دبلوماسي تركي: مساعي واشنطن للانتشار في البحر الأسود تعيق حل خلافاتها مع موسكو

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 08 ديسمبر 2021ء) سماهر قاووق أوغلو. رأى دبلوماسي تركي سابق أن الاتصال الذي جرى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، أمس الثلاثاء، لن ينعكس إيجابيا على المنطقة على المدى القريب بسبب تمسك الطرفين بمواقفهما، لافتا إلى صعوبة حل الخلافات بين البلدين في ظل مساعي واشنطن للانتشار في البحر الأسود​​​.

وقال الدبلوماسي التركي السابق أولوج أوز أولكر، لوكالة سبوتنيك، "لا أتوقع أن ينعكس هذا اللقاء (الاتصال) بشكل إيجابي على التوتر بين روسيا وأوكرانيا في الظروف الحالية، لأن موقف الطرفين واضح  حيال الأزمة".

وتابع موضحا "جرت المحادثات بين بوتين وبايدن في ظل إصرار الولايات المتحدة الأميركية على تغيير روسيا لسياساتها حيال أوكرانيا، وقلق روسيا من توسع الناتو (حلف شمال الأطلسي) باتجاه الشرق والاعتداء على روسيا البيضاء التي تعتبرها خطا أحمرا".

وأشار أوز أولكر إلى أن ثلاثة مواضيع هامة برزت في لقاء بوتين وبايدن، وهي أولا أن الخطوط الحمراء للطرفين باتت واضحة أو ما يريدان القيام به، ثانيا أعرب الرئيسان عن نواياهما المتبادلة المتعلقة بعدم تصعيد الخلاف الذي قد يؤدي إلى صراع، ثالثًا مواصلة الحوار بين الجانبين وبالتالي بروز إمكانية إيجاد حل بطرق دبلوماسية للمشكلة".

ولفت أوز أولكر إلى أن "نجاح ذلك على المدى القريب ليس احتمالاً وارداً، فهو ليس أمراً يمكن التغلب عليه خلال وقت قصير".

واستدرك قائلا "في كل الأحوال أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، بقرارات اتخذها حلف شمال الأطلسي، عدائها لروسيا، لذا فإن تراجعها عن سياساتها لاسيما حيال أوكرانيا غير وارد، فضلاً عن سعيها لإعطاء انطباع بأن احتمال التخلي عن الخطوط الحمراء في الظروف الحالية أمر مطرح".

وتابع الدبلوماسي التركي "بالمقابل ينتظر الرئيس بوتين من الولايات المتحدة الأميركية التخلي عن سياساتها العنيفة والعدوانية والأخذ بعين الاعتبار حقوق روسيا واحترامها".

كما لفت أوز أولكر إلى صعوبة حل المشكلة وإنهائها معللا ذلك بالقول: "قامت الولايات المتحدة الأميركية بحشد عسكري كبير في مدينة دادا أغاتش اليونانية وأنشأت قاعدة عسكرية فيها، كما أجرت مناورات عسكرية في أوروبا الوسطى بمشاركة المجر والتشيك وفنلندا وتركيا حيث أكدت الأخيرة بشكل واضح أنها جزء من حلف الناتو وذلك من خلال مشاركتها في المناورات".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية تسعى لفرض موقفها على الناتو بحيث يصبح موقفا يتبناه الحلف، وعندما تتمكن من ذلك ستضطر تركيا لتأييد سياسات الولايات المتحدة".

كما لفت إلى أن "اهتمام الولايات المتحدة الأميركية الأساسي هو الانتشار في البحر الأسود من خلال الحشد العسكري بمدينة دادا أغاتش واستخدام رومانيا وبلغاريا، الأمر الذي يزعج روسيا، لذا يجب ترقب التطورات في المنطقة عن كثب وكيف ستتطور الأمور".

وعبر أوز أولكر عن قناعته بضرورة تصرف تركيا بحذر والتعامل بدقة وتوازن مع الأمر، قائلا "تربط تركيا بأوكرانيا علاقات جيدة حيث وقع البلدان اتفاقيات عسكرية ودفاعية، فضلاً عن تزويد أنقرة كييف بمعدات عسكرية من ضمنها طائرات مسيرة، كما أن تركيا عضو في حلف الناتو رغم خلافاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، وتربطها علاقات جيدة مع روسيا ناهيك عن رغبة البلدين بالتعاون".

وتابع: "تشعر تركيا بأنها مضطرة للالتزام بسياسات الناتو من جهة، وبعدم زعزعة علاقاتها مع روسيا وحماية أوكرانيا من جهة أخرى، لذا عليها أن تتصرف بحذر ودقة وأن تأخذ التوازنات الحساسة بعين الاعتبار".

ورأى أن المشكلة لم تنته بعد الاتصال بين بوتين وبايدن، "ولكن اتضح أن روسيا والولايات المتحدة الأميركية لن تدخلا في اشتباك ساخن بل ستواصلان سياساتهما مع إطلاق التهديدات بلهجة ناعمة".

وأكد الدبلوماسي التركي أن أوكرانيا ستكون الطرف الأكثر تضررا من استمرار الخلاف في المنطقة، إذ تعتبر أوكرانيا وروسيا البيضاء خطا أحمرا بالنسبة لروسيا والمشكلة ليست عبارة عن مشكلة دونباس فقط".

ولفت إلى "ضرورة مواصلة تركيا انتهاج سياسة متوازنة بالمنطقة، وعدم تبني أي موقف قائم على تحريض أطراف الأزمة لأنها ستكون أكثر الأطراف تضررا من هذه الأزمة بعد أوكرانيا من الناحية الأمنية".

وختم بالقول: "كان ينظر البعض إلى اللقاء بين بوتين وبايدن على أنه صراع لكن هذا أمر غير وارد، وتوقع البعض الآخر أن يتمخض عنه عقوبات اقتصادية تفرضها الولايات المتحدة على روسيا، لكن موسكو لن تتأثر بتهديدات واشنطن بفرض عقوبات عليها".

كان الرئيس بوتين قد أكد، خلال اتصال عبر الفيديو مع الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الثلاثاء، أنه لا ينبغي توجيه اللوم إلى روسيا فيما يتعلق بالتوتر على الحدود مع أوكرانيا، وأشار إلى أن حلف الناتو يكثف أنشطته العسكرية في أوكرانيا قرب الحدود مع روسيا.

وذكر الكرملين، في بيان، أن بوتين أكد أنه "لا ينبغي توجيه اللوم إلى روسيا، لأن الناتو هو الذي يقوم بمحاولات خطيرة لغزو الأراضي الأوكرانية ويبني إمكاناته العسكرية على حدودنا".

وأضاف بوتين "لذلك، فإن روسيا مهتمة بجدية بالحصول على ضمانات موثوقة وثابتة قانونًا بعدم توسع الناتو باتجاه الشرق ونشر أنظمة أسلحة هجومية في الدول المجاورة لروسيا".

من جانبه، أعرب بايدن عن قلقه إزاء "التهديد الناتج عن تحركات القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية"، ملوحا "بإجراءات العقوبات التي ستكون الولايات المتحدة وحلفاؤها على استعداد لتطبيقها في حالة حدوث مزيد من التصعيد للوضع".