المشيشي أمام اختبار "ثقة البرلمان" في ظل انقسامات سياسية في تونس

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 26 يوليو 2020ء) سلمى خطاب. حالة من الترقب تعيشها تونس بعد إعلان الرئيس قيس سعيد مساء أمس تكليف وزير الداخلية السابق هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة، بعد نحو أسبوعين من استقالة رئيس الحكومة السابق إلياس الفخاخ، وفي ظل انقسام سياسي حاد داخل مجلس النواب، إلى جانب أزمة اقتصادية حادة يضاعف بفعل انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)​​​.

واختار سعيد المشيشي من خارج قائمة المرشحين التي تقدمت بها الأحزاب والقوي السياسية، ما يزيد الغموض حول موقف البرلمان الذي يشهد انقساما حادا من تمرير الموافقة على المشيشي، وفي حالة عدم الموافقة يحل البرلمان تلقائيا، وتذهب البلاد غلى انتخابات نيابية من جديد.

-هل يوافق البرلمان؟

في حديث لوكالة سبوتنيك، قال المحلل السياسي التونسي كمال بن يونس "إذا لم تعترض الأغلبية البرلمانية على هذا التعيين وإذا نجح في تشكيل حكومة ترضيها يمكن أن يكون هذا التعيين فرصة، لأن الأولوية اليوم أمنية إلى جانب الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، بسبب مضاعفات حرب ليبيا وكورونا وأزمة السياسية وكثرة الاضطرابات والاضرابات والاعتصامات العشوائية".

واستطرد قائلا "أما إذا اعترض عليه الحزبان والأغلبية البرلمانية (حركة النهضة والكتلة الديمقراطية) ستتعقد الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية الاجتماعية، وهنا تطرح فرضيتان، الأولى المصادقة على الحكومة لتجنب سيناريو حل البرلمان، ثم اعداد عريضة سحب ثقة منه وتكليف شخصية في نفس اليوم، بما يحرم قيس سعيد من  اختيار البديل عنه، أما السيناريو الثاني هو تصعيد التحركات الاجتماعية ضد الحكومة وقيس سعيّد بهدف إسقاطهما وسحب الثقة منهما".

وأكد بن يونس "في كل الحالات سيكون استقرار الأوضاع رهين نجاح الحكومة الجديدة في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ومضاعفات كورونا وسط تقديرات بتحقيق نسبة نمو سلبية بحوالي 9 نقاط سلبي... وتجاوز نسبة البطالة الـ20 بالمئة لأول مرة في تاريخ البلاد (كانت نسبة البطالة 13 بالمئة قبل الثورة).

في السياق ذاته، قال المدون والناشط السياسي التونسي أسامة بن عرفة أن "هناك إحساسا لدى نسبة كبيرة من الشعب التونسي أن اختيار المشيشي اختيارا موفقا لأن هذا الشخص اختياره لم يلق ترحيبا من الطبقة السياسية التي تحكم تونس منذ عام 2011 وعلى رأسها الإخوان المسلمين".

وأضاف أن "الأزمة السياسية ستكون موجودة سواء اختار الرئيس هذا الشخص أم لا، لأنه الأزمة في تونس هي محاولة الإخوان المسلمين السيطرة على دواليب الدولة بما في ذلك الحكم والرئاسة، ولم ولن يقبلوا أبدا بخروج الرئاسة عن سيطرتهم، وبمجرد أن يكون الرئيس خارج عن سيطرة هذه الجماعة سيمدد من وجود الأزمة في تونس، وستطول الأزمة ولن تتوقف الأزمة إلا بإعادة انتخابات أو لا قدر الله الدخول في نفق مظلم وعودة الإرهاب وغيره".

وحول موافقة البرلمان على اختيار المشيشي، قال ابن عرفة "هذا ما سنكتشفه خلال الساعات والأيام القادمة لأنه هناك شرط أكيد، أعتقد أن الرئيس سيشترط عدم مشاركة حزب قلب تونس (حزب نبيل القروي) في الحكم وهنا ستكون الأزمة الجديدة القادمة لأن النهضة من الصعب أن تقبل بإقصاء شريكها الأساسي من الحكومة، أعتقد أن العقبة الأولى ستكون هنا".

وأضاف "العقبة الثانية أعتقد أنه في حال عدم تعيين عدد كاف من الوزراء والمستشارين المنتمين لحركة النهضة، فالنهضة لن تقبل بوجود رمزي في الحكومة، ومن ناحية أخرى إعادة الانتخابات (البرلمان) فيها مخاطر، الخطر الأول ان النهضة حتى وإن بقيت على هذا العدد من النواب وهذا صعب سيخسر ائتلاف الكرامة بدون شك عدد من نوابه، لأن برنامج الائتلاف كان مبني على إعادة الثروات الطبيعية وعلى مساعدة الرئيس وخلق حزام سياسي للرئيس، في حين أنه تحول اليوم إلى العدو الأساسي لرئيس الجمهورية، يعني حتى لو لم تخسر النهضة من نوابها ستخسر من حلفائها".

وأوضح الناشط السياسي أن "الخطر الثاني هو الصعود الكبير للحزب الدستوري بقيادة عبير موسي، فنعم هناك مخاطر كبيرة من إعادة الانتخابات ولكن كل شيء ممكن وسنكتشف ذلك في الساعات القادمة بعد اجتماع مجلس شورى النهضة وبعد المشاورات وبعد الاطلاع على قائمة الحكومة".

ولم تعلن أي من الأحزاب والكتل السياسية داخل البرلمان عن موقفها الرسمي بشأن تكليف المشيشي بعد، إلا أن رئيس كتلة ائتلاف الكرامة - تضم حزبي العدالة والتنمية وجبهة الإصلاح ولها 19 مقعدا - سيف الدين مخلوف أعرب عن رفضه عبر صفحته الرسمية على موقع فيس بوك، إذ كتب "بلغوا عني السيد رئيس الجمهورية .. بما أنو عامل نفسو فرعون ولايعترف بالمؤسسات ويرفض  الحوار مع الممثلين الشرعيين للشعب التونسي أن الشرعية الوحيدة هي شرعية صندوق الانتخابات .. وأن مراجعة الشرعية لا يكون إلا من الشعب..وفقط عبر صندوق الانتخابات".

في حين قال رئيس كتلة الإصلاح –ممثلة بـ16 مقعدا في المجلس_ حسونة الناصفي عبر صفحته الرسمية على فيسبوك " تمنياتي بالتوفيق للسيد هشام المشيشي بعد اختياره من الرئيس لتشكيل الحكومة القادمة. شخصية مستقلّة و رجل دولة ابن الإدارة التونسية و كفاءة تستحق الدعم والمساندة".

والخميس الماضي قدمت الكتل والأحزاب السياسية ترشيحاتها لمنصب رئيس الحكومة المقبل للرئيس قيس سعيد، وكان من أبرز هذه الترشيحات ثلاثة أشخاص هم وزير الاستثمار والتعاون الدولي السابق محمد الفاضل عبد الكافي والذي حصل على دعم من 122 نائبا، ورجل الأعمال محمد خيام التركي الذي حظي بدعم 96 نائبا، ووزير المالية السابق حكيم بن حمودة.

إلى جانب حالة الترقب المتعلقة بالموافقة على تعيين المشيشي، ينتظر مجلس النواب الخميس المقبل جلسة أخرى فارقة، إذ يصوت سرا على لائحة لسحب الثقة من رئيس المجلس رائد الغنوشي.

وذكر بيان صادر عن مكتب المجلس أنه "تم تعيين جلسة عامة لسحب الثقة من رئيس مجلس النواب يوم الخميس 30 تموز/يوليو"، وذلك بعد عريضة مقدمة من عدد من النواب والكتل البرلمانية.

وذكرت الكتل البرلمانية التي تطالب بسحب الثقة من الغنوشي في عريضتها ثمان نقاط رئيسية أبرزها تجاوز العنوشي للصلاحيات، وتوظيف إدارة البرلمان لخدمة أجندات حزبية والتلاعب بمواعيد اجتماعات مكتب البرلمان.

ويحتاج إسقاط الثقة عن الغنوشي إلى تصويت بالأغلبية المطلقة، أي موافقة 109 نواب على هذه العريضة خلال الجلسة العامة.

وينقسم البرلمان التونسي بشكل حاد، إذ تحوز فيه حركة النهضة على ربع المقاعد فقط (52 مقعدا من أصل 217)، فيما تحوز الكتلة الديمقراطية على 38 مقعدا وكتلة حزب قلب تونس على 27 مقعدا، وكتلة الكرامة على 19 مقعدا، وكتلة الحزب الدستوري الحر على 16 مقعدا، والإصلاح على 16 مقعدا، وتحيا تونس على 11 مقعدا، والكتلة الوطنية على 11 مقعدا، وكتلة المستقبل على 9 مقاعد، إضافة إلى 16 مقعدا للمستقلين.