يوم اللاجئ العالمي…لاجئ سوداني في باريس يروي قصة عبوره من أرض القمع إلى أرض السلام

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 20 يونيو 2021ء) يصادف اليوم الأحد 20 حزيران/يونيو يوم اللاجئ العالمي الذي يحظى ككل عام باهتمام كبير خاصة، مع تفاقم أزمة اللاجئين حول العالم كأحد أكبر تحديات القرن الحادي والعشرين، نظرا لارتباطها الوثيق بالحروب والصراعات، وتغير المناخ، وفشل بعض الدول في تأمين عيشة رغيدة لمواطنيها.

وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصل عدد اللاجئين حول العالم من نساء ورجال وأطفال إلى 82​​​.4 مليون.

وتحمّل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين زعماء العالم جزءا من المسؤولية لأنهم "غير قادرين على صنع السلام، أو غير راغبين في ذلك". وبحسب المفوضية، فإنه خلال السنوات الثلاث الماضية وحدها، ولد حوالي مليون طفل في بلدان اللجوء.

وبمناسبة يوم اللاجئ العالمي، تتطرق وكالة سبوتنيك لقصة لاجئ سوداني مارس العمل السياسي وعمل في مجال الصحافة، قبل أن يضطر إلى ترك بلده في ظروف قاهرة لكي يتجه إلى فرنسا ( التي تعدّ مقصداً للاجئين خاصة من القارة الإفريقية)، بهدف بناء مستقبل أفضل له ولعائلته.

ويقول محمد الأسباط - وهو اسم معروف في الوسط السياسي والحقوقي في السودان نظرا لتاريخه في العمل السياسي والصحافي - يقول لسبوتنيك إن تركه لبلاده كان "قرارا صعبا جدا"، إلا أنه كان "ضروريا لتجنب الموت بعد أن تم اتهامه بتهمة عقوبتها الإعدام".

ويروي محمد الأسباط وهو في أوائل الخمسينات قصة عبوره من بلاده إلى أوروبا وما نتج عنها من صعوبات وتضحيات وتحديات؛

يقول الأسباط، "قرار ترك الوطن كان صعبا جداً. تركت السودان في ظروف صعبة عام 2014 بعد أن كنت تعرضت لسلسة من الاعتقالات؛ ففي عام2012 اعتقلت بسبب عملي الصحافي خلال تغطيتي للحرب الشعبية [لمعروفة بالحرب الأهلية السودانية الثالثة]، وتم اتهامي بالتخابر مع جهات أجنبية، وهذه تهمة عقوبتها الإعدام في القانون السوداني".

ويتابع قائلا، "تعرضت بعدها للاعتقال مرتين شهر أيلول/سبتمبر عام 2013 ومن ثم عام 2014 ؛ وفي ذلك الوقت كان القمع الممنهج ضد المعارضين السلميين في أشده ، فالقمع لم يكن يطال فقط الناشطين السياسيين والحزبيين أو المنتمين إلى الكفاح المسلح، بل أيضا أي شخص آخر لمجرد معارضته للنظام".

وبعد سلسلة الاعتقالات والملاحقات التي تعرض لها، اضطر الأسباط إلى ترك السودان سراً إلى دولة "تحترم قانون جنيف للحماية، المعروف باللجوء السياسي" بحسب قوله.

وعلى الرغم من تعقيدات الرحيل والوصول إلى أوروبا، أصر محمد الأسباط على ترك السودان تجنبا للأسوأ.

وحول الصعوبات التي واجهته عند الوصول إلى فرنسا يقول، "العيش في مجتمع مختلف بثقافة ولغة مختلفتين أمر ليس بالسهل؛ أنا وصلت إلى فرنسا في النصف الثاني من الأربعينات، وفي هذا العمر يكون المرء مكتملا، ومن الصعب أن يتكيف على مستوى اللغة والثقافة والمجتمع والسلوك اليومي".

وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها، يقول محمد الأسباط إنه كان محظوظا مقارنة مع غيره إذ أنه نجح في جلب عائلته - بعد قرابة عام ونصف من وصوله إلى أوروبا -  من السودان عبر قانون لم الشمل الذي تطبقه فرنسا.

ولا يخفي الأسباط التعقيدات الإدارية والبيروقراطية التي واجهته في فرنسا خلال تقديم طلب اللجوء، خاصة وأن السودان يعد بلدا ذا ثقافة أنغلوفونية وليس فرانكوفونية، وهو ما جعل الأمور أصعب من ناحية إدارية.

ويشير محمد الأسباط إلى أنه عند وصوله إلى أوروبا ( مع الامتناع عن ذكر الوجهة الأولى للوصول تلبية لرغبة الأسباط )، قرر المجيء إلى فرنسا بالتحديد دون غيرها، نظرا إلى إعجابه بالثقافة الفرنسية والأدب الفرنسي، وفق رأيه.

ويعيش محمد الأسباط حاليا في ضواحي باريس مع زوجته وأولاده الأربعة الذين يتابعون دراستهم في المدارس الفرنسية.

ويعدّ السودان من بين الدول القلائل ( بالإضافة إلى تونس) التي نجحت "لحد الآن" في الانتقال إلى حكم بديل بشكل سلمي، بعد احتجاجات الربيع العربي وما تأتى عنها.

ونجح الشعب السوداني باحتجاجاته التي اندلعت شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2018 بالإطاحة بالرئيس عمر البشير شهر نيسان/أبريل عام 2019، لكي يدخل بعدها السودان في مرحلة طويلة من المفاوضات بين القيادة العسكرية من جهة والجهات المدنية الناشطة من أحزاب ونقابات من جهة أخرى، سمحت بالتوصل لتوافق على تشكيل حكومة وطنية.

ولا يخفي محمد الأسباط اندفاعه ورغبته في العودة إلى السودان بعد نجاح الشعب السوداني في تغيير الأوضاع السياسية في البلاد، وذلك بهدف استكمال نشاطه السياسي لمساعدة بلاده.

وفي هذا الصدد يقول، "أنا حاليا أعد العدة للعودة إلى السودان لعدة أسباب، منها أسباب سياسية. لقد خرجت من السودان بسبب انعدام الحريات والتضييق على الناس، خاصة وأني كنت جزء أساسيا من تجمع المهنيين السودانيين، وعملت طوال مسيرتي ضد النظام منذ اللحظة الأولى لاستلامه الحكم وحتى سقوطه".

ويضيف، "آن الأوان لكي أعود لبلادي لكي أساهم مع رفاقي في بناء الوطن العزيز الذي أنجبنا".

ويسعى محمد الأسباط في الوقت الحالي إلى تغيير إقامته في فرنسا من إقامة لاجئ سياسي إلى إقامة عادية بهدف العودة إلى السودان بعدها، إلا أنه يؤكد على أنه سيبقى على صلة مع فرنسا، خاصة وأن أولاده قد يبقون في باريس لتلقي علمهم.

ويعبّر محمد الأسباط عن تفاؤله بمستقبل السودان، قائلا إنه على قناعة شخصية "بأن لا عودة إلى عهود الاستبداد، وأن البلاد على الطريق الصحيحة رغم الصعوبات والتحديات".

ويؤكد الأسباط أن عددا كبيرا من زملائه اللاجئين السودانيين قد عادوا إلى السودان للمساهمة ببناء وطنهم رغم كل التحديات الاقتصادية الموجودة.

وإن كانت قصة اللاجئ السوداني محمد الأسباط لاقت نهايةً إيجابية نظرا لتغير الأوضاع في السودان إلى الأفضل، مما سيسمح له بالعودة إلى بلاده، إلا أن الحال يبقى مختلفا بالنسبة لعشرات ملايين اللاجئين حول العالم الذين ما زالت تعيش بلادهم الحروب والصراعات، من سوريا إلى إثيوبيا وأفغانستان وميانمار.

وتتنوع الظروف التي تدفع بالأشخاص إلى ترك بلادهم طالبين اللجوء في بقاع أخرى بحثا عن حياة أفضل؛ ومن النافل القول إن الحروب والصراعات تبقى السبب الرئيس الذي يدفع بالناس للهرب تاركين جزءً من نفوسهم ومن ذكرياتهم خلفهم.

ومن الأسباب الأخرى التي تدفع بالأشخاص على طلب اللجوء نذكر الهروب من الأنظمة القمعية، واللجوء الاقتصادي بحثا عن حياة أفضل، أو حتى اللجوء بحثا عن عناية صحية.