الإمارات وفرنسا ..شراكة استراتيجية تعززها خارطة طريق للسنوات العشر القادمة

الإمارات وفرنسا ..شراكة استراتيجية تعززها خارطة طريق للسنوات العشر القادمة

أبوظبي -باريس (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 02 يونيو 2020ء) منذ الأيام الأولى للإعلان عن تأسيس دولة الإمارات في عام 1971 تشهد العلاقات الإماراتية الفرنسية زخما كبيرا توج بتوقيع العديد من اتفاقات التعاون والشراكة حتى باتت الجمهورية الفرنسية الشريك الاستراتيجي الأول لدولة الامارات في أوروبا.

وأخذت العلاقات بين البلدين دفعة قوية بشكل لافت مع وصول الرئيس الراحل جاك شيراك الى الحكم في عام 1995 حيث كان المغفور له الشيخ زايد يعتبر الرئيس شيراك صديقاً وحليفاً موثوقاً وكان التنسيق قائما من خلال سعيهما المشترك لإيجاد حلول بديلة وسلمية للأزمات والنزاعات في المنطقة.

ويعد الرئيس الفرنسي الراحل من أكثر الرؤساء شعبية في تاريخ فرنسا، ولقيت تسمية شارع باسمه وهو المؤدي الى متحف اللوفر ..أثرا طيبا لدى الرأي العام الفرنسي.

ويشهد التعاون في المجال الفضائي بين دولة الامارات والجمهورية الفرنسية تطوراً كبيراً من ناحية صناعة الأقمار الاصطناعية حيث سيتم في سبتمبر المقبل إطلاق القمر الاصطناعي الاماراتي "عين الصقر2" من قاعدة غوايانا الفرنسية، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا ووكالة الامارات للفضاء في عام 2015.

كما يحتل التعاون التعليمي بين البلدين أهمية بالغة خاصة مع وجود عديد من المدارس الفرنسية في دولة الامارات، ومن خلال استقبال الجامعات الفرنسية لأكثر من 70 طالبا إماراتيا في كافة الاختصاصات سنوياً .

وفي يوليو 2018 تم التوقيع على اتفاقية لتعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية في دولة الامارات اعتباراً من سبتمبر 2018، وفي عام 2017، تم التوقيع على اتفاقية لتدريب القضاة الإماراتيين في المدرسة الوطنية للقضاء في باريس.

اما في المجال الصحي، فيعتمد التعاون على الاعتراف التدريجي بالعديد من الاختصاصات الطبية بين البلدين كما يجري العديد من الأطباء الاماراتيين فترات تدريبية وتخصصية معمقة في المستشفيات الفرنسية. وتم الاتفاق على زيادة عدد طلاب الأطباء الاماراتيين المتدربين في فرنسا من 15 الى 18 طبيبا سنوياً، وتم توقيع اتفاقية بين هيئة الصحة في ابوظبي والمستشفى الأميركي في باريس وهيئة مستشفيات باريس من أجل تامين الرعاية الصحية للمرضى الاماراتيين في باريس.

وشهدت فترة عام 2028- 2019، عام التعاون الثقافي الاماراتي الفرنسي في باريس وفي أكتوبر 2018، كان الأسبوع الثقافي الاماراتي الفرنسي في باريس و تم إنشاء إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الامارات تبث برامج ثلاث مرات أسبوعياً. وفي ديسمبر 2018 أصبحت دولة الامارات عضوا مشاركا في المنظمة الدولية للفرانكوفونية.

متحف اللوفر وجامعة السوربون - أبوظبي.

تعتبر الشراكة الثقافية بين دولة الامارات وفرنسا الأكثر تطوراً، حيث شهدت في نوفمبر 2018 افتتاح متحف اللوفر/ابوظبي وهو أول متحف عالمي في العالم العربي وأكبر مشروع ثقافي لفرنسا في الخارج والذي اعتبره الرئيس الفرنسي خلال حفل الافتتاح رسالة كونية، ورسالة ضد كل أشكال الظلامية، وسبق ذلك في العام 2006 توقيع الاتفاقية حول انشاء جامعة السوربون/ابوظبي.

المساهمات الإماراتية في مجال الثقافة.

نتج عن التعاون الثقافي الاماراتي الفرنسي إنشاء الصندوق العالمي لحماية التراث المهدد في النزاعات /ALIPH/ في عام 2016، حيث ساهمت دولة الامارات مع فرنسا بمبلغ 45 مليون دولار بالتعاون مع منظمة اليونيسكو، كما ساهمت دولة الامارات في دعم معهد العالم العربي في باريس بقيمة 5 ملايين يورو في العام 2017، وفي العام نفسه تم افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس. ومن من مبادرات دولة الإمارات في المجال الثقافي ساهمت في ترميم المسرح الامبراطوري في قصر فونتبلو التاريخي قرب باريس بمبلغ 10 ملايين يورو و تمت تسمية المسرح بإسم صاحب السموالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.

المركز الثقافي الاول للدولة في الخارج سيكون في باريس.

تعتزم الدولة العمل افتتاح اول مركز ثقافي إماراتي في باريس وهو الأول أيضاً في أوروبا، وسيشكل هذا المركز ترسيخاً للتعاون الثقافي بين دولة الامارات والجمهورية الفرنسية، ولدور الثقافة في تعزيز العلاقة بين البلدين.

متانة العلاقات السياسية والاقتصادية .

تعتبر العلاقات السياسية الإماراتية-الفرنسية على مستوى عال من التنسيق والتعاون ويتجسد ذلك في الاتصالات الدائمة بين قيادة البلدين وفي الزيارات المتبادلة.وكانت أول زيارة للرئيس الفرنسي الحالي الى الشرق الأوسط بعد انتخابه إلى دولة الامارات.

كما يجري التنسيق بين دولة الامارات والجمهورية الفرنسية في العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية وفي مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الامن والسلم في المنطقة حيث تعد الجمهورية الفرنسية الشريك الاستراتيجي الأول لدولة الامارات في أوروبا.

من الناحية الاقتصادية تعتبر دولة الامارات على رأس قائمة أهم الشركاء الاقتصاديين لفرنسا في منطقة الشرق الأوسط حيث بلغ التبادل التجاري بين البلدين عام 2018 ما يفوق 4,5 مليار يورو، وشاركت شركة مبادلة بنسبة مليار يورو أي ما يعادل 10% من رأسمال في الصندوق الاستثماري "Lac d’argent" أي بحيرة الفضة، والذي أطلقه المصرف الفرنسي للاستثمار بداية العام 2020، والذي من المفترض ان يصل رأسماله الى 10 مليارات يورو من خلال مساهمة كبرى الشركات الفرنسية فيه.

قطاع الطاقة والشراكة مع توتال وتوفير معلومات بهذا الشأن .

في مجال الطاقة، فإن شركة توتال الفرنسية موجودة في الإمارات العربية المتحدة منذ بدايات العلاقات الإماراتية-الفرنسية، ففي عام 2018، كان إنتاج توتال في أبوظبي 290 ألف برميل في اليوم.

تعد توتال شريكًا في مشروع شمس، أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم قيد التشغيل /100 ميجاوات/، تم افتتاحها في عام 2013. ومنذ عام 2001 أصبحت شريكاً في محطة الطويلة لتحلية المياه ومحطة الطاقة، والتي تنتج حوالي 20 ٪ من استهلاك المياه والطاقة في أبو ظبي. كما تتمتع المجموعة بمكانة رائدة في تصنيع وتسويق مجموعة واسعة من زيوت السيارات والزيوت الصناعية مع مصنع لمزج الزيوت في الدولة لتزويد المنطقة بأكملها.

في سبتمبر 2018 تم التوقيع على إتفاقية تعاون بين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في دولة الامارات ومعهد الوقاية من الاشعاعات والامن النووي في فرنسا والتوقيع على اتفاقية تعاون بين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في دولة الامارات والوكالة الفرنسية للطاقة المتجددة والنووية. كما بدأ التعاون بين دولة الامارات والجمهورية الفرنسية في مجال التدريب والتعليم في تكنولوجيا الفضاء في الربع الأول من عام 2019.

الحوار الاستراتيجي الاماراتي-الفرنسي أنشىء الحوار الاستراتيجي بين دولة الامارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية في عام 2007، وهو حوار سنوي يهدف الى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيزها لتصل الى مستوى الاستراتيجي. ويهدف الى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافية، والصحة والفضاء والامن إضافة الى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة. وتتم مناقشة في الاجتماع السنوي على المستوى التقني التعاون الثنائي في القطاعات في كلا البلدين. وتعتبر هذه الجلسة للعام 2020 هي الجلسة الثانية عشرة لجلسات الحوار.

يترأس الحوار الاستراتيجي من الجانب الاماراتي رئيس جهاز الشؤون التنفيذية لإمارة ابوظبي معالي خلدون خليفة المبارك، ومن الجانب الفرنسي امين عام وزارة أوروبا والشؤون الخارجية معالي فرنسوا دولار يعقد الحوار الاستراتيجي بناءً على الخطوط التوجيهية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وفخامة ايمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية.

تتضمن الجلسة الثانية عشرة مشاركة كل من: معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومعالي ريم الهاشمي وزيرة الدولة للتعاون الدولي، إضافة الى معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبو ظبي الوطنية " أدنوك " ومجموعة شركاتها و خلال الجلسة الثانية عشرة، اتفقت دولة الامارات والجمهورية الفرنسية على وضع خارطة طريق للشراكة الاستراتيجية للسنوات العشر القادمة /2020-2030/، والتي تضمن استمرارية الإنجازات المشتركة مثل انشاء اللوفر-ابوظبي وانشاء جامعة السوربون-ابوظبي، واتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها في عام 2009.

تضمنت النقاشات بين الجانبين خلال الجلسة الى عدة محاور ذات اهتمام مشترك في العلاقات الثنائية، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار، النفط والغاز، الطاقة النووية والطاقة المتجددة، التربية والتعليم، الثقافة، الصحة، الفضاء والامن المشترك.

كما ناقش الجانبان التطور في الشراكة الإماراتية الفرنسية في مجال التنمية المستدامة، ويرجع ذلك الى مذكرة النوايا التي تم توقيعها في شهر أكتوبر من العام الماضي بين سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي ومعالي جان ايف لودريان وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي.

على ضوء الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، ركز الاجتماع على توحيد الجهود المشتركة لمواجهة جائحة كوفيد-19 واحتمالية تبني سياسات وخطوات مشتركة الى ما بعد ازمة كوفيد-19، واتفق الجانبان على تعزيز شراكتهما في القطاع الصحي من خلال الشراكة في البحث العلمي والطبي إضافة الى مجال الأبحاث الطبية والصيدلانية.

اتفق الجانبان كذلك على جعل الذكاء الاصطناعي محور تعاون استراتيجي للعلاقات بين البلدين، وذلك في إطار إعلان النوايا المعروف باسم " الرؤية الى قرن الواحد والعشرين الرقمي" الموقع في فبراير 2019 بين وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير ومعالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الإصطناعي.

اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة في القطاع التعليمي، ورحب الجانبان بقرار دولة الامارات فتح مركز للتدريب الرقمي بالتعاون مع المدرسة الفرنسية الشهيرة عالمياً "مدرسة 42" /Ecole 42/.