تقرير/ مساع حثيثة للاعتماد على القطاع السياحي كمحرك للنشاط الاقتصادي في البحرين

إلى السادة المستقبلين .. فيما يلي تقرير وكالة أنباء البحرين " بنا ".. ضمن النشرة السياحية لاتحاد وكالات الأنباء العربية " فانا ".

المنامة في 4 يونيو / وام / تعول مملكة البحرين على قطاع السياحة ليكون أحد أهم محركات النشاط الاقتصادي خلال الفترة القادمة سيما أن المملكة يتوفر بها العديد من المرافق السياحية المتنوعة وتملك من مقومات السياحة العائلية ما يفضلها الزوار خاصة من الدول الخليجية المجاورة وتسود بين مواطنيها والمقيمين فوق أراضيها والوافدين إليها أجواء الألفة والمودة والترحاب.

لذلك يحظى هذا القطاع بأولوية كبيرة من جانب الأجهزة المعنية فإضافة إلى العمل المتسارع لتوفير البيئة التنظيمية لأعماله من لوائح وتشريعات فإنه يجري العمل على قدم وساق لإقامة بنية تحتية قوية تستطيع تلبية احتياجات مختلف مستويات وشرائح زوار المملكة واستغلال امكانات النمو الواعدة للقطاع بالبلاد وتأهيل مزيد من المواطنين للانخراط والعمل فيه فضلا عن تدشين البرامج والفعاليات القادرة على استقطاب فئات جديدة من السياح.

فخلال السنوات الأخيرة دمجت الدولة هيئة المعارض والمؤتمرات مع وزارة الصناعة والتجارة التي أضيف إلى مهامها قطاع السياحة في مارس 2015 وذلك لحجم الارتباط الكبير فيما بينها والرغبة في الاستفادة من ربحية القطاع المتعاظمة وجدواه الاقتصادية الهائلة .. وأصدر قبل فترة نظام مطور لتصنيف الفنادق بهدف جعلها أكثر جاذبية والتزاما بالقواعد والمعايير الفنية المعمول بها في عالم المنتجعات والمنشآت السياحية.

وتم الترخيص - مؤخرا - لبعض المؤسسات الفندقية الكبرى بتشغيل أرصفة بحرية لنقل الركاب بهدف الاستفادة بما تملكه البحرين من مقومات سياحية قوية وذلك بعد أن صدر عام 2017 قرار تنظيم نشاط الرحلات السياحية البحرية الداخلية إضافة إلى صدور قرار بشأن نظام الإحصاء الإلكتروني السياحي الذي يستهدف إيجاد قاعدة معلومات قوية حول اتجاهات وتفضيلات الحركة السياحية الوافدة للبلاد وكيف يمكن الاستفادة منها في بناء واختيار المشروعات التنموية المناسبة.

وأعلن قبل أسابيع قليلة أن هناك استثمارات جدية لتنفيذ نحو 14 مشروعا لدعم القطاع السياحي عموما ويجري العمل فيها حاليا وينتظر افتتاح بعضها قريبا بل ويتوقع خلال الفترة القادمة إنشاء معاهد متخصصة لتخريج مواطنين مؤهلين للعمل بأبنية هذا القطاع واختتمت مؤخرا فعاليات مدينة المهرجان الذي أقامته الهيئة المختصة بالسياحة في المملكة والذي نجح في استقطاب أكثر من 70 ألف زائر.

وتكشف هذه التطورات عن الجهد الذي تبذله مملكة البحرين لجعل قطاع السياحة ومشتملاته من مرافق ضيافة وسكن ومجمعات تجارية جاذبة أحد محركات عجلة الاقتصاد خاصة أن بالبحرين إمكانات سياحية متميزة تاريخية ودينية وترفيهية ويمكن الاعتماد عليها لتنشيط حركة الزيارة إليها بل وتعول الأجهزة المسؤولة على هذا القطاع ليكون بجانب القطاع الخدمي والمالي قاطرة للنمو الاقتصادي في الفترة المقبلة.

وهنا تجدر الإشارة إلى هذه القفزة النوعية في مؤشرات قدوم السياح إلى مملكة البحرين ومدى زيادة الاهتمام بمرافق هذا القطاع المهم وأبنيته والوعي الرسمي وغير الرسمي بمنافعه وفوائده وعوائده الاقتصادية المباشرة منه وغير المباشرة.

والدليل على ذلك أن زوار مملكة البحرين لم يتجاوزوا عام 2000 أكثر من 4 ملايين سائح في حين أن هذا العدد تزايد عام 2014 وبلغ 10 ملايين سائح بزيادة قدرها 11.1 % مقارنة بعام 2013 وبلغت إيرادات منشآته الإجمالية نحو 228 مليون دينار حيث زادت بواقع 17? خلال عام 2014 مقارنة بالعام الذي قبله.

وفي عام 2015 استمر الاتجاه بزيادة أعداد الزائرين للبلاد ما عكس الحرص الحكومي على تطوير القطاع السياحي حيث وصلت هذه الأعداد لأكثر قليلا من 11 مليون سائح بحسب تصريحات للرئيس التنفيذي لهيئة السياحة والمعارض.

ورغم بعض التراجعات في السنتين الأخيرتين نتيجة للظروف الاقتصادية في دول المنطقة لكن حجم زوار المملكة زاد بنسبة 12.8% ووصل لـ 8.7 مليون زائر حتى الربع الثالث من عام 2017 مقارنة بـ 7.7 مليون زائر عام 2016 وهو العام الذي اختيرت فيه المنامة كعاصمة للسياحة الخليجية وشهد اهتماما أكبر بالقطاع السياحي والآليات المناسبة لإحداث مزيد من التطور فيه خاصة مع الاحتفالات التي شهدتها المملكة في هذا العام وحضور سمو ولي العهد وعدد من كبار المسؤولين في البلاد تدشين هذه المناسبة.

ويبدو أن هوامش الربح المحققة في هذا القطاع جعلت كثيرا من التدفقات الاستثمارية بداخل البحرين وخارجها تتجه إليه للعمل والاستثمار فيه خاصة أن بالبحرين إمكانات سياحية هائلة لم تستثمر بعد منها .. نحو 33 جزيرة والمعارض المختلفة كالجواهر والحدائق والصناعات والدفاع والطيران الذي ينتظر إقامته في نوفمبر هذا العام والسباقات الرياضية الكبرى كالفورمولا 1 في أبريل القادم فضلا عن فرص ازدهار السياحة العلاجية والبيئية والتعليمية التي تتوفر بالبلاد وغير ذلك الكثير.

يشار إلى أن إنفاق السياحة الوافدة بلغ عام 2017 نحو 919 مليون دينار مع إجمالي إنفاق للزائر الواحد بلغ 74 دينار في اليوم الواحد وقد تم تسجيل 7.2 مليون ليلة سياحية بمتوسط 2.1 ليلة للسائح الواحد في هذا العام.

ويتوقع خلال السنوات المقبلة أن يزيد عدد زائري المملكة وتنمو الحركة السياحية بنسبة 10 % على الأقل والنجاح خلال 2018 في استقطاب 15 مليون زائر وأن يحقق القطاع للبحرين عائدات تقدر بمليار دينار عام 2020 مقارنة بـ 600 مليون دينار عام 2015.

ويفسر ذلك إلى حد ما هذه الطفرة الهائلة في بناء المنشآت السكنية ذات الطبيعة الفندقية والمطاعم وغيرها من مجمعات تجارية ذات سمعة مرموقة في البحرين والمنطقة والتي ترتبط بقطاع السياحة بشكل مباشر حيث وصل عدد الفنادق بالمملكة حتى عام 2015 إلى 113 فندقا وأكثر من 100 مطعم وتشكل نسبة الفنادق من فئتي الـ 4 نجوم والـ 5 نجوم حوالي 70 % من المعروض من الخدمات الفندقية في البحرين.

ويجري حاليا تنفيذ عدد من المشروعات الفندقية الكبرى منها.. 15 فندقا تصل كلفة إنشائها 10 مليارات دولار كالعنوان وفيدا وغيرها وسيتم الانتهاء من إنشائها خلال السنوات الخمس القادمة وسترفع هذه الاستثمارات الطاقة الاستيعابية لقطاع الضيافة بحوالي 4 آلاف غرفة حتى عام 2020.

وتبرز هنا جملة من المشاريع التنموية الكبرى التي تصب بالأساس في خدمة قطاع السياحة والضيافة في المملكة كمجمع الأفنيوز الذي تكلف بناء مرحلته الأولى نحو 159 مليون دولار أمريكي وافتتح في أكتوبر 2018 إضافة إلى مشروعات يجري العمل فيه حاليا لافتتاحها مستقبلا كمجمع دلمونيا ومراسي جاليريا وبحرين مارينا فضلا عن استكمال عدة مشاريع أخرى كخليج البحرين وديار المحرق ومشروع سعادة لربط سوق المحرق القديم بواجهة بحرية عصرية وتطوير عدة شواطئ جديدة وفتحها للجمهور.

ولا تتوقف الجهات المعنية بتوجيهات من القيادة على ذلك وإنما تعمل بقوة لإيجاد بدائل ومنتجات سياحية عديدة كي تناسب كل الفئات القادمة للبحرين من أجل السياحة وبحيث يتميز هذا القطاع بالاستدامة التي تؤهله للاستمرار وإدرار الدخل خاصة أن بإمكان هذا القطاع وحده توفير أكثر من 42 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مجتمع تمثل فيه الفئة العمرية من الشباب التي تتراوح بين 15 ـ 24 سنة نسبة كبيرة ويعد 85 % منهم مؤهلون علميا ويستطيعون العمل في القطاعات الخدمية الجديدة وهي نسبة تعد الأعلى على مستوى دول الخليج.

هذا بالإضافة إلى حجم ما يمثله القطاع السياحي من قدرة على رفع مستوى الناتج والدخل القومي حيث يستطيع المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد والتي وصلت عام 2015 لـ 5 % عائدات مباشرة وبنحو 12 % عائدات غير مباشرة في أنشطة الإقامة ومرافق البيع بالتجزئة والمطاعم وغير ذلك وقد ارتفع هذا العائد المباشر إلى 6.3% عام 2016 ووصل إلى 7% عام 2017 بحسب تصريحات رسمية.

ولعل من بين أهم البدائل والمنتجات الجديدة التي أضافتها المملكة مؤخرا على خططها وبرامجها السياحية تلك الفعاليات والمهرجانات المختلفة التي تشغل فترات مختلفة من العام وينتظرها كل أفراد العائلة البحرينية والخليجية على السواء باعتبارها تجارب مليئة بالفرح والإثارة للصغار والكبار والمعروف أن أكثر الفئات قدوما للمملكة هم من الزوار من دول الخليج المجاورة الذين بلغوا 6.6 مليون زائر عام 2014 بارتفاع قدره 16.8 % مقارنة بـ 2013 وهم يفضلون بطبيعتهم العائلية الإقامة في الشقق الفندقية بنسبة 34 % مقابل 26 % للغرف الأمر الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بازدهار القطاع العقاري بالمملكة.

ومن بين أهم هذه الفعاليات والمهرجانات "صيف البحرين" و"تاء الشباب" و"البحرين تتسوق" الذي انطلق لمدة شهر في يناير وفبراير 2018 الماضيين واختتمت فعالياته مؤخرا بحضور ما يفوق 122 ألف زائر وبمشاركة 27 فندقا و21 مجمعا تجاريا و41 مطعما مقارنة بحوالي 22 فندقا و18 مجمعا تجاريا و29 مطعما عام 2017 وحقق معدل إنفاق تخطى الـ 135% ووصل حجم المشتريات به 19.1 مليون دينار مقارنة بـ 8.1 مليون دينار عام 2017 ووفر أكثر من 300 فرصة عمل للكوادر البحرينية الشابة بحسب تصريحات أخيرة لرئيس هيئة البحرين للسياحة والمعارض.

ويرتبط التوسع في الاهتمام بالحركة السياحية الوافدة إلى المملكة بعدد من المشروعات التنموية الكبرى التي يقع على رأسها مشروع توسعة مطار البحرين الدولي الذي يستهدف زيادة الطاقة الاستيعابية إلى 14 مليون مسافر سنويا وزيادة مساحته لتبلغ 4 أضعاف المساحة الحالية وتبلغ تكلفته 1.1 مليار دولار أمريكي وينتظر الانتهاء منه عام 2020.

فضلا عن مشروع أرض المعارض الجديد " مركز البحرين الدولي للمعارض" الذي سيضم العديد من المرافق وقاعات العرض ومراكز المؤتمرات وساحات التسوق والفنادق وسيشغل مساحة تقدر بـ 100 ألف متر مربع على الأقل وينتظر الشروع فيه عام 2018 وينتهي بنائه في غضون من سنتين إلى سنتين ونصف وتقدر تكلفة الإنشاء الأولية بما يزيد عن نصف بليون دولار أي ما يعادل 200 مليون دينار بحريني.