الأسد لأعضاء بالبعث: مسيرة الحزب لم تخل من أخطاء والحرب على سوريا عطلت محاولات الإصلاح

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 15 يونيو 2020ء) أقر الرئيس السوري بشار الأسد بأن مسيرة حزب البعث الحاكم لم تخلُ من أخطاء أدت إلى تراجع دوره في بعض المراحل، ولفت إلى أن أفكارا وصفها بـ "العملية والواقعية" أخذت طريقها للتنفيذ، لكن الحرب التي شنت على سوريا أدت إلى تغيير الأولويات بشكل جذري.

وقال الأسد وهو الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، في كلمة وجهها إلى كوادر الحزب مع بدء الاستئناس المتعلق باختيار ممثليهم للترشح لمجلس الشعب بدورته القادمة، إن "الانتخابات الحزبية شكلت على الدوام محطة هامة من محطات العمل الحزبي والسياسي، وطريقًا لتعميق التجربة الديمقراطية في الحزب، وأساسًا للعلاقة السليمة بين الحزب وقواعده"​​​.

وأضاف "البعث حزب عريق بتاريخه وبتجربته الطويلة والغنية، والتي أنضجتها سنون النضال على الساحتين الوطنية والقومية، وإن كانت تلك السنون قد حفلت بمحطات مضيئة من الفكر والتضحية والبناء، فهي لم تخلُ من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الأحزاب، والتي أدت لتراجع دور الحزب في بعض المراحل، والإساءة إلى صورته في مراحل أخرى".

وتابع الأسد موضحا أن "هذه الأخطاء أدت إلى عزوف البعض عن الانخراط في تحمل المسؤوليات الوطنية والحزبية وخسارة العديد من الكوادر الكفوءة التي رأت في تلك الأخطاء ابتعادًا عن أخلاقيات حزبنا وقيمه، وربما انحرافًا عن أهدافه".

وأضاف أن "غياب الآليات والمعايير الموضوعية شكّل بعض الخلل في العلاقة بين القيادة والقاعدة داخل الحزب، وكان عقبة تسببت في انكفاء القواعد عن تحمل مسؤولياتها، وبالتالي غيابها -أو تغييبها- عن ممارسة حقها وواجبها في الترشح والانتخاب والمشاركة في إيصال القيادات الكفوءة لتمثيلها في المواقع الحزبية أو في المؤسسات الوطنية المنتخبة، كل ذلك أدى لحالة من الركود الحزبي على المستوى الفكري والإجرائي لم يكسر جمودَه سوى محاولات الكثيرين من كوادر الحزب الحريصة عليه والمتمسكة بمبادئه إعادة الحيوية للحياة الحزبية انطلاقا من إيمانهم بعقيدته ووعيهم لدوره

وقال الرئيس الاسد "كان هناك العديد من الطروحات الهامة والحوارات الغنية والتي أنتجت أفكارًا عملية واقعية أخذت طريقها للتطبيق، لكن الحرب الشرسة التي شنت على سوريا وتداعياتها أدت لتغيير الأولويات بشكل جذري، وأصبح الحفاظ على الوطن وما زال هو الهدف الأسمى والهاجس الأكبر".

وأضاف "الأحزاب العريقة لا تستسلم للظروف ولا تخضع للتقلبات، وتبديل الأولويات لا يلغي الأساسيات، فخوض الحروب بأنواعها المختلفة العسكرية والاقتصادية والإعلامية النفسية، بحاجة لعقيدة قوية، والعقيدة بحاجة لفكر، والفكر بحاجة لمؤسسات تستند إلى إجراءات تحافظ عليها وتطورها".

وقال " كان لا بد من القيام بأهم إجراء يحفظ المؤسسة الحزبية ويطورها ويقويها، وهو توسيع مشاركة القواعد الحزبية في اختيار ممثليهم لمجلس الشعب، والقيام بهذه الخطوة في هذه الظروف إنما يدل على الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز ويتميز بها الحزب. هذه الخطوة الضرورية لتجديده تنظيميًا وعقائديًا، والتي تشكل الرد الموضوعي والساطع على من وصفوه بالشمولية والتكلس والانفصال عن روح العصر".

الرئيس السوري تحدث عن الحرب التي تواجهها بلاده وقال "ما زلنا نواجه اليوم حرباً مركبة تهدف قبل كل شيء لتشويه الوعي، وضرب القيم والمبادئ، وهذه الحرب تفرض علينا مزيدًا من تحمل المسؤولية، ورغم المخاطر الكبيرة والصعوبات التي يمر بها وطننا، وفي الوقت الذي تواجه فيه أحزاب كبرى حول العالم خطر الانحسار الفكري والانكفاء، يثبت حزبنا مجددًا قدرته ليس فقط على مواجهة التحديات والظروف الصعبة بل على مواكبة روح العصر ومتطلباته".

وأضاف أن "الانتخابات الحزبية التي جرت منذ مدة جاءت لتؤكد على ما سبق، حيث قام البعثيون باختيار مرشحيهم للمواقع الحزبية المختلفة عبر ممارسة حقهم  بأسلوب ديمقراطي راقٍ وبوعي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم".

وتابع الرئيس السوري، موجها حديثه للبعثيين، "أنتم اليوم أمام مسؤولية أن تثبتوا قوة الحزب من خلال التصاقه بقواعده الحزبية وتمثيله لأوسع الشرائح الشعبية، وتعبيره عن تطلعاتها، ومن خلال ثقة قواعده به للسير بهم باتجاه ما يطمحون له، وخاصة مواصلة تطويره ليكون قادرًا على لعب الدور المنوط به في مسيرة الدفاع عن المبادىء والحقوق والسياسات التي تصب في صالح الوطن وتعزيز قدراته".

وأضاف ان "تجربة الاستئناس التي يخوضها البعثيون اليوم لتحديد مرشحيهم لانتخابات مجلس الشعب للمرة الأولى، ماهي إلا دليلاً دامغاً على ديناميكية البعث، وتطوره، وقدرته على التكيف والانطلاق نحو المستقبل. وهي خطوة هامة في سياق تجديد آليات الممارسة الحزبية، لكونها تتيح للبعثيين فرصة  لتحديد خياراتهم ومرشحيهم بكل شفافية ومسؤولية".

واستطرد قائلا إن "مشاركة كل حزبي في هذه العملية ستساعد في اختيار الحزب للمرشحين الأكثر كفاءة لحمل هذه المسؤولية، ما يجعل المشاركة الفعالة للبعثيين في عملية "الاستئناس"، ولاحقًا في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، واجبًا ومسؤولية في آن معًا ملقاة على كل بعثي".

وتابع ان "الخيارات الصحيحة هي التي تؤدي إلى النتائج المرجوة، فاختاروا الأصلح والأنسب ولا يكونَّن في حسبان أي أحد أي اعتبارات غير الاعتبارات الوطنية.. اختاروا بعيدًا عن أي ولاءات ضيقة، واعتبارات غير موضوعية، وعصبيات لا تنتمي لعقيدة الحزب الوطنية والقومية".

وقال إن "الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز بها الحزب في أصعب الظروف، ليست إلا دليلاً على أن المبادئ لا تتكلَّس، والعقيدةَ لا تموت ما دام يحملها دمُ متجدد ونسغ حي يسري في عروق من أخلصوا الانتماء لحزبهم ووطنهم وأمتهم وعقيدتهم القومية والوطنية".

وختم الرئيس السوري كلمته بالقول ان "الديمقراطية مسؤولية قبل أن تكون ممارسة".

حزب البعث العربي الاشتراكي تشكل عام 1946 وعمل بشكل سري لمدة عام قبل نيل سوريا استقلالها عن فرنسا وبعد ذلك تابع نشاطه العلني الى جانب الكثير من الأحزاب وتمكن في الثامن من آذار/مارس عام 1963 من حكم البلاد وحتى الآن.

وكانت انتخابات مجلس الشعب مقرر اجراؤها في آذار الماضي إلا أنها تأجلت إلى 19 تموز/يوليو القادم بسبب تفشي وباء "كورونا المستجد".

ويتبع انتخابات مجلس الشعب تشكيل حكومة جديدة بدلا من الحكومة الحالية التي تم إعفاء رئيسها عماد خميس قبل أيام، وتكليف وزير الموارد المائية حسين عرنوس بتسيير أعمالها إلى جانب مهامه إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.