن "كل الصيادين في ساحل البحر الأحمر اليمني سيفقدون أعمالهم وستتضرر على الأقل 100 ألف أسرة بشكل مباشر، وهي أسر الصيادين الذين يعتمدون في مصادر دخلهم على الصيد، ناهيك عن العاملين الآخرين في سلسلة مصائد الاسماك من بائعين ومسوقين وغيرهم".

وختم الخبير والأكاديمي الكوري، حديثه لـ "سبوتنيك"، بالتحذير من أن "انفجار الناقلة أو تسرب النفط منها سيؤدي إلى اغلاق ميناءي الحديدة والصليف، وخاصة الأخير القريب جداً من موقع الناقلة وسيكون اكثر تأثراً، وما سيُلحق ذلك من أضرار اقتصادية كبيرة ستصل تأثيراتها إلى كل اليمنيين وليس فقط الحديدة، كون إغلاق أي من هذين الميناءين سيكون له تأثيرات كبيرة على الوضع الاقتصادي".