(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 09 سبتمبر 2021ء) مصطفى بسيوني. ما كان ليمر حدث بضخامة الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، من دون أن يترك أثرا واضحا على شاشات السينما العالمية بشكل عام والأميركية على وجه الخصوص، فشخصية العربي المسلم التي ظهرت مكررة ونمطية في أفلام هوليوود لسنوات، أصبح لها معاني وأطر متعددة عقب هذا الحدث، والبطل الأميركي الفذ الذي مثل الخير دائما وقضى على الأشرار أيضا تراجع نسبيا لتظهر صور أكثر واقعية.
ومثلما امتد تأثير الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام على السينما لعقود، فإنه لا شك في جعبة السينما كثير مما تقدمه حول أحداث أيلول/سبتمبر.
واعتبر الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي، في تصريح لوكالة سبوتنيك، أن الأثر الأوضح لأحداث سبتمبر في السينما كان من نصيب طريقة تقديم الشخصية العربية، موضحا أنه "بعد أحداث 11 سبتمبر زادت جرعة تناول الشخصيات العربية والإسلامية في الأعمال الدرامية، وبالذات سينمائيا، فالحدث بقوته وضخامته فرض نفسه على الحياة، وأصبح هناك تساؤلات أكثر عن الإسلام وطبيعته وعن الإرهاب، فنجد كثيرا من الأعمال أصبحت تتضمن مفردات إسلامية، مثل صوت الآذان، أو عبارة (السلام عليكم) أو آيات قرآنية أو زي إسلامي، وتغيرت ملامح الشاشات في العالم وأصبحت القضايا التي تشمل طر
ف مسلم محل اهتمام، حتى الربيع العربي حظى باهتمام كبير لأنه في تلك المنطقة بالذات، جرعة الإحساس السينمائي بالتركيبة الإسلامية والعربية زادت، رغم أنها كانت موجودة من قبل ولكن أحداث سبتمبر كثفتها".
وأضاف الشناوي "صورة العربي والمسلم أصبحت بالطبع أكثر سلبية للأسف، فأحدث 11 سبتمبر كانت تعني تصدير الإرهاب من دول إسلامية إلى خارجها، كما أن مشاهد العنف الدموي والصورة الذهنية التي خلفها الإرهاب ارتبطت بالهوية الإسلامية والعربية، وبغض النظر عن جوهر الإسلام وتسامحه، ساهمت تلك الصور في تعميق صورة ذهنية معينة لأنها هي التي انتشرت وليس تسامح الإسلام".
واستطرد الشناوي قائلا "رغم هذه الصورة إلا أن السينما تنوعت في التناول، كانت هناك الصورة السينمائية التي تقدم مآساة الإنسان الأفغاني نفسه، وأوضاع النساء في ظل طالبان، وكانت هناك الصورة التي تقدم الفن الأفغاني وسينما المقاومة، مثل فيلم الطائرة الورقية التي حاولت أن تعبر عن التراث الفني والشعبي لأفغانستان وعبر عن حنين لما قبل حكم طالبان".
وأضاف الشناوي "أعتقد أن تناول السينما والفنون لأحداث 11 سبتمبر لم يكتمل بعد، وأرى أن السينما مازال لديها ما تقدمه عن هذه الأحداث خاصة بعد عودة طالبان للحكم في أفغانستان وما ستؤول إليه الأمور هناك".
الناقد السينمائي عصام زكريا لا يذهب بعيد، ولكنه يرى التأثير على نحو مختلف، موضحا، في تصريح لوكالة سبوتنيك، أن "الحدث انعكس بشكل واضح في السينما العالمية وترك أثرا واضحا، كانت هناك ردود أفعال كثيرة".
واستطرد زكريا "قبل 11 سبتمبر كانت السينما الأميركية تتناول قصص الإسلام السياسي والإرهاب ولكن بدون جدية، كانت غالبيتها أفلام خفيفة يغلب عليها طابع الأكشن، بعد 11 سبتمبر لم يعد يمكن التعامل مع تلك القضايا على نحو هزلي، فقد تعمقت رؤية السينما الأميركية تجاه تلك القضايا أكثر وأصبحت أكثر جدية في تناولها".
وأضاف "هناك شقين، الأول تناول الأحداث نفسها سينمائيا، والأعمال التي قدمت ذلك قليلة بطبيعة الحال، فالأمر كان مؤلما للغاية ليعرض على الشاشات كثيرا، لذا فقلما عولج مشهد انهيار برجي التجارة العالمي نفسه، كما في "يونايتد 39"، و"مركز التجارة العالمي"، ولكن بعض الأفلام تناولت الحدث بشكل مباشر، ومعظم الأفلام تناولت موضوع الجهاديين والإرهابيين وقصصهم وكيف ينشأوا، وكانت هناك أيضا أفلام تطرح أسئلة حول دور أميركا في صناعة تلك الجماعات ودورها في أفغانستان".
وأكد زكريا أنه "بعد 11 سبتمبر لم يعد من الممكن التعامل مع العربي كمجرد نمط، كما لو كانوا جميعا قالب واحد، السينما بدأت تتساءل عن كيف يتحول الشخص لإرهابي، وبدأت تطرح نماذج مختلفة من العرب والمسلمين، وهناك أفلام قدمت عن العرب والمسلمين الذين اشتبه فيهم واتهموا ظلما، كذلك سجن غوانتانامو عولجت كسجن أميركي خارج الولايات المتحدة وخارج القانون الأميركي".
وأضاف زكريا "الحرب في أفغانستان نفسها كان تناولها متنوع فهناك أفلام تجارية وخفيفة كانت تمجد القوة الأميركية والبطل الأميركي، وهناك أفلام تناولت الحرب نفسها بشكل نقدي، مثلما حدث في حرب فيتنام".
وتابع قائلا "المؤكد أنه بعد 11 سبتمبر السينما الأميركية أصبحت أكثر جدية وعمقا في تناول قضية الإرهاب والإسلام السياسي ولم تكتفي بأفلام الأكشن والأنماط المكررة".
يذكر أنه في صباح الثلاثاء الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 استولى انتحاريون على أربع طائرات كانت تحلق بأجواء شرق الولايات المتحدة في وقت واحد.
واستخدم الانتحاريون الطائرات كصواريخ عملاقة موجهة، إذ ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، فيما دمرت الطائرة الثالثة الواجهة الغربية لمبنى وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) خارج العاصمة واشنطن، بينما تحطمت الطائرة الرابعة في حقل بولاية بنسلفانيا.
وقد بلغ إجمالي عدد ضحايا الهجمات 2977 شخصاً بخلاف الانتحاريين وعددهم 19 شخصا.
وعقب أقل من شهر على الهجمات قاد الرئيس الأميركي، وقتذاك، جورج دبليو بوش عملية غزو أفغانستان بدعم من تحالف دولي للقضاء على تنظيم "القاعدة [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول] وإلقاء القبض على زعيمه أسامة بن لادن.
ولم تتمكن الولايات المتحدة من معرفة مكان ابن لادن إلا بعد مرور عشرة أعوام على الهجمات حيث تمكنت القوات الأميركية من تحديد موقع بن لادن وقتله في باكستان المجاورة.
وفي 30 آب/أغسطس الماضي أنهت الولايات المتحدة عملية انسحابها من أفغانستان، بعد عشرين عاما من تواجدها العسكري في البلاد.