السودان : زيارة الوفد الإسرائيلي للخرطوم تكتم حكومي وجدل مستمر

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 26 نوفمبر 2020ء) تكتمت الحكومة السودانية على زيارة وفد إسرائيلي برئاسة نائب مدير الأمن القومي إلى الخرطوم، يوم (الإثنين) الفائت، حيث ناقش الوفد مع قادة عسكريين في الجيش السوداني، مسائل أمنية، وفقًا لتقارير صحفية.

ورأى رئيس اللجنة التمهيدية لجمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية، حسين قمر حسين، في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، أن" طبيعة زيارة الوفد أمنية خاصة وأن الملف الأمني بين تل أبيب والخرطوم، يحتاج لمباحثات طويلة قد تستغرق أشهر طويلة، وذلك لكثرة وتشعب القضايا الأمنية خصوصا إبان حقبة الرئيس السابق، عمر البشير، حيث عقد السودان مؤتمرا عالميا، ضم أشخاصا مطلوبين لإسرائيل أقاموا في السودان"​​​.

ولم يتوقع رئيس جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية، زيارة ذات بُعد سياسي لوفد إسرائيلي للسودان قبل 6 أشهر.

ويقول رئيس تحرير صحيفة إيلاف الدكتور .خالد التيجاني، لوكالة" سبوتنيك"، إن" الانخراط الأعمى في خطوة التطبيع القسرية تدل على افتقار السودان لنظرية الأمن القومي التي تعرف بوضوح معطيات المصالح الوطنية العليا، ما هي محدداتها وما هي مهدداتها، وهي رؤية استراتيجية بطبعها بعيدة المدى تحيط بالتبعات والمآلات حاضراً ومستقبلاً، ومدركة تماماً لما هو تكتيكي على المدى القصير والمتوسط، وما هي العواقب على المدى الأبعد، وبالتالي فهي مسالة لا يصلح فيها بتاتاً أن تُدار الأمور خبط عشواء، أو تدفعها الخضوع لغوائل ضغوط لا تنظر أبعد من أرنبة الأنف جرياً وراء وه

م تخدير حلول مؤقتة لا تعدو أن تكون مسكناً عابراً على حساب حلول جذرية مهما كانت مؤلمة".

وأضاف التجاني، بأن "ما يؤسف له أن الكثير ممن يتولون الشأن العام، دعك من العوام، يعتقدون أن المصالح الوطنية العليا مسألة اعتباطية معلومة بالضرورة، والحقيقة أن تعريفها بهذا الفهم لا يتجاوز في واقع الأمر ما يتسق مع مصلحة وأجندة صاحب القرار الذي لا يجد حرجاً في تلبيسها لبوس الشأن العام ، وتاريخ الدولة السودانية ما بعد الاستقلال مليئة بمثل هذه العبر التي ضاقت فيها أجندة الحكام فحاكت قرارات على مقاسها، وليس بمقياس الصالح العام، وكم من اتفاقية مجحفة بحق البلاد جرى تمريرها وكان نتاجها وبالاً على البلاد وليس آخرها تقسيم البلاد وفقدانها وحدة أراض

يها، وعاقبتها ما يكابده الناس اليوم وقد ظنوا حينها أن فيها الخلاص، وكانت أن أنتجت دولتين فاشلتين بامتياز".

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، دكتور عبده مختار، في تصريح، لوكالة" سبوتنيك "، بأن" زيارة الوفد الإسرائيلي للسودان لا تكشف عدم الشفافية وحسب، بل أن الأمر أكبر من ذلك ويرتقي لدرجة الوصف بأنه تهميش متعمد للمكون المدني".

وقال مختار إنه" لا يرى مبرراً لغياب المعلومات من الأساس" ، مضيفاً بأنه" كانت الحكومة تشعر بالخطر في القدوم على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، فلماذا لجأت إلى ذلك من الأساس؟".

وأضاف بأن" أخطاء التقديرات في هذا الأمر ظهرت منذ أن تراجع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عن رأيه الأول الذي صرح به إبان زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حينما قطع بأن الفصل في قرار التطبيع مع إسرائيل، أمر يعود في المقام الأول لحكومة منتخبة وليست من مهام الحكومة الانتقالية".

وأقر عبده مختار بأن" التطبيع مع إسرائيل يعتبر قراراً محفوفاً بالمخاطر وأن كل الادعاءات الدائرة حول مصالح الشعب السوداني هي غير حقيقية وغير واقعية، واستدل مختار بتراجع دولة موريتانيا عن التطبيع بعد أن أعلنته رسمياً حينما تكشف لها أن قرار التطبيع لم تجن منه موريتانيا غير المشاكل الداخلية".

ووافق السودان على إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل ليصبح ثالث دولة عربية تتواصل مع إسرائيل بتشجيع من واشنطن لكن القادة العسكريين والمدنيين في الحكومة الانتقالية السودانية مختلفون بشأن سرعة وكيفية المضي في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وتؤكد الحكومة التنفيذية برئاسة عبد الله حمدوك أن التطبيع أو التقارب مع إسرائيل ينبغي تركه لحكومة منتخبة وأن الحكومة الانتقالية الحالية لا تملك تفويضا لاتخاذ هذا القرار.

وقال وزير المخابرات الإسرائيلي، إيلي كوهين، لوكالات أنباء دولية، إن وفدا صغيرا إسرائيليا، سيزور السودان بشكل مبدئي وستكون مهمته مناقشة ملفات أمنية، وأضاف لتلفزيون "واي.نت"، بأن وفدا أكبر سيقوم بزيارة لاحقة لمناقشة التعاون الاقتصادي المحتمل مع الخرطوم.

غير أن المتحدث باسم الحكومة السودانية، فيصل محمد صالح، قال لموقع "سودان تربيون" الإلكتروني، (الاثنين) إن، مجلس الوزراء ليس لديه أي علم بهذه الزيارة، مضيفا، بأنه لم تنسق معنا أية جهة في الدولة بشأنها، ولا نعلم بتكوين الوفد ولا الجهة التي دعته واستقبلته.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان، لها أمس الأربعاء: نود أن نوضح بأن ما ورد في بعض وسائل الإعلام بشأن تصويت السودان لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة عار من الصحة، إذ لم يحدث أن صوت السودان لأي مشروع قرار قدمته إسرائيل، خلال دورة الجمعية العامة الحالية أو الدورات السابقة.

وأضاف البيان لم يتحدث بيان الخارجية عن موقف السودان حيال مشروع القرار بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حسب وسائل إعلام عبرية خلال تعليقه على هذه الجلسة إن السودان وللمرة الأولى لم يصوت ضد إسرائيل في الأمم المتحدة بعدما كان يفعل ذلك بكل تقليدي.

في المقابل يقول رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي في عنتيبي الأوغندية خلال فبراير الماضي، إن التقارب مع تل أبيب أمر تقتضيه المصلحة العليا للسودان، قبل أن يتحدث في تصريحات لاحقة عن أن الاتفاق مع إسرائيل لن يكون نافذا قبل عرضه على المجلس التشريعي – قيد التكوين.