أزمة اقتصادية وخلافات إقليمية وكوارث طبيعية أبرز ملامح 2020 في تركيا

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 28 ديسمبر 2020ء) سماهر قاووق أوغلو. في عام 2020، شهدت تركيا أحداثاً سياسية واجتماعية واقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي أثرت سلباً على الوضع العام في البلاد، وذلك وسط تزايد مطالبة المعارضة بإجراء انتخابات مبكرة والعودة إلى النظام البرلماني​​​.

كما شهدت البلاد تدهوراً اقتصادياً كبيراً في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا "كوفيد – 19" المستجد بسبب تشديد القيود وفرض إغلاقات فيها، إلى جانب تصعيد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لهجة التهديد لتركيا بفرض العقوبات بسبب منظومة "أس400" الروسية، وعلى خلفية تدخلاتها المتكررة في كل من ليبيا وسوريا وأنشطة التنقيب التي تقوم بها في شرق المتوسط.

ولم تكن الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات بعيدة عن تركيا، حيث تعرضت البلاد لعشرات الزلازل والسيول التي راح ضحيتها أكثر من 300 شخص على أقل تقدير.

ومن أبرز الأحداث والتطورات في تركيا عام 2020:

تصاعد حدّة التوتر الإقليمي بسبب ليبيا والتنقيب البحري

تصاعدت حدّة التوتر بين تركيا واليونان والاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع مصادقة البرلمان التركي على مذكّرة التفاهم الموقّعة في 2 كانون الثاني/يناير الماضي بشأن الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، المعترف بها دولياً، "لحماية حقوق تركيا في البحر المتوسط"، والتي تم بموجبها منح الحكومة التركية صلاحية إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، مما أثار غضب كل من الاتحاد الأوروبي ومصر والإمارات وتعبيرهم عن قلقهم إزاء ذلك.

وفي آب/أغسطس، أرسلت تركيا سفينة الرئيس "عروج" إلى قرب جزيرة ميس اليونانية شرقي المتوسط للقيام بالمسح السيزمى ثلاثى الأبعاد للبحث عن مكامن النفط والغاز؛ مما  زاد من حدة التوتر مع اليونان وسط اتهامات لتركيا بالقيام بعمليات استفزازية وتحريضية في آنٍ معاً.

ورغم المساعي الحثيثة لحلف الشمال الأطلسي للتخفيف من حدة التوتر بين تركيا واليونان "العضوين في الحلف"، إلا أنه فشل في التوصل إلى تسوية بينهما للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وفي 11 كانون الأول/ديسمبر اتخذ الاتحاد الأوروبي قرار توصية بفرض عقوبات على تركيا في ظل إصرارها على أنشطة التنقيب في البحر المتوسط، على أن يتم تدارس موضوع العقوبات في آذار/مارس 2021 المقبل. مع توقعات بتصاعد حدّة التوتر في 2021 نتيجة ذلك.

تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط" - محاولة لعزل تركيا

اعتبرت أنقرة استبعادها من اجتماع "منتدى غاز شرق المتوسط" الذي عقد في القاهرة في كانون الثاني/يناير، أمراً معادياً لها، حيث شارك في المنتدى 6 دول مطلة على البحر المتوسط وهي: قبرص، ومصر، واليونان، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن، إلى جانب وزير الطاقة الأميركي وممثل المفوضية الأوروبية لشؤون الطاقة وممثل للبنك الدولي، وذلك بدون حضور تركيا. تلاه توقيع الدول الست في أيلول/سبتمبر على اتفاقية تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظومة إقليمية انضمت إليها الإمارات العربية المتحدة لاحقاً في أواخر العام.

  الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة

استمرت الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة خلال عام 2020 في عدة قضايا أبرزها: شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية إس – 400، ودعم الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني وذراعها في سوريا وحدات حماية الشعب الكردية، ومنظمة فتح الله غولن.

وأقدمت الولايات المتحدة في تموز/ يوليو الماضي على عزل تركيا من برنامج مقاتلات "إف – 35 " بسبب شرائها المنظومة الروسية "إس – 400". وفي كانون الأول/ديسمبر قرر الكونغرس الأميركي فرض عقوبات بموجب قانون «مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات» (كاتسا) على هيئة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها و3 مسؤولين بارزين فيها للسبب نفسه.

الجيش التركي يفقد عشرات الجنود في إدلب

تعرضت القوات التركية في 27 فبراير/شباط، لهجوم في محافظة إدلب شمالي سوريا ما أسفر عن مقتل 36 جندياً وإصابة 34 آخرين حسب التصريحات الرسمية المعلنة، والتي تعتبر أكبر خسارة تكبدها الجيش التركي طيلة حربه على سوريا.

ورداً على هذا الهجوم، شنّ الجيش التركي في 1 آذار/مارس عملية عسكرية واسعة "درع الربيع "على القوات المسلحة السورية في محافظة إدلب، إلا أن العملية توقفت في 5 مارس باتفاق عقد بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وبعد فشله في تنفيذ اتفاق 5 آذار/مارس، بدأ الجيش التركي في تشرين الأول/أكتوبر بتفكيك نقاط المراقبة المحاصرة من قبل الجيش السوري في محافظة إدلب والانسحاب منها، حيث قام بإخلاء 7 نقاط ليستكمل الانسحاب من النقاط الأخرى لاحقاً.

تركيا تفتح المعابر الحدودية أمام اللاجئين باتجاه أوروبا

بعد الهجوم الذي تعرض له الجيش التركي في 27 شباط/ فبراير في إدلب؛ قامت أنقرة بتعليمات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح المعابر الحدودية أمام اللاجئين باتجاه أوروبا، وذلك في محاولة منها للضغط على الاتحاد الأوربي عبر اللاجئين للحصول على دعم الاتحاد. ومع إعلان السلطات التركية فتحها للمعابر، توجّه آلاف اللاجئين السوريين والأفغان والعراقيين إلى الحدود التركية -  الأوربية "في ولاية أدرنة التركية" إلى اليونان وبلغاريا بهدف العبور إلى أوروبا.

التدخل العسكري التركي في ناغورني قره باغ

في آب/ أغسطس، دعمت أنقرة بشكل واضح أذربيجان في المعارك الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان في منطقة ناغورني قره باغ؛ وزوّدت باكو بالمعدات العسكرية والمستشارين، ما ساعد على ميلان كفة النصر لصالح أذربيجان التي حررت عدد كبير المناطق التي سيطرت عليها أرمينيا منذ ربع قرن.

وقد دفعت هذه المعارك الأخيرة إلى الإعلان بشكل صريح عن تحالف بين البلدين التركيين (أذربيجان وتركيا).

الزلازل والكوارث الطبيعية تودي بحياة أكثر من 300 شخص

شهدت تركيا خلال عام 2020، وقوع أكثر من 22 زلزالاً، إلى جانب الفيضانات التي راح ضحيتها أكثر من 300 شخص وإصابة الآلاف.

أسفر الزلزال الذي ضرب ولاية إيلازيغ شرقي تركيا في 24 كانون الثاني/ يناير بقوة 6.8 درجات على مقياس ريختر عن مقتل 41 شخصاً وإصابة 1607 آخرين، فيما قتل 117 شخصاً وأصيب 1053 آخرين في زلزال بقوة 6.9 درجات على مقياس ريختر ضرب ولاية إزمير غربي البلاد.

وأودت الفيضانات في ولاية غيرسون شمالي البلاد، بحياة 5 أشخاص وفقدان 11 آخرين في شهر آب / أغسطس، فيما قتل 41 شخصاً بينهم رجال إنقاذ في انهيار ثلجي حدث في ولاية فان شرقي البلاد خلال شباط/ فبراير.

انهيار الاقتصاد التركي وتراجع العملة التركية على وقع جائحة "كوفيد-19"

سجلت تركيا في مارس/آذار أول إصابة بـ"كوفيد – 19" الذي ما لبث أن انتشر في كل البلاد، مساهماً بدوره في استكمال انهيار الاقتصاد الذي عانى من هشاشة وضعف بعد إغلاق المعابر الحدودية، وتعليق رحلات الطيران مع بلدان مختلفة، وتراجع التجارة مع تلك البلدان، إلى جانب توقف السياحة.

وفقدت العملة التركية نحو 45 % من قيمتها خلال عام 2020 بعد تراجعها أمام العملات الأجنبية؛ حيث ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي والعملة الأوروبية أمام الليرة التركية ليصل إلى أرقام قياسية اعتباراً من آب/أغسطس متجاوزاً 8 ليرات تركية في أكتوبر، فيما ارتفع سعر صرف اليورو ليبلغ 9.50 ليرة تركية في الشهر نفسه.

وفي سبتمبر/ أيلول، تراجع احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي التركي من 45 مليار و281 مليون دولار، ليصل إلى 43 مليار و159 مليون دولار، أي بمقدار 2 مليار و122 مليون دولار في أسبوع.

ووصلت معدلات البطالة في أيلول/ سبتمبر إلى 26.4%، أي ما يعادل 9.5 مليون شخص عاطل عن العمل.

وأدت الجائحة والأزمة الاقتصادية في البلاد إلى خسارة ما لا يقلّ عن مليون و706 آلاف فرصة عمل، وانخفاض في معدل التوظيف بنسبة 44.1.

وعلى خلفية هذه التطورات أقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس البنك المركزي مطلع نوفمبر، تلاه استقالة صهر أردوغان وزير الخزانة والمالية برات ألبيرق من منصبه.