الحكومة التونسية "المعدلة" في مواجهات اقتصادية وصحية حادة.. أبعد عن الرئاسة وأقرب للبرلمان

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 17 كانون الثاني 2021ء) سلمى خطاب. تساؤلات عدة طرحها التعديل الوزاري الموسع الذي أجراه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي أمس السبت، وشمل تغيير 11 وزيرا، بعد نحو 4 أشهر فقط من نيل حكومته ثقة البرلمان، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي تواجهها البلاد، وتهم الفساد التي لاحقت عدد من وزراء حكومة المشيشي.

وشمل التعديل الوزاري الذي أعلنه المشيشي بالأمس وزارة الداخلية التي أقيل وزيرها في وقت لاحق من الشهر الجاري وتولى رئيس الحكومة بنفسه مسؤولية الإشراف عليها، ووزارة البيئة التي اعتقل وزيرها في كانون الأول/ديسمبر الماضي على ذمة قضايا فساد، ووزارات الصحة والعدل والشؤون المحلية والطاقة والصناعة وغيرهم.

في حديث مع وكالة "سبوتنيك" يقول الكاتب التونسي فرح شندول إن "العنوان الكبير لهذا التغيير هو تحسين الأداء الحكومي وخاصة سد شغورات في الحكومة"، مضيفا "لكن خفاياها السياسية تشير إلى توجه وتقرب نحو البرلمان أكثر من رئاسة الجمهورية".

وأوضح شندول أن المشيشي "سعى من خلال التغيير الحكومي إلى "التحول من بعض الوجوه المحسوبة على رئيس الجمهورية، لتصبح كلها حكومة برلمانية وإن كانت مغلفة بغطاء الاستقلالية".

وكانت مصادر إعلامية تونسية قد تحدثت عن خلافات بين المشيشي والرئيس قيس سعيد منذ اللحظة التي أعلن فيها سعيد موافقته على تولي المشيشي للحكومة، حيث رفض المشيشي عدد من الأسماء المقترحة للتشكيل الحكومي من قبل سعيد، ورفض سعيد المصادقة على تعيينات في الديوان الاستشاري للمشيشي.

وحظيت حكومة المشيشي بثقة البرلمان في أيلول/سبتمبر الماضي، بعد تعهدات من المشيشي بالعمل على عدد من القضايا العاجلة أبرزها الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها تونس. ويدعم المشيشي في البرلمان حزام مكون من نحو 130 نائبا، ينتمي أغلبهم لأحزاب قلب تونس، وحركة النهضة، وحزب قلب تونس.

ورأي الكاتب التونسي شندول أن توجه الحكومة نحو البرلمان هو "أمر صحي أكثر للحكومة، باعتبار أن مفاتيح الحكم هي البرلمان أكثر من رئاسة الجمهورية"، مؤكدا "من مصلحة الحكومة من مصلحة الحكومة أن تكون ذات حزام سياسي واسع وقوي في البرلمان، خاصة وأن هناك ملفات كبيرة تنتظرها، أولها ملف كورونا"، مضيفا "إلى جانب ذلك هناك الملف الاقتصادي والتحولات الاجتماعية، كلها ملفات فارقة، تحتاج الحكومة لمعالجتها إلى حزام سياسي قوي في البرلمان".

وتابع "هذا ما سعى إليه المشيشي حين قطع كل ما يعرف بوزراء الرئيس وتوجه إلى البرلمان لمساعدته في الملفات الصعبة التي تواجه الحكومة".

وحول احتمالية عرقلة الموافقة على هذه التعديلات داخل البرلمان، قال شندول إن "الحزام البرلماني لهذه الحكومة يتيح لها نيل الثقة بشكل جيد، وبالنسبة لرئيس الجمهورية فدستوريا لا يحق له التدخل في هذا الشأن، هو فقط يرفض أو يقبل منصبي وزارتي الداخلية والدفاع، وطالما أن هذا التحوير لم يشمل هاذين المنصبين، فرئيس الجمهورية لا يمتلك أي حق دستوري في التدخل".

في السياق ذاته، قال المحلل السياسي التونسي كمال بن يونس لوكالة "سبوتنيك" إن "التغييرات التي أتت على رأس الوزرات الاقتصادية هي محاولة لتحسين موارد الدولة ومعالجة معضلات العجز التجاري وعجز موازنة الدولة والتضخم والبطالة والفقر، وبعض الشخصيات التي عينت على رأس هذه الوزارات الاقتصادية لديها خبرة دولية وعملت في مؤسسات أممية أو عالمية".

وأضاف بن يونس "أما تغيير وزير الصحة فله علاقة بالاستياء الشعبي من أداء الدولة في مجال مكافحة انتشار فيروس كورونا والوقاية واللقاحات، إلى جانب فشل منظومة الصحة العامة والتأمين على المرض التي كانت نقطة قوة في تونس طوال عقود".

وتوقع المحلل السياسي أن تحظى الحكومة الجديدة بثقة البرلمان، وقال إن هذا "من المرجح"، وأن "أنصار قيس سعيد لن يستطيعوا عرقلة المصادقة عليها لأن أغلب الكتل البرلمانية سوف تدعمها".

وحكومة المشيشي هي حكومة تكنوقراط، وهي الحكومة الثالثة منذ انتخاب مجلس النواب الحالي في تشرين الأول/أكتوبر العام قبل الماضي، بعد استقالة حكومتي إلياس الفخفاخ ويوسف الشاهد. وأدت حكومة المشيشي اليمين الدستورية  أمام مجلس النواب التونسي في الثاني من أيلول/سبتمبر الماضي، بعد أزمة سياسية حادة بين البرلمان ورئاسة الجمهورية والحكومة.