نتائج رئاسيات تونس متوقعة بسبب تفتت "نداء تونس" والبرلمان القادم مشتت - محلل سياسي

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 17 سبتمبر 2019ء) سارة نور الدين. من مقر حملة انتخابية وصفها الجميع بالأفقر في الانتخابات الرئاسية التونسية، وصل قيس سعيد لصدارة قائمة من 26 مرشحا، بينما تبعه نبيل القروي رجل الأعمال المحتجز في سجن المرناقية بتهم فساد وتبييض أموال، نتائج قد يعتبرها البعض صادمة، إلا أنها الواقع الذي تعيشه تونس منذ إغلاق صناديق الاقتراع أمس الأحد​​​.

حصد قيس سعيد نحو خمس أصوات الثلاثة ملايين ناخب، بلا حملة انتخابية ضخمة، وبلا دعاية تذكر، ففي حين كان المرشحون البارزون المستندون إلى أحزاب وتيارات لها شعبيتها في تونس، اختار الناخبون سعيد، والقروي، الأول أستاذ قانون دستوري، والآخر رهن الاعتقال بتهم يعاقب عليها القانون.

وقال المحلل السياسي عبد السلام زبيدي لوكالة سبوتنيك "النتائج على الرغم من كونها صادمة بالنسبة للبعض، إلا أنها متوقعة بالنسبة للمعنيين والمهتمين بالشأن العام، هذه كانت نتائج مطابقة تماما لما أوردته شركات سبر الآراء المعتمدة، والعالمية، قبيل انطلاق الحملات الانتخابية، لكن أحدا لم يتنبه إليها جيدا، بالإضافة إلى أن البعض كانت لديه آمال بخروج بنتائج مغايرة".

وإجابة عن سؤال حول اتجاه الناخبين لمعاقبة الائتلاف الحكومي بهذا التصويت، أكد زبيدي أنه لا يتفق مع ذلك مطلقا، متابعا "لدي رأي مخالف لذلك، قيس سعيد مثل خمس الأصوات، والقروي سدس الأصوات، فقط، والقروي معروف لدى الجميع بأنه مؤسس حزب نداء تونس الحاكم منذ 2014، إلى جانب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي".

وأضاف زبيدي "لابد من قراءة الوضع بشكل مختلف، حزب نداء تونس تفتت إلى 7 أحزاب، ومجموع الأصوات التي حصل عليها المرشحون السبعة الذين خرجوا من عباءة نداء تونس، ومن أبرزهم يوسف الشاهد، وعبد الكريم الزبيدي، وسلمى اللومي، والبقية، تبلغ 33 بالمئة من إجمالي الأصوات".

ولفت المحلل السياسي التونسي إلى أن "هذه الأصوات في مجموعها تعتبر الأعلى، والإشكالية كانت في تشتت المرشحين وبالتالي تشتيت أصوات الناخبين"، متابعا "الأصوات التي حصل عليها عبد الفتاح مورو، وهو نائب رئيس حركة النهضة، هي نفسها عدد الأصوات التي حصل عليها مرشحو النهضة في الانتخابات البلدية عام 2018".

وحول صعود تيار المحافظين في هذه الانتخابات بشكل لافت، قال زبيدي "أرفض وصف البعض لبعض المرشحين بأنهم متشددون، لا يمكن أن نطلق وصفا كهذا على مرشحين أعطاهم الشعب التونسي صوته، نعم لدينا محافظون، وعلى رأسهم في اعتقادي قيس سعيد، والمرشح الذي حل سابعا سيف الدين مخلوف، وبالنسبة للإسلاميين والإعلاميين فحصلوا على ما نسبته أقل من 1 بالمئة".

وعن البرنامج الانتخابي الذي يحمله كل من سعيد والقروي، قال زبيدي "قيس سعيد واضح في هذا الموضوع، هو يطرح برنامجا انتخابيا قائما على تغيير الدستور، وإعادة بناء النظام السياسي من المحلي إلى المركزي"، واصفا ذلك بأنه "برنامج غير واقعي، وغير قابل للتنفيذ على أرض الواقع".

أما عن برنامج القروي، فقال المحلل السياسي التونسي "هو لا يطرح تغييرا في النظام السياسي، لكن يطرح نفسه باعتباره من سيحقق طموحات اقتصادية واجتماعية للمواطن التونسي، وهذا ليس من اختصاصات الرئيس".

وبصفة عامة قال زبيدي إن المرشحين سعيد والقروي "لم يقدما برنامجا انتخابيا بالمعنى الحقيقي، ومن صوت لهما انتخبهما على أساس صورة بناها لهما فقط من خلال ما يراه".

وعن مأزق النزاع بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان المستمرة في تونس منذ سنوات، قال زبيدي "بالنسبة لقيس سعيد فإن ما سيعترضه هو نفس ما كان سيعترض طريق أي رئيس آخر، سواء كان مورو أو الزبيدي أو غيرهما، وهو أن البرلمان القادم مشتت ليس به أغلبية لحزب بعينه".

وتابع زبيدي "تشتت البرلمان القادم يضعنا أمام إشكالية دستورية، وهي أن عدم قدرة الأغلبية أو الائتلاف النيابي على تشكيل حكومة في غضون 6 أشهر سيدفع الرئيس لاتخاذ قرار دستوري بحل البرلمان، والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة جديدة"، لافتا "قيس سعيد ليس لديه حزب، وبالتالي، هو لا يملك سندا في البرلمان، وسيتعامل مع مشهد التشتت، لكن لن يكون له يد فيه، وهذه مشكلة مضاعفة بالنسبة له، بخلاف القروي الذي يتزعم حزب قلب تونس، ولديه مرشحون في الانتخابات التشريعية".

وعن احتمالية إسقاط ترشح القروي بسبب مخالفات خطيرة ارتكبها أثناء الحملة الانتخابية، قال زبيدي "هناك مؤشرات واضحة يمكن أن تدفع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لاتخاذ قرار بإسقاط ترشح القروي، ولا يوجد أدل على هذه المؤشرات من تقرير الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد (الهايكا) الذي أكد ارتكاب حملة القروي الانتخابية لانتهاكات جسيمة تؤثر بشكل جوهري على سير العملية الانتخابية والنتائج".

وأوضح زبيدي "قناة نسمة، التي يمتلكها القروي، قامت بخروق جسيمة أثناء الحملة الانتخابية يمكن أن تدفع الهيئة لإسقاط ترشحه بالكامل، وبالتالي صعود مورو للمرتبة الثانية لخوض جولة الإعادة أمام قيس سعيد".

وأكد المحلل السياسي "إسقاط ترشح القروي سيحدث شرخا وإشكالا كبيرا لصورة تونس في الخارج، وكذلك ردود فعل غير متوقعة في الداخل".

وتعتزم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية إعلان النتائج الرسمية الأولية للانتخابات الرئاسية ظهر اليوم الثلاثاء.

وكانت النتائج الأولية الجزئية أظهرت تقدم قيس سعيد بنسبة تصل إلى 19 بالمئة من أصوات الناخبين، يليه القروي بنسبة 15.5 بالمئة، ثم مورو بنسبة تتجاوز 13 بالمئة من الأصوات.