جائحة كورونا والتدابير الخاصة بمواجهته تؤثر على معدل نمو الاقتصاد التركي – وزير مالية سابق

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 31 مارس 2020ء) سماهر قاووق أوغلو. توقع وزير المالية التركي السابق النائب عن حزب الشعب الجمهوري، عبد اللطيف شنر أن يتقلص النمو الاقتصادي التركي بشكل ملحوظ إثر التدابير المتخذة لاحتواء جائحة كورونا، مشيراً إلى أن  قطاعي الصناعة والخدمات هما أكثر القطاعات التي ستتأثر سلباً من هذه الجائحة​​​.

وقال شنر، في تصريح خاص لوكالة سبوتنيك، "أعلنت تركيا تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في العاشر من شهر آذار/مارس الجاري، وبالتالي لم يكن هناك أي تأثير سلبي لجائحة كورونا على الاقتصاد في شهري يناير وفبراير الماضيين"، مشيراً إلى أن "الحكومة التركية ستعلن في بادئ الأمر عن معطيات النمو الاقتصادي للربع الأول لعام 2020".

ولفت إلى أن "الحكومة بدأت تتخذ التدابير اللازمة منها التباعد الاجتماعي والعزلة الذاتية لاحتواء جائحة كورونا منتصف آذار/مارس الجاري الأمر الذي أدى إلى انخفاض مستوى الإنتاج في العديد من القطاعات وإغلاق عدد كبير من المحال التجارية وهذا أفضى إلى فقدان عدد كبير من الناس لأعمالهم".

وأضاف: "من المحتمل ألا تُظهر أرقام النمو الاقتصادي للربع الأول من عام 2020 التي ستعلن عنها الحكومة ركود وانكماش الاقتصاد لهذه الفترة، ولكن العملية مستمرة ولا زالت الحكومة تطبق الإجراءات والتدابير اللازمة للاحتواء جائحة فيروس كورونا، كما أن معدلات البطالة آخذة في الارتفاع ومستوى الانتاج مستمر في الانخفاض".

ورأى شنر "أن الركود الاقتصادي سيظهر جليا في المعطيات الاقتصادية للنصف الثاني من العام الجاري في قطاعي الصناعة والخدمات"، موضحاً أن "الاقتصاد التركي كان يعاني أزمة حادة قبل ظهور جائحة كورونا، حيث انخفضت معدلات النمو الاقتصادي في البلاد مع الأزمة التي شهدتها تركيا في شهر آب/أغسطس عام 2018 وسجلت تركيا أعلى معدلات للبطالة في تلك الفترة".

وتابع قائلا "سترتفع معدلات البطالة بشكل ملحوظ خلال عام 2020 على خلفية التدابير المتخذة لمنع انتشار فيروس كورونا كما ستنخفض معدلات النمو الذي كانت بنسبة 0.9 بالمئة عام 2019"، متوقعاً أن "يشهد الاقتصاد التركي انكماشاً في عام 2020 على خلفية جائحة كورونا وأن يتراجع النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ".

وأضاف "أبعاد تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد التركي يشكل أهمية كبيرة وهذا مرتبط بالتدابير الاقتصادية التي ستتخذها الحكومة من جهة ومدة الجائحة وانتشارها ونطاق تأثيرها".

واستطرد شنر قائلا "بحسب الأبحاث التي أجريتها فأتوقع  تقلصاً بالنمو الاقتصادي بين 0.9 و10 بالمئة بحسب المدة التي سيستغرقها احتواء كورونا ونطاق تأثيره والتدابير التي ستتخذ".

وتابع: "كما أتوقع أن ترتفع معدلات البطالة بنسبة 10 نقاط إضافة إلى المعدلات الحالية"، مؤكدا أنه "من الصعب التنبؤ بما سيحصل، وليس لدينا معطيات مؤكدة إذ لم يتم بعد اكتشاف لقاح وعلاج لفيروس كورونا، ولكن الاتجاه السائد في بعض الدول والعالم بشكل عام هو الدخول في مرحلة الارتفاع ومن ثم الانكماش إقتصاديا ولا توجد أي معطيات حول ما سيحدث بعد ذلك، ولكن ما يمكننا قوله بوضوح هو أن جائحة كورونا ستؤثر بعمق على الاقتصاد الذي سيدخل في مرحلة انكماش وركود إلى جانب إرتفاع معدلات البطالة".

وحول تأثير جائحة كورونا على العملة التركية قال شنر:"نرى أن العالم بدأ بتطبيق سياسة التوسع النقدي حيث أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن حزمة مساعدات مالية بقيمة 2 ترليون دولار لمواجهة العواقب الاقتصادية لفيروس كورونا، والأمر ينطبق على دول أوروبا حيث أعلنت ألمانيا عن تخصيص 550 مليار يورو، ومن المفروض أن يكثر المال ويزداد دخول العملات الصعبة وينخفض سعر العملات الأجنبية أمام الليرة التركية بالتزامن مع سياسة التوسع النقدي في العالم، ولكن من الواضح أن هذا لن يحدث نظراً للوضع الاقتصادي المتردي في البلاد إلى جانب وضع علاوة المخاطرة قد يؤدي إلى

تراجع الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وهذا الأمر مرتبط بسير جائحة كورونا ومدى ومدة انتشارها والتدابير التي ستتخذها الحكومة لاحتوائها، ولكن نتوقع انحدار الليرة التركية أمام العملات الأجنبية".

وحول تأثير جائحة كورونا على التبادل التجاري قال شنر: "أثرت جائحة كورونا بشكل سلبي على التبادل التجاري في العالم برمته حيث لا تجد دول العالم إمكانية القيام بعملية التصدير والإستيراد في الوقت الحالي كما هو الحال في تركيا" متوقعاً أن "تنخفض معدلات حجم التبادل التجاري في تركيا على خلفية التدابير المتخذة لاحتواء جائحة كورونا خاصة مع دول أوروبا".

وتابع: "تذهب نصف صادرات تركيا إلى أوروبا، وجائحة كورونا أثرت بشكل كبير على دول أوروبا حيث سينخفض طلب هذه الدول للصادرات التركية في المرحلة المقبلة، كما تراجعت عمليات الانتاج في تركيا الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الحجم التجاري، الأمر الذي ينطبق على عملية الاستيراد أيضا" متوقعا: "أن يشهد قطاع التجارة الخارجية انكماشاً حاداً في المرحلة المقبلة بسبب جائحة كورونا".

وأضاف: إن "تراجع التجارة الخارجية والقطاع السياحي من أهم العوامل التي تؤدي إلى الركود الاقتصادي في البلاد حيث تتوقع تركيا بلوغ عائدات القطاع السياحي 41 مليار دولار خلال عام 2020، فهل ستتمكن من تحقيق ذلك" موضحاً: "قد تستفيد تركيا من انخفاض أسعار النفط ، لأنها بلد يستورد الطاقة وينفق 35 مليار دولار سنوياً على استيراد النفط والغاز الطبيعي، ولكن هذا لا يمكن أن يغطي أو يعوض خسارتها في القطاع السياحي لوحده، في الوقت الذي تتوقع فيه بلوغ عائدات القطاع السياحي 41 مليار دولار هذا العام".

وحول حملة التبرع التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدعم متضرري فيروس كورونا قال شنر: "يصعب علينا فهم ما تريد الحكومة فعله".

وأضاف "علينا أن نستعد للأوقات العصيبة في أوقات الرفاهية، ولكن الحكومة الحالية أساءت استخدام أوقات الرفاهية حيث قامت بإثارة الأزمات في الوقت الذي لم يشهد فيه العالم أي أزمة وورطت البلاد بديون كبيرة بحسب ما يظهر في معطيات ما بعد عام 2018 إذ بدا العجز واضحاً في الميزانية العامة حيث ارتفع عجز الميزانية إلى 124 مليار ليرة تركية (19 مليون دولار) خلال عام 2019 ويتوقع أن يرتفع العجز إلى 140 مليار ليرة (21 مليون دولار) خلال العام الجاري".

وتابع: "قامت الحكومة التركية باستخدام أموال الصندوق الاحتياطي للدولة وأرباح البنك المركزي خلال عامي 2019 و2020 في وقت لم يكن يشهد فيه الاقتصاد العالمي أي عاصفة، كما هناك ديون قصيرة الأجل يترتب على القطاعين العام والخاص تسديدها ولهذه االديون تكلفتها أيضاً، لذا فإن الحكومة عاجزة عن الإعلان عن حزمة مالية واعدة تحمي وتساعد ذوي الدخل المحدود والشرائح المستهلكة الواسعة والعاطلين عن العمل في ظل هذه الظروف المالية التي تواجهها، إنها تحاول تغطية عجزها من خلال إطلاق حملات تبرع طوعية ومن غير الممكن لهذه الحملات أن تساهم في حل أي مشكلة أو أن تسد العجز ف

ي ظل الأزمة الحالية، وهي لا تعبر سوى عن موقف رمزي"، مشيراً إلى أن "الحكومة تسعى إلى إدارة الاقتصاد بمظاهر رمزية، ولكن لا يمكنها التملص من مسؤوليتها عبر اللجوء إلى تلك المظاهر، بل عليها انتهاج سياسات جدية تعطي الثقة للرأي العام والأسواق".