بين التأييد والرفض.. جدل حول قرار الرئيس التونسي بتجميد المجلس الأعلى للقضاء

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 08 فبراير 2022ء) ميار مختار. أثار قرار الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء يوم السبت الماضي، تجميد أعمال المجلس الأعلى للقضاء، في خطوة جاءت تباعا بعد تجميده للمنح المسندة لأعضائه في 17 كانون الثاني/يناير، موجة من الجدل بين الانتقادات والتأييد، وذلك بعد تصريحات عديدة انتقد فيها القضاء معتبرا أن العدالة تعمل بـ "بطء" في قضايا فساد "بقيت على الرفوف لسنوات طويلة".

وأعرب الرئيس التونسي، كثيرا عن استيائه من المنح والامتيازات، التي يتمتع بها أعضاء المجلس، وتعهد بإصلاح المنظومة القضائية.

وأكد النائب التونسي، بالبرلمان المجمدة أعماله، حاتم المالكي، في تصريحات خاصة لسبوتنيك، اليوم الثلاثاء، أنه لا يوجد سند قانوني أو دستوري لحل المجلس الأعلى للقضاء، لافتا إلى أن رئيس الجمهورية، قيس سعيد، يستند إلى "تقييم شخصي" ويؤسس قراره على سلطة منحها لنفسه.

وأوضح المالكي أن "تقييم سعيد، الذي رأى من خلاله ضرورة تجميد أعمال المجلس، جاء نتيجة اعتباره أن المجلس فاسد ومتواطىء مع أطراف سياسية دون إثباتات". على حد قوله.

وحول تأثير تلك الخطوة على الوضع بتونس، أشار المالكي إلى أن المساس بالمجلس الأعلى للقضاء يثير بشكل واسع مخاوف كبيرة في ما يتعلق بالبناء الدستوري والمؤسساتي للبلاد.

وبين المالكي أن تلك الخطوة تطرح التساؤلات حول مدى احترام تونس لاستقلالية القضاء والحفاظ على الحقوق والحريات خاصة في غياب تصور واضح لإصلاح القضاء والعدالة بشكل عام.

وفيما يتعلق بالناحية الاقتصادية، أوضح المالكي أنه بالنظر للصعوبات المالية المتزايدة والحاجة لتمويلات واستثمارات هامة "سيكون من الصعب على تونس الحصول على موارد خارجية في تلك المرحلة".

وحول سؤاله عن وجود خطة بديلة، أكد النائب التونسي أن قرار تجميد المجلس، لا يعني إمكانية تعويض القضاء المدني بقضاء بديل عسكري، على حد قوله.

وفي المقابل، قال المحامي والخبير بالشؤون السياسية التونسية، حازم القصوري، لسبوتنيك، إن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، جاء نتيجة "البطء والتراخي بالتعاطي مع الملفات السياسية والملفات ذات الصبغة الإرهابية وملفات الفساد".

واعتبر القصوري أن هناك "فشل ذريع" بالمجلس، "كونه مجلسا في قبضة جماعة الإخوان المسلمين أكثر منه تمثيلا للشعب التونسي". على حد قوله.

ورأي القصوري أنه كان لزاما على الرئيس أن يضع حدا "لكل الأيادي المرتعشة التي لا يمكن لها الانحياز إلى مؤسسات الدولة أو الخضوع لمبدأ سيادة القانون"، والتي تعمل تحت مظلة مجلس أفرزه دستور وضعته حركة النهضة الإخوانية بما يخدم مصالحهم ولكي تضع يدها على مفاصل الدولة.

وتابع القصوري "نحن متفقون مع هذا التوجه لتصحيح المسار السياسي ومسار القضاء التونسي من خلال وقف أعمال هذا المجلس المنتهي الصلاحية"، مشيرا إلى أنه يتم العمل على مجلس مؤقت من شأنه تسيير أعمال القضاء والدخول في الإصلاحات المطروحة استجابة لمطالب الشعب ودماء الشهداء.

وبخصوص أن يحل القضاء العسكري بديلا في تلك الفترة، قال القصوري "لا أعتقد ابدا أن يحل  القضاء العسكري.. كونه يشمل العسكريين فقط لا أكثر ولا أقل"، مضيفا أن المؤسسة العسكرية هي الحامية للدستور والدولة والمؤسسات.

ورجح القصوري أن تشكل في الفترة المقبلة لجنة تحل محل المجلس لتقوم بالإصلاحات الجوهرية التي تصوب وتراجع وتصب في مصلحة الدولة، مستطردا "فقط هي مرحلة انتقالية من أجل الانتقال بالبلاد لمرحلة أساسية قضائها حر ونزيه بعيد عن التجاذبات السياسية".

ويذكر أن سعيد، قال، خلال لقاءه برئيسة الحكومة التونسية، نجلاء بودن رمضان أمس الاثنين، إنه لن يتدخل في القضاء أبدا ولكن الواجب والمسؤولية التاريخية اقتضت وضع حد لهذه "المهازل"، مضيفا أن "التطهير لا يمكن أن يتحقق إلا بقضاء عادل".

هذا وأفاد الإعلام التونسي بمنع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من دخول مقر عملهم، في أعقاب إعلان سعيد اعتزامه حل المجلس.

ومن جانبه، أعلن المجلس الأعلى للقضاء، رفضه إعلان الرئيس التونسي بحل المجلس، في ظل غياب آلية دستورية وقانونية تتيح ذلك.

وقبل نحو أسبوعين، قرر الرئيس التونسي، وقف كافة الامتيازات والمنح المسندة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء.

وكان الرئيس سعيد أقر في تموز/يوليو 2021، تدابير استثنائية بينها تعليق عمل البرلمان، وعزل الحكومة، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين؛ ضمن خطوات وصفها بالإصلاحية.

ولاقت هذه التدابير الاستثنائية انتقادا واسعا، لا سيما من خصوم الرئيس في حركة "النهضة" (إسلامية)، التي تسيطر على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، واعتبروها "انقلابا على الدستور والثورة"؛ لكن سعيد أكد أنها ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار.